دايتون (الولايات المتحدة)، البصرة (العراق)، وكالات: دافع الرئيس الاميركي جورج بوش عن معدل تقدم الاصلاحات السياسية والاقتصادية في العراق يوم الخميس واتهم اعضاء بالكونغرس الاميركي quot;بترهيبquot; بغداد وتهديد زعمائها.

وأشاد بوش أيضا برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لشنه quot;معركة ضارية على مقاتلي الميليشيات والمجرمينquot; في مدينة البصرة الغنية بالنفط بوصفها دليلا على ان بغداد اصبحت قادرة بشكل متزايد على معالجة الامن بدون قيادة الولايات المتحدة.

وتأتي كلمة بوش في المتحف القومي لسلاح الجو الاميركي في دايتون بولاية اوهايو في اطار سلسلة من الخطب العامة التي يلقيها للدفاع عن الحرب المستمرة منذ خمسة اعوام في العراق قبل شهادة قائد القوات بالعراق امام الكونغرس وصدور قراره الشهر القادم بشأن الخطوات التالية في العراق بعد زيادة عدد القوات الاميركية هناك العام الماضي.

ويجادل بوش بان الزيادة في مستويات القوات الاميركية في العراق ستخفض مستوى العنف وتعطي الحكومة في بغداد الوقت لسن الاصلاحات السياسية وتدريب قواتها الامنية على الاضطلاع بمهام الشرطة والدفاع العسكري.

ويقول الديمقراطيون ومنتقدون آخرون للحرب انه على الرغم من تراجع مستويات العنف فان العراق لم يحرز أي تقدم سياسي يُذكر وانه يتعين على الولايات المتحدة ان تحدد جدولا زمنيا للانسحاب بهدف الضغط على بغداد للتحرك بشكل اسرع. ورفض بوش يوم الخميس هذه الانتقادات.

ورفض السناتور تشوك هاجل عن نبراسكا وهو من قدامى حرب فيتنام ومنتقد جمهوري للحرب تأكيدات بوش ان العراق حقق تحسنا ملحوظا وقال لشبكة تلفزيون سي.ان.ان quot;لايزال هذا الوضع غير مستقر ومحفوفا بالخطر.quot;

وقال عن تصوير بوش للحرب quot;أعتقد ان هذه حلقة أخرى من أليس في بلاد العجائب فكل شيء معكوس. فماذا تعني بالاستقرار والأمن.. وبغداد على سبيل المثال كانت في العام الماضي في جوهرها منقسمة عرقيا.quot;

ورفض بوش الانتقادات لسير الحرب في العراق يوم الخميس.

وقال quot;قرر بعض أعضاء الكونغرس ان افضل وسيلة للتشجيع على إحراز تقدم هي انتقاد الزعماء العراقيين وتهديدهم في الوقت الذي يحاولون فيه تسوية خلافاتهم.quot; وأضاف quot;لكن الترهيب ليس الشيء الذي يحتاج اليه زعماء العراق.quot;

وقال ان ما يحتاج اليه العراقيون هو الامن quot;وهذا ما حققته زيادة القوات (الأميركية).quot;

واضاف بوش quot;عندما يستغرق العراقيون وقتا للتوصل الى اتفاق فانه ليس تباطؤا كما وصفه احد اعضاء مجلس الشيوخ.quot;

وقال quot;انهم يكافحون لبناء ديمقراطية حديثة على انقاض ثلاثة عقود من الطغيان.quot;

وعلى الرغم من ضغوط المواطنين الاميركيين لاعادة القوات من حرب لا تحظى بالتأييد الا ان بوش قال ان اي قرار في هذا الشأن سيعتمد على توصيات من القادة على الارض وحذر من ان المكاسب الامنية قد تتلاشى بسهولة اذا لم يكن العراق مستعدا للاضطلاع بمزيد من المسؤوليات.

وقال quot;في الوقت الذي ابحث فيه الخطوات التالية فسوف اتذكر دائما ان التقدم الذي يحرز في العراق حقيقي انه قائم بالفعل ولكن يمكن فقدانه.quot;

وسيقدم قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس تقريرا للكونغرس عن الاوضاع في العراق في اوائل ابريل نيسان القادم. وسيكمل الجيش سحب حوالي 20 الف جندي بحلول يوليو تموز تاركا نحو 140 الف جندي في العراق وهو تقريبا نفس العدد الذي كانت عليه القوات قبل زيادة العام الماضي.

ومن المتوقع ان يوصي بتريوس بفترة توقف في سحب القوات لتجنب فقدان المكاسب التي تحققت خلال الاشهر الماضية.

ووصف بوش القتال الدائر في البصرة بانه دليل على تنامي قدرات الامن العراقي قائلا ان العراقيين خططوا للحملة ويتولون قيادتها ويوفرون القوات الاضافية لها.

وقال بوش quot;القرار الجريء لرئيس الوزراء المالكي..وهو قرار جريء.. بملاحقة الجماعات غير المشروعة في البصرة يدل على زعامته والتزامه بتطبيق القانون بطريقة عادلة.quot;

واضاف quot;انه يوضح ايضا التقدم الذي احرزته قوات الامن العراقية خلال زيادة القوات الاميركية.quot;

وشنت الحكومة العراقية عملية عسكرية كبيرة في البصرة يوم الثلاثاء على احياء في المدينة تتمتع فيها ميليشيا جيش المهدي الموالية لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بوجود كبير.

وقاد الصدر وهو مناهض شديد للولايات المتحدة انتفاضتين على القوات الاميركية في عام 2004 لكنه نال الثناء لمساعدته في الحد من العنف العام الماضي عندما امر قواته بوقف اطلاق النار. وساهم في تولي المالكي السلطة في عام 2005 لكنه اختلف معه في وقت لاحق.

واسفرت العملية الدائرة في البصرة والتي وصفتها حكومة بوش بانها معركة بين الحكومة من جهة وعصابات اجرامية وميليشيات غير شرعية من جهة اخرى عن مقتل اكثر من 130 شخصا واثارت احتجاجات غاضبة واعمال عنف في بغداد شملت حي الصدر الفقير.


الأهمية الاستراتيجية للبصرة، وابعاد الصراع عليها

هذا وتعتبر مدينة البصرة التي تقع على سواحل الخليج هي بوابة العراق البحرية الوحيدة وهي مركز محافظة البصرة وثاني اكبر مدينة عراقية من حيث عدد السكان بعد العاصمة بغداد. ويبلغ عدد سكانها اكثر من 2.6 مليون نسمة حسب احصاء عام 2003.

والبصرة هي المنفذ البحري الوحيد للعراق الذي تخرج منه أغلب الصادرات العراقية من النفط ويتم عبره استيراد نسبة كبيرة من واردات العراق.

وفيها ايضا اكبر حقول النفط العراقية مثل حقل الرميلة الذي يعتبر من اكبر واهم الحقول النفطية في العالم.

كما تقع المدينة على شط العرب ملتقى نهري الفرات ودجلة عند القرنة شمالي البصرة.

وكانت المدينة قد شهدت معارك كبيرة ابان الحرب العراقية الايرانية التي دامت ثمانية اعوام وتعرضت حقولها النفطية الي دمار كبير، كما قامت القوات الايرانية بإغلاق مرفأ البصرة العراقي، مما اضطر العراق الى استخدام المرافىء الكويتية.

البصرة بعد 2003
بعد الغزو الاميركي للعراق عام 2003 واسقاط نظام حكم صدام حسين، تولت القوات البريطانية مسؤولية الامن في محافظة البصرة الى جانب مدن عراقية اخرى في الجنوب.

شهدت المدينة عددا من المواجهات المسلحة بين القوات البريطانية والمسلحين في المدينة وخاصة عناصر جيش المهدي الى ان انسحبت من المدينة خلال العام الفائت وتمركزت في قاعدة القصر الواقعة على شط العرب.

لكنها بقيت تتعرض لهجمات المسلحين اثناء مرور قوافلها في شوارع المدينة لتأمين الامدادات لقواتها، فتعالت الاصوات المنادية بانسحابها من قاعدة القصر في كل من بريطانيا والعراق لانها لم تعد تتولى أي مهام داخل المدينة.

سلمت القوات البريطانية الملف الامني في البصرة الى الحكومة العراقية بشكل رسمي اواسط ديسمبر/ كانون الثاني من العام الماضي وتمركزت في قاعدة المطار الواقعة على بعد 25 كم من مدينة البصرة.

صراع على النفوذ
وفي اعقاب ذلك برز الى السطح التنافس الذي كان يجري تحت السطح بين التيارات الشيعية المتصارعة للسيطرة على المحافظة ذات الموارد الكبيرة وخاصة النفط.

كما انتشرت المليشيات التي فرضت سطوتها على المدينة وفرضت قوانيها حيث اجبرت النساء على التحجب وقتلت العشرات منهن بحجة خروجهن على الشرع.

صراع على الموارد
تتصارع مختلف القوى السياسية الى جانب عصابات الجريمة المنظمة للسيطرة على الموارد الضخمة في المدينة وفرض الاتاوات على مختلف النشاطات التجارية وانتاج وتصدير النفط.

وتقدر بعض الاوساط ان عوائد عمليات تهريب النفط تتجاوز مئات الملايين من الدولارات سنويا وتتقاسمها مختلف المليشيات والاطراف السياسية مما يوفر لها مصدر تمويل لتعزير نفوذها ونشاطاتها.

يتنافس على النفوذ في محافظة البصرة أحزاب إسلامية شيعية هي: حزب الفضيلة الذي له اغلبية في مجلس المحافظة وينتمي اليه المحافط محمد الوائلي، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والمجلس الاسلامي الاعلى في العراق بزعامة عبد العزيز الحكيم .

ويسعى التيار الصدري والمجلس الاسلامي الاعلي الذي يسيطر على عدد من الاجهزة الامنية في المدينة والمرفأ الى ازاحة الوائلي من منصبه منذ مدة طويلة لكنهما فشلا حتى الان.

ويقول التيار الصدري ان الحملة الحالية ضده اتباعه تهدف الى منعه من المشاركة الفاعلة في الانتخابات المحلية المقبلة ومنعه من السيطرة على مجالس عدد لا يستهان به من مدن جنوب العراق ومن بينها البصرة حيث قاطع التيار الانتخابات الماضية مما ادى الى سيطرة انصار الحكيم والفضيلة على مدن جنوب العراق.