فيينا: ظل مجلس المحافظين، ثاني أعلى سلطة تنفيذية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، منقسماً على نفسه بين مؤيد ومعارض ومتحفظ حول آخر تطورات البرنامج النووي الإيراني، وجاء البيان الختامي للمجلس بعد انتهاء اجتماعه العادي مساء اليوم ليعكس موجة التباين في مواقف وآراء التشكيلة الحالية للمجلس

فقد اوضح ميلينكو سكوكنيتش رئيس الدورة الحالية لمجلس المحافظين، وهو مندوب تشيلي، أن عدداً كبيراً من المندوبين رحبوا بمضمون التقرير الذي رفعه المدير العام للوكالة الذرية محمد البرادعي حول آخر تطورات برنامج إيران النووي، إلى كل من مجلس المحافظين ومجلس الأمن بوقت واحد في الأسبوع الماضي. كما رحبوا بالاتفاق الذي تم بين الوكالة وإيران بشأن تسوية كافة المسائل النووية الإيرانية العالقة، ونوهوا بأهمية التقدم المحرّز على هذا الصعيد.

وفي هذا السياق، أوضح البيان الرئاسي أن quot;عدة مندوبين لاحظوا باكتفاء أن المسائل الست العالقة كما هي محددة في خطة العمل الموقعة بين الوكالة وإيران في طهران قد تمّت تسويتها، وعبروا عن تقديرهم لمستوى التعاون بين الجانبينquot; في هذا الصدد.

وحسب البيان الرئاسي، فقد quot;رحب مندوبون آخرون بالتقدّم المحرّز وبموافقة إيران على تزويد الوكالة ببعض المعلومات التي كانت تسعى إليها وذلك في إطار تطبيق أحكام البروتوكول الإضافي، وخصوصاً ما يتعلق منها بأنشطة الأبحاث والتطوير العلمي واستخدام اجهزة الليزر في عملية تخصيب اليورانيوم، وتوقعوا أن يتم تطبيق اتفاق الضمانات الموقع بين الوكالة وإيران بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية منذ الآن بشكل روتيني.

كما لاحظ مندوبون آخرون أن عدة مسائل، كانت عالقة، لم تعد عالقة بعد تطبيق خطة العمل الإيرانية وعبروا عن دعم بلدانهم لعزم الوكالة على مواصلة التنسيق وأعمال التحقق الكامل والتأكد منن تصحيح أية بيانات إيرانية تتعلق بأنشطتها النووية.

وأكد البيان الرئاسي في المقابل أن مندوبين قد quot;لاحظوا بقلق بأن إحدى المسائل الرئيسية ما تزال تثير الكثير من الجدل، وهي تتعلق بمسألة الدراسات المزعومة حول مشروع الملح الأخضر، والاختبارات على المتفجرات القوية والصواريخ وحاملات الصواريخ، والتي اعتبروها مسالة حساسة للغاية وقد تكون ذات أبعاد تسلح محتمل، وقد تندرج في إطار برنامج إيرانquot; النووي.

وحثّ هؤلاء المندوبين إيران على ضرورة التعاون بمنتهى الوضوح والشفافية مع الوكالة، وإعطاء المزيد من المعلومات والوثائق حول مسألة الدراسات المزعومة. كما عبّر مندوبون آخرون عن قلقهم البالغ لأن إيران لم تلتزم بالتعهدات الواردة بقراري مجلس الأمن رقم 1737 و1747، بحكم انهما يطالبانها ضمن جملة أمور بتجميد كافة أنشطة تخصيب اليورانيوم، وطالبوا إيران بضرورة الالتزام بالتعهدات الواردة في قرار مجلس الأمن الجديد رقم 1803، وخصوصاً تجميد الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم. وفي هذا السياق، ذكر مندوبون بأن مجلس الأمن في قراره الجديدة عبر عن عزمه، من خلال قراراته الثلاثة تبني المزيد من المعايير تحت شعار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، في حال استمرت إيران بعدم تجميد أنشطة التخصيب، على حد تعبيرهم.

وحسب البيان الرئاسي، فقد أشار مندوبون إلى البرادعي في تقريره الذي قال فيه بأن الوكالة ما تزال في وضع لا يمكنها من الحكم على نوايا إيران النووية في المستقبل، وأوجسوا خيفهم من احتمال قيام إيران بتحريف أية مواد أو أنشطة نووية في المستقبل.

في حين أستشهد مندوبون آخرون بأن البرادعي في تقريره الأخيرة وتقاريره السابقة ما انفك يقول بأن الوكالة لم تعثر على أي إثبات عن و جود مواد أو أية أنشطة نووية محظورة أو أية أنشطة متعلقة بعمليات إعادة المعالجة. كما عبر مندوبون آخر عن قلق بلدانهم إزاء ما وصفوة بمماطلة إيران في المصادقة على البروتوكول الإضافي، واعتبروه خطوة بالغة الأهمية لتمكين الوكالة من الوصول إلى حالة من اليقين، والتأكد بأن البرنامج النووي الإيراني مكرّس بالفعل للإغراض السلمية.

كما أكد مندوبون غالبيتهم من ممثلي الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز على حق جميع الدول الأعضاء غير القابل للمساومة في استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية والتنموية، وحرصوا على ضرورة التمييز بين معايير بناء الثقة من خلال التجميد الطوعي لأنشطة تخصيب اليورانيوم، وبين الأحكام القانونية غير الملزمة في إطار تطبيق اتفاق الضمانات الشاملة.

كما طالب مندوبون عرب المجتمع الدولي بضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وحذروا من مغبة ومخاطر القيام بأي تهديد أو الهجوم على أي من المرافق النووية المعدة للأغراض السلمية، واعتبروا مثل هذه الخطوة بأنها ستشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي. كما أكد مندوبون آخرون على أن الوكالة الذرية هي المنظمة الدولية المعنية بالتحقق من أي انتهاك لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وطالبوا الوكالة بمواصلة العمل على تسوية المشكلة الإيرانية.

وخلص رئيس مجلس المحافظين بيانه إلى التأكيد على أهمية المفاوضات والحوار بين كافة الاطراف المعنية بملف البرنامج النووي الإيراني، وذلك في إطار البحث عن تسوية شاملة، مشيراً إلى صفقة الحوافز التي طرحتها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا بشأن إيران، وبدعم الاتحاد الأوروبي تشكل خطوة نحو الحل المنشود، على حد تعبيره.