بيروت، وكالات: يبدو أن سياسة quot;المحطاتquot; في ظل الجمود السياسي الحاد الذي يمرّ به لبنان مستمرة بالرغم من كثرة المبادرات والمساعي العربية والدولية. فبعد محطة قمة دمشق، يُتداول بمحطات أخرى لملء الحياة السياسية بإنتظار متغيرات محلية وإقليمية وحتى دولية تؤدي إلى ولوج مخرج للأزمة، وأقربها حتى الآن محطة quot;الحوار المستنسخquot; التي يلوح بها الرئيس نبيه بري، ومحطة عودة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت واعطاء دفع جديد للمبادرة العربية.

واكدت اوساط معنية لـصحيفة quot;النهارquot; ان الاتصال بين رئيس الوزراء فؤاد السنيورة والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى امس، غداة انتهاء اعمال القمة، لم يُظهر معطيات جديدة تعكس بلورة خطة معينة او موعداً جديداً بعد للتحرك الذي يفترض ان يضطلع به الامين العام، ورجّحت ان تكون المرحلة القصيرة التي ستعقب القمة مرحلة تلمس لما يمكن القيام به وسط انقسام حاد كبير افرزته القمة حيال ما تطالب به الحكومة من وضع العرب يدهم على ملف العلاقات اللبنانية ndash; السورية كخطوة اساسية لمعالجة الازمة، وما دفعت دمشق في اتجاهه في القمة بحصر الازمة في الخلاف الداخلي اللبناني.

وفيما اكد الامين العام للجامعة مساء امس في اتصال اجرته معه quot;النهارquot; انه لم يقرر بعد موعد عودته الى بيروت، افادت مصادر وزارية لصحيفة quot;الحياةquot; في بيروت ان المعطيات السياسية لم تتغير، بعد القمة العربية، في اتجاه تشجيعه على تقريب موعد مجيئه. ولفتت المصادر الى ان موسى سيعود الى بيروت عاجلاً أم آجلاً، ولكن ليس قبل منتصف الشهر الحالي، إلا إذا تبدلت المعطيات واستدعت مجيئه لرعاية اتفاق الأطراف اللبنانيين على آلية لتطبيق المبادرة العربية. هذا، وتوقع السفير السعودي عبد العزيز خوجه بعد زيارته السراي الحكومي ان يواصل موسى quot;جهوده الحثيثة لتنفيذ المبادرة العربية في اقرب وقتquot;.

أما على صعيد نفض رئيس مجلس النواب quot;الغبارquot; عن طاولة الحوار، علم موقع quot;nowlebanon.comquot; من مصادر موثوقة مقرّبة من عين التينة أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبعد مشاركته في الجمعية البرلمانية الأورومتوسطية التي انعقدت في اليونان، باشر حاليًا جولته الخارجية التي كان قد كشف مؤخرًا نيّته القيام بها لبحث الملف اللبناني مع الدول المعنية تمهيدًا لدعوة الأقطاب اللبنانيين إلى طاولة حوار جديدة تُعنى بإيجاد صيغة تفضي إلى حلّ الأزمة اللبنانية الراهنة.

وذكرت مصادر مقربة من بري لصحيفة quot;الحياةquot; ان رئيس المجلس quot;يقوم حالياً باستكشاف الأجواء العربية بعد القمة ليكون في إمكانه اتخاذ القرار النهائي في شأن الدعوة الى الحوار، خصوصاً انه كان أشار الى تحضيره لتحرك في حال انتهت القمة من دون نتائج ملموسة بالنسبة الى لبنانquot;. وتوقعت المصادر عودة بري الى بيروت قبل ان يحسم قراره في شأن القيام بجولة على عدد من الدول العربية، علماً ان لديه دعوة لزيارة قطر قبل العاشر من الشهر الحالي.

بيد ان اوساط الغالبية النيابية بحسب quot;النهارquot; لا تزال تتعامل مع موقف بري بفتور كبير، وتصفه مصادرها بأنه quot;يفتقر الى الجدية ولا يحتوي على اي مضمون فعلي للحل باستثناء سعيه الى الامساك مجدداً بمسار الحوارquot;. ولفتت هذه المصادر الى اعلان وزير الاتصالات مروان حماده امس رفض دعوة بري الى اجتماع للحوار quot;من دون وجود رئيس للجمهوريةquot;، مشترطاً ان يرئس رئيس الجمهورية الحوار. وقالت ان هذا الموقف quot;يعكس اتجاهاً لدى الغالبية الى ربط اي محاولة جديدة للحوار او التسوية بانتخاب العماد ميشال سليمان اولاً وعدم القبول بعد الآن بمنح بري وعبره المعارضة براءة ذمة لتمرير الوقت تحت شعار الحوار وابتداع شروط جديدة واضافية لتعطيل الانتخابات الرئاسيةquot;.

محطتا quot;حوار بريquot; وعودة موسى ترتبطان بشكل رئيس بجو عربي مساعد، وفي هذا الاطار بدا امس بحسب quot;النهارquot; ان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة اخفق، بعد محادثات استمرت يومين مع الرئيس المصري حسني مبارك، في المهمة الرئيسية التي جاء من اجلها الى القاهرة من دمشق، حيث حضر القمة العربية الـ20، وهي محاولة ترميم الجسور بين سوريا ومصر بعدما قاطع مبارك القمة وخفض التمثيل المصري فيها الى مستوى غير مسبوق في تاريخ القمم العربية. وصرح الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير سليمان عواد ان الرئيسين ناقشا، الى ملف العلاقات الثنائية، quot;الملفات العربية وخصوصاً الوضع على الساحتين اللبنانية والسوريةquot;. وتجنب نفي او تأكيد ما ابلغته مصادر مطلعة الى quot;النهارquot; عن رسالة شفهية من الرئيس السوري بشار الاسد الى مبارك حملها بوتفليقة وكانت سبباً في زيارته المفاجئة لمصر. لكنه اوضح ان تنقية العلاقات بين الدول العربية كانت على رأس جدول اعمال الرئيسين قائلاً ان quot;العلاقات العربية ndash; العربية في قلب الرئيس بوتفليقة وقلب الرئيس مبارك وفي قلب غيرهما من القادة العربquot;. ونقل عن مبارك ان quot;هناك حاجة عاجلة وضرورية الى بذل جهود مكثفة لتحسين هذه العلاقات ومحاصرة ما تشهده من خلافات، وان نقطة البداية الحقيقية في هذا الشأن هي لبنانquot;. من جهة اخرى، قالت اوساط وزارية لـquot;النهارquot; ان ثمة اتصالات متوقعة بين السنيورة والمسؤولين الكبار في كل من مصر والسعودية في الايام القريبة، قد تسفر عن امكان قيام السنيورة بزيارتين للبلدين.

موسى: الأولوية للاعتناء بالعلاقات العربية ـ العربية

الى ذلك موسى ان الاولوية بعد القمة العربية ستكون للاعتناء بالعلاقات العربية ـ العربية وعملية السلام وضبط الامور الخاصة. وقال: quot;من الواضح ان عملية السلام التي حاول مؤتمر انابولس احياءها تموت من جديد، والسبب الاول لموتها هو استمرار اسرائيل فى فرض سياسة الاستيطان والتي تغيّر التركيبة السكانية والجغرافية وتعدّ لمخطط بعيد عن المصلحة العربية العلياquot;.

ورفض موسى ما اسماه quot;بالفتات الذي تعطيه اسرائيل للفلسطينيين وتسمّيه تقدما في عملية السلام، قائلا: quot;لقد سمعتُ ان هناك ازالة لخمسين ساترا او حاجزا يمكن ازالتهم، هذا هو الفتات، ولا يمكن فى هذا الوقت المتأخر ان نعتبر هذا تقدما او نجاحا للسلامquot;. وأضاف موسى لـquot;الشرق الأوسطquot;: quot;اما العلاقات العربية ـ العربية فيمكن التعامل معها بعد الهدوء الذي اتسمت به قمة دمشق كمقدمة للتهدئة ثم بدء الحديث المسؤول عن مختلف المشاكل القائمة للتعرض لها واحدة واحدةquot;. وأشار موسى الى ان المناقشات التي دارت فى القمة العربية تؤكد اهمية تحميل الجامعة العربية العديد من المسؤوليات لانها هي التى تجمع بين كل العرب وبالتالى من هذا المنظور يمكن ان يكون للجامعة دور فى الكثير من الامور وخاصة فى هذين البندين الرئيسيين (العلاقات العربية ـ العربية، وعملية السلام فى الشرق الاوسط). واشار الى ان هذه العناوين هي الاهم لأنها تحدد الامن والاستقرار والسلام او انعدام الامن وابتعاد السلام وبالتالي اهتزاز الاستقرار.