نجلاء عبد ربه من غزة: لم يكن إصطفاف عشرات السيارات العمومية والخاصة في طابور يمتد لأكثر من 150 متر أمام محطة عالية للبترول، أمر بسيط بالنسبة للمحامي يونس الأغا، فالرجل ركن سيارته بعد صلاة العصر مباشرة، لتقف سيارته أول الطابور.

هذا المحامي جهّز نفسهن كما يقول باكراً حتى لا يضطر لركن سيارته في كراج منزله. وقال quot; منذ 5 أيام لا يوجد بنزين في كافة محطات الوقود بقطاع غزة، لقد حاولت جاهداً الحصول على عدة لترات من البنزين، دون جدوىquot;، لهذا يؤكد الأغا، quot; عندي إستعداد أن أنتظر منذ صلاة الفجر حتى مغيب الشمس لأحصل على كمية ولو بسيطة من البنزينquot;.

مهنة الأغا كمحامي لا تتطلب إلحاحه الشديد للحصول على بنزين، ولكن ماذا عن سيارات الأجرة، وهي ما يعتاش من خلالها سائقي تلك السيارات هم وأسرهم. فبحسب سائق سيارة أجرة quot;إبراهيم وشاحquot; فإن الأمر غاية في الخطورة، في حال توقفت سيارات الأجرة عن الحركة تماماً، ويعتقد بذلك أن quot;كافة مناحي الحياة ستتوقف كالتعليم الأساسي والجامعي والمؤسسات الحكومية وغيرها الكثيرquot;.

بيد أن الطبيب محمد عبد الخالق يشعر بالحرج إذا ما وقف ينتظر كما غيره من آلاف السيارات المنتظرة أمام محطات الوقود لتتزود ببعض لترات البنزين والسولار، فهو كما يقول لـ quot;إيلافquot;، quot;يتعطل عملي تماماً سواء في المستشفى أو في عيادتي الخاصة، وبالتالي أقع في حيرة من أمريquot;، ولهذا إضطر الطبيب أن يتصل بأكثر من صاحب محطة بترول في مدينته، ليقنع أحدهم بأن يضع 18 لتراً من البنزين في جالون، على أن يحضر الطبيب بعد إنتهاء دوامه لأخذهم.

حالة محطات وشركات البترول والغاز في قطاع غزة، حذر منها الدكتور محمود الخزندار نائب رئيس جمعية أصحاب شركات البترول، من مخاطر استمرار الاحتلال الإسرائيلي تقليص كميات الوقود التي يوردها لقطاع غزة، مؤكداً أن الكميات التي يوردها للقطاع باتت لا تسد الحاجات الأساسية، الأمر الذي ينذر بكارثة.

وأكد الخزندار أن سلطات الاحتلال تدخل 800 ألف لتر من السولار للقطاع أسبوعياً ما يمثل (30%) من احتياجاته، بالإضافة إلى 70 ألف لتر بنزين، حيث تمثل الكمية الواردة أقل من (6%) من الحاجة اليومية للقطاع وهي 120 ألف لتر، موضحاً أنه يتم اقتطاع ما يلزم من وقود للنواحي الأساسية الحياتية كالصحة وسيارات الإسعاف وآبار المياه والصرف الصحي من الكمية الواردة، كما يتم توزيع الباقي بعد تجمعيه كل أسبوعين أو أكثر على المواطنين عبر محطات توزيع الوقود وذلك بشكل متساوي على جميع مناطق القطاع.

رجل الأعمال محمد العبادلة وعضو مجلس إدارة جمعية أصحاب شركات البترول والغاز والمحطات الصغيرة أكد لـ quot;إيلافquot; أن حصته أمس كانت فقط 2000 لتر من السولار، وقد بيعت جميعها في أقل من ساعة، موضحاً أن ربح بيع تلك الكمية لا يتجاوز 120 شيكل quot;40 دولارquot; وهو لا يكفي بالكاد الإلتزامات الثابتة اليومية.

وأشار رجل الأعمال إلى أن قطاع غزة بحاجة من 11 مليون إلى 13 مليون لتر سولار وبنزين شهرياً، بالإضافة إلى 500 طن من زيوت السيارات المختلفة، وإلى ما يقرب من 60000 طن من الغاز المتوسط quot;المنزليquot;، كي يسد إحتياجات قطاع غزة الذي يبلغ تعداده مليون ونصف مليون مواطن فلسطيني في الشهر الواحد.

وأوضح العبادلة لـ quot;إيلافquot; أن برنامج الحصار الإسرائيلي والتقنين بدأ منذ سيطرة حماس على قطاع غزة، حتى وصلت نسبة التقنين إلى 20% فقط من الكمية الاّنفة الذكر، مؤكداً أن إسرائيل منعت منذ أكثر من ستة شهور إدخال أي نوع من زيوت السيارات. وأشار إلى الخسائر اليومية لشركات قطاع البترول تقدر بمليون ونصف مليون شيكل يوميا quot;150 ألف دولارquot;.

وبيّن العبادلة أن التشديد الإسرائيلي بلغ ذروته مع بداية العام الحالي، وقال quot;قطاع غزة يحتاج يوميا لـ 120 ألف لتر بنزين إلا أن إسرائيل ترسل فقط 10 آلاف لتر، ويحتاج نحو 850 طن غاز طبخ يومياً، لكن شركة quot;دورquot; الإسرائيلية التي تزود قطاع غزة بالبترول يدخل للقطاع ما بين 200 إلى 250 طن فقطquot;

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية أطلقت يد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر في قطاع غزة، وخاصة في موضوع الوقود والمحروقات، وربطت مسألة تزويد غزة بالبترول، بدواعي أمنية وسلامة دولة الاحتلال.