واشنطن : لم يكن الكابتن جارون وارتون بالجيش الأميركي أتم 30 عاما عندما خدم في حرب العراق مرتين ولمدة عام في كل مرة وشعر بالعبء الثقيل الواقع على كاهل الجنود وشهد تغير الطريقة التي يقاتل بها الجيش.وخبرات وارتون هي انعكاس من وجوه عدة لخبرات الجيش ككل في السنوات الخمس منذ أن قادت القوات الأميركية غزو العراق وتقدمت بسرعة إلى بغداد للإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين.

وقال وارتون مسترجعا الأيام الأولى quot;كانت دورياتنا تعامل مثلما يعامل الأشخاص الذين يرتدون ملابس منتفخة على شكل دمى في استعراض (تقدمه متاجر) ماسي (في شوارع نيويورك) في عيد الشكر.quot; واستطرد يقول quot;الناس كانوا حقا سعداء جدا.quot;لكن مع تراجع مشاهد الغبطة وتطور الهجمات المسلحة القاتلة أصبح العراق اختبارا يواجه الجيش الاميركي دون تمهيد منذ أن خاض قتالا من أجل الاستقلال عن بريطانيا ابان الحرب الثورية في الفترة بين 1775 و1783 .

وقتل ما يقرب من 4000 جندي أميركي في العراق قتل ما يزيد على 3200 جندي منهم في العمليات. وأصيب ما يقرب من 30 ألفا.وعندما عاد وارتون الى العراق في نوفمبر تشرين الثاني 2005 في بداية فترة خدمته الثانية هناك وجد مناخا أكثر صعوبة. ويتذكر أن سارجنت تعرض لثلاث تفجيرات أثناء دورية مدتها 18 ساعة.ويقضي بعض الجنود الاميركيين فترة خدمتهم الثالثة أو الرابعة الان. وجرى تمديد مدة الفترة من عام الى 15 شهرا ويفصل بين فترة وأخرى عام واحد فقط يقضيها الجندي في بلده.

وقال وارتون ان طول مدة فترة الخدمة كان له تأثير كبير على العلاقات الشخصية. وزوجة وارتون كابتن في الجيش الاميركي وخدمت أيضا مرتين في العراق.وخدم وارتون أيضا في أفغانستان.واضاف وارتون الذي كان يتحدث في هوفر بولاية ألاباما quot;في معظم هذه الفترات لا تبقى الصديقة حتى النهاية.quot; واستطرد قائلا quot;علاقات الخطوبة تتأثر أو تنتهي.. بل ان الزوجات يذهبن أحيانا.quot;

ووجد مسح أجراه الجيش أن أكثر من جندي من بين كل أربعة جنود أميركيين في فترة خدمتهم الثالثة أو الرابعة في العراق يعانون من اضطرابات في الصحة العقلية.والى جانب الاضرار التي تلحق بالعلاقات الشخصية كان للحرب أثر كبير على المؤسسة العسكرية قبل كل شيء التي تضطلع بالعبء الاكبر للقتال.وكشفت الحرب عن نظام طبي غير مجهز بشكل جيد لتقديم رعاية طبية طويلة الاجل لعدد كبير من المحاربين المصابين.

وقلصت قدرة الجيش الاميركي على خوض حرب أخرى كبيرة. ويقول القادة انه من المرجح أن تتولى القوات الجوية والبحرية القيادة اذا نشبت حرب أخرى لان القوات البرية تعمل بكامل طاقتها.ودفعت الضغوط الولايات المتحدة للبدء في توسيع الجيش بنحو 65 ألف جندي ليصل اجمالي القوة الى 574 ألفا. كما تتزايد قوات مشاة البحرية.

ورغم الحرب استمر الجيش في تلبية أهداف التجنيد ولكن المنتقدين يقولون انه خفض مستوى معايير التجنيد.وعرض الجيش حوافز نقدية ليجذب مجندين ويبقي على ضباط من الرتب المتوسطة مثل وارتون الذي يقضي الان منحة في مركز أبحاث في واشنطن يسمى مركز الامن الاميركي الجديد لكنه لا يزال أحد أفراد الجيش.

وقال وارتون الذي كان يجلس في مقصف بالبنتاجون (مبنى وزارة الدفاع الاميركية) quot;الناس معجبون بمرونة جنودنا.quot; وتابع قائلا quot;لا بد من امتداح هؤلاء الجنود لانهم أقوياء ومثابرون.quot;وبعيدا عن ضغوط الحرب أشعلت حرب العراق أيضا نقاشا جوهريا حول مستقبل الجيش.

وقال اللفتنانت كولونيل جون ناجل quot;لدينا جيش مصمم كي يقتل ويدمر ومازلنا في حاجة لجيش قادر على أن يفعل ذلك.quot;لكن ناجل الذي ألف كتابا بعنوان quot;تعلم أن تحتسي المرقة بسكينquot; عن محاربة العصيان المسلح استطرد قائلا quot;لكننا نحتاج أيضا وعلى نحو متزايد لجيش يمكنه مساعدة الناس وقادر على البناء.quot;

وشكلت تلك الرؤية وعلى نحو متزايد الاستراتيجية الاميركية في العراق لاسيما مع تولي الجنرال ديفيد بتريوس وهو خبير اخر في مكافحة العصيان المسلح قيادة القوات الاميركية في بغداد في أوائل العام الماضي.وحرك بتريوس مدعوما بزيادة في القوات قدرها 30 ألف جندي قواته بعيدا عن القواعد الكبيرة لحماية العراقيين والمساعدة في توفير خدمات أساسية.

وتبنى ضباط كبار دفعتهم تجربة العراق فكرة ضرورة أن يكون الجيش جاهزا للقيام بالمزيد في مهمة quot;بناء الدولةquot; والتي كانت من المحرمات في ادارة الرئيس جورج بوش للمساعدة في استقرار الدول التي يمكن أن تتحول الى ملاذ لمتشددين اسلاميين.وقال ناجل quot;كانت الدول القوية أكثر من اللازم أكبر تهديد للامن الدولي.quot; ومضى يقول quot;ولكنني أزعم أنه في القرن الحادي والعشرين فان الدول الاضعف من اللازم تشكل نفس القدر من التهديد على الاقل.quot;وأشرف بتريوس على اعداد دليل جديد لمكافحة العصيان المسلح شارك ناجل في كتابته يشدد على أهمية المهام غير القتالية وصدر في ديسمبر كانون الاول عام 2006 . ونشر الجيش دليلا أكثر توسعا في الشهر الماضي طور كذلك عمليات الاستقرار.

ويقول بعض الضباط والمحللين ان الجيش لا يزال في حاجة الى مزيد من الاصلاح للتخلص من تفكير الحرب الباردة وتبني فكرة الحرب غير التقليدية. ويريد ناجل تشكيل قوة قوامها 20 ألفا لتدريب جيوش الدول الصديقة.وقال quot;رغم أنه يوجد لدينا الان جيش يدرك أنه في حاجة لان يبني ويحمي لكننا لم ننشيء بعد الجيش الذي يمكنه أن يفعل هذه الاشياء.quot;