باريس: قال محللون وساسة أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ضحى بخطته الطموحة لإقامة إتحاد لدول البحر المتوسط لإنقاذ علاقاته المتوترة مع ألمانيا. وإتفق ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على حل وسط يوم الإثنين بشأن مسعى فرنسي لاقامة منتدى جديد للدول المطلة على البحر المتوسط يضع المشروع تحت اشراف الاتحاد الاوروبي بكامل أعضائه.
وأشارت تعليقات لمسؤولين وقبل نشر التفاصيل الكاملة للاتفاق الى أن الاتحاد المتوسطي الذي يتطلع اليه ساركوزي سيتحول بشكل رئيسي الى صيغة لمبادرة الاتحاد الاوروبي القائمة المعروفة باسم عملية برشلونة في غلاف جديد. وقال جاك ميار وهو برلماني فرنسي في حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية حزب ساركوزي quot;هذا الاتفاق بين فرنسا وألمانيا... يبدو كنذير بموت الاتحاد المتوسطي.quot;
وكانت ألمانيا هددت بالاعتراض على الخطة الاصلية خشية أن تؤدي الى تفتيت الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 دولة وأن يقلص نفوذها في منطقة المتوسط الحساسة. وأضاف ميار quot;أضاعت فرنسا باذعانها للمطالب الالمانية فرصة تاريخية لاقامة كيان أساسي للعلاقات بين الشمال والجنوبquot; ليكشف عن التوترات التي تعاني منها الشراكة الفرنسية الالمانية.
وهذه التوترات تراكمت بشكل متواصل منذ أن تولى ساركوزي السلطة في مايو ايار الماضي نظرا لان ألمانيا لجمت أسلوبه المفعم بالنشاط في ادارة شؤون الحكم وانتقاده لاستقلالية البنك المركزي الاوروبي وتبنيه نهجا مستقلا في السياسة الخارجية وميوله الحمائية على ما يبدو. وكان الخلاف على الاتحاد المتوسطي رمزا لكل المشكلات بين الثنائي الذي كان مفعما بالفعالية كما هدد بتعثر رئاسة فرنسا الدورية للاتحاد الاوروبي التي تستمر ستة أشهر تبدأ في يوليو تموز المقبل.
وقالت دانييلا شافرتزر وهي خيبرة في الشؤون الفرنسية في المعهد الالماني للشؤون الدولية والامنية quot;اعتقد أن (هذا الاتفاق) اعتراف من الفرنسيين بأنهم في حاحة الى دعم ألمانيا كي تكون رئاستهم للاتحاد الاوروبي ناجحة.quot; وتقبل هنري جينو مستشار ساركوزي وهو قوة دافعة وراء مشروع الاتحاد المتوسطي الحل الوسط الفرنسي الالماني بشجاعة قائلا ان النتيجة النهائية ستكون تحسينا ملحوظا في عملية برشلونة التي لا تحظى بتأييد كبير والتي تنتقد على نطاق واسع لانها بيروقراطية أكثر من اللازم.
وقال جينو لرويترز quot;الفكرة هي تنقيح عملية برشلونة من القمة الى القاع وتحويلها الى شراكة بين متساوين.quot; وتابع قائلا quot;الامر الرئيسي هو عدم الانزلاق ثانية في عدم ملاءمة عملية برشلونة والاختلال بين الشمال والجنوب بالتعامل مع الجنوب كتابع للشمال.quot; وأضاف quot;يجب الان أن نرى كيف سيعمل من منظور مؤسسي.quot;
وقد يتبين أن التغلب على الشكوك الالمانية هو المشكلة الاسهل. ويتعين على فرنسا الان أن تقنع كل دول البخر المتوسط بما في ذلك الدول العربية التي لا توافق على مشاركة اسرائيل بالانضمام. كما ستحتاج الى أموال ومشروعات تشد الانظار. وقالت دوروثي شميت وهي باحثة متخصصة في شؤون البحر المتوسط والشرق الاوسط في مركز أبحاث المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية quot;المشروع الفرنسي حصل على بداية سيئة ومحتواه غامض للغاية.quot; وأضافت quot;هناك علامة استفهام حقيقية بشأن من سينضم اليه... ومن الصعب للغاية أن نرى أي مساحة لاتفاقيات جديدة للتعاون. كل شيء أنجز عمليا بالفعل.quot;
والفكرة الكبيرة لدى ساركوزي هي اقامة اتحاد يحقق السلام والرخاء لمنطقة تمزقها التوترات. وتخشى تركيا وحلفاؤها من أن خطة فرنسا السرية هي الهاء أنقرة عن سعيها للاتضمام للاتحاد الاوروبي وهو أمر تعارضه باريس. وتخشى ألمانيا من ناحية أخرى من أن باريس تخطط للاعتماد على أموال الاتحاد الاوروبي وتستحوذ على كل النفوذ الذي يشتمل عليه ذلك. وفرنسا التي تواجه ساترا من الشكوك كبحت بالفعل خططا لانشاء ما يصل الى تسع وكالات جديدة وبنك لمنطقة المتوسط. ومن المرجح أن تركز الان على مشروعات عملية مثل تقوية خطوط النقل وتحسين البيئة.
ولا يزال ساركوزي يأمل رغم الانتكاسات في اطلاق مشهود عندما يستضيف قمة كبيرة لزعماء دول الاتحاد الاوروبي والبحر المتوسط في 14 يوليو تموز القادم بمناسبة العيد الوطني لفرنسا. وقالت شميت quot;من الناحية الرمزية من المهم للغاية بالنسبة للفرنسيين أن ينظموا قمتهم الخاصة بهم... لا يزال هناك الكثير الذي يتعين تنظيمه لكن اذا نجحت فرنسا في جذب عدد كبير من المشاركين فان ذلك في حد ذاته سيكون نجاحا دبلوماسيا.quot;
التعليقات