صنعاء: اعلنت مصادر مسؤولة في وزارة الداخلية اليمنية أن حملة منع حمل ودخول السلاح أسفرت حتى يوم الأربعا ء ا لماضي عن ضبط 92028 قطعة سلاح مختلفة منها 3071 قطعة ضبطت داخل عواصم المحافظات.

كانت وزارة الداخلية اليمنية قد بدأت تنفذ خطة لمنع حمل السلاح النارى فى امانة العاصمة (صنعاء) وعواصم المحافظات منذ 23 اغسطس الماضى. ووفقا للاحصائيات الرسمية، انخفض عدد الحوادث الجنائية بشكل كبير فى انحاء اليمن منذ تنفيذ هذه الخطة.

ولكن محللين هنا اشاروا الى ان منع حمل السلاح فى اليمن طريقه لايزال طويلا وشاقا، فان حمل السلاح يعتبر مشهدا مألوفا في كثير من المناطق اليمنية، حتى غدا في بعضها عادة وتقليدا يحرص الكثير على حمله. وان كان هذا التقليد قد تتفاوت مشاهدته من محافظة لأخرى، فان محافظة مأرب الواقعة شمال شرق العاصمة اليمنية (صنعاء) تعد من المحافظات التي يتميز مجتمعها بحمل السلاح النارى والتمنطق به بصورة لا تخطئها العين شاملا كافة الأعمار، والشرائح والطبقات من أبناء المجتمع ، حتى غدا ينظر للذى لا يحمله نظرة قاصرة في مجتمع لا تزال العادات والأسلاف القبلية تحافظ على مكانتها.

وفي مثل هذا المجتمع الذى ينشأ الأطفال فيه على هذا التقليد، يحدث ذلك غالبا بصورة تلقائية في نفوسهم عندما يرون المجتمع يحرص على حمل السلاح، فنجدهم ينتظرون اليوم الذى يقتنيه أو يتمكنون من حمله والزهو به أمام أقرانهم وأمام المجتمع، بل ان اقتناء السلاح فى اليمن يعتبر من المطالب المبكرة للأبناء ولا يضاهيه في المطالب في خلد الصغار.

وظاهرة حمل السلاح والتفاخر به في المجتمع اليمنى تعدت مبكرا امتلاك الأسلحة الخفيفة والآلية التي أضحت بحوزة الجميع، بل تعداها إلى تملك الأسلحة المتوسطة والثقيلة التي تتناسب بشكل طردى مع مكانة القبيلة، وحجم تأثيرها في محيطها وكم نزاعها مع الفرقاء ومدى تناسبها مع أهدافها.

ويرى رجال القبيلة حمل السلاح واقتنائه من المعيار الأمثل لكسب الرهان في مجتمع تسوده ثقافة القوة، الأمر الذى يدفع أفراد المجتمع للحرص على حمل السلاح، حتى إن الرجل ليخجل من الخروج من بيته أو التنقل بدون حمله، ومرجعهم في ذلك المقولة السائدة quot;المرء لا يحتاج سلاحه فى حياته إلا مرةquot; بمعنى أنه قد يصادف الرجل طارئا يجلب له العار إن لم يجد السلاح لدفعه.

وعلى الرغم من أن حمل السلاح بتلك الصورة المكثفة يسهم فى حدوث النزاعات ومشاكل الثأر المسلحة، ويساعد على عدم تقارب وجهات النظر في نطاقات واسعة لهذا المجتمع، إلا أن الكثير من المعايشين لواقع المجتمع اليمنى يلحظون تقنينا لاستخدامه السلبى كالتعدي به على الآخرين بدون سبب أو الإفراط في استخدامه مقارنة مع حجم انتشار الظاهرة في ظل مجتمع تحكمه كثير من الأعراف والأسلاف الرادعة لإشهار السلاح والتعدى به على الغير دون سبب منطقي.

وقد شكل ارتفاع أسعار السلاح بكافة أشكاله إلى الضعف منذ ما يزيد عن العام أمرا مثيرا لاهتمام المجتمع اليمنى الذى يشكل السلاح فيه إحدى السلع الرائجة والمتداولة، وكثرت الأقاويل حول أسباب تلك القفزة الكبيرة في أسعاره، وتباينت وجهات النظر حول تلك القفزة المفاجئة، لكن الكثيرين عزوا ذلك للحملة التى تبنتها الدولة وتستهدف سحب السلاح وشرائه من المواطنين، وراح البعض إلى إن وقف استيراد السلاح أو التقليل من ذلك كان سببا فى ارتفاع أسعاره.

ومهما تكن الأسباب فان ذلك الارتفاع لم يحد من ظاهرة حمل السلاح لقدرة الكثير من شرائح المجتمع على اقتنائه.

ورغم خطر خطة حمل السلاح داخل عواصم المحافظات اليمنية، الا أن هناك من لا يولى ذلك القانون اهتماما خصوصا من ذوى النزاعات وقضايا الثأر.

ويحرص البعض للتحايل على قوانين منع السلاح، وإدخال الأسلحة للمدن ويبررون ذلك بما يعانونه من مشاكل النزاعات والثار ، ويرون أن قانون منع السلاح وحيازته في المدن كالعربة التي وضعت أمام الحصان، إذ يطالبون بحل قضايا الثأر وتسوية النزاعات، وذلك كفيل بتركه طواعية في ظل عدم الارتكان على المؤسسة الأمنية التي يرى بعض المشايخ ضرورة تحملها واجباتها في حماية المواطن بموازاة تجريده من سلاحه.