مراقبون : قمة دمشق تؤبن المبادرات وتعمق الخلافات
كلمة تصالحية للأسد ودفاع عن موقف بلاده تجاه لبنان
ومن هنا فلم يعد بوسع مراقب موضوعي أن يتوقع توصل هذه القمة إلى حلول جادة لأي قضية مطروحة على جدول أعمالها، بينما تلتئم ـ بمن حضر ـ وسط أوضاع سياسية بالغة التردي، وأزمات عميقة تحولت معها مؤسسات العمل العربي المشترك إلى كيانات هشة عديمة الجدوى .
كلمة بشّار
وخلافاً لما كان متوقعاً أن تحمل كلمة الرئيس السوري بشار الأسد عبارات تصادمية، أو تعبيرات حادة، على غرار ما حدث من قبل، حين وصف بعض القادة العرب بأنهم quot;أشباه رجالquot;، فقد جاءت كلمة الأسد مختصرة وتصالحية على نحو ما، كما ركزت أيضاً على العموميات، واكتفت برؤوس موضوعات، وبدا واضحاً أنه جرت صياغة كلمة بشار الأسد على نحو حذر، حتى تكون موضع وفاق او على الأقل عدم توسعة الشقاق العربي أكثر من هذا .
واستهل الرئيس السوري بشار الأسد كلمته بالقول quot;إن انعقاد القمة العربية في سورية خلال هذه المرحلة الحرجة، هو شرف ومسؤولية كبرى نعتز بها انطلاقا من إيماننا بأهمية العمل العربي المشترك وحيويته لأمتنا العربية المتطلعة لتتخذ مكانها اللائق في عالم اليومquot; .
ومضى الرئيس السوري قائلاً في كلمته الافتتاحيية للقمة العربية العشرين : quot;لقد عملنا بكل إمكاناتنا على تهيئة الظروف المناسبة لإنجاح هذه القمة وسعينا لتجاوز الكثير من العقبات التى تعترض سبيلها لاسيما وأننا ندرك جميعا صعوبة المرحلة ودقة التطورات التى تشهدها منطقتنا بحث لا نغالي إذا قلنا إننا لم نعد على حافة الخطر، بل في قلبه ونلمس أثاره المباشرة على أقطارنا وشعوبناquot;.
واستعرض الأسد مواقف إسرائيل في القضية الفلسطينية واستفاض في توجيه النقد للمجتمع الدولي، كما دعا إلى كسر فوري للحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة .
وفي هذا السياق فقد رحب الرئيس الأسد بمبادرة اليمن للمصالحة الفلسطينية، قائلاً إن quot;الأولوية يجب ان تكون للحوار بين الفلسطينيينquot;، أي بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس .
سورية ولبنان
ولعل الأبرز في سياق كلمة الرئيس السوري فهو ما تعلق بالشأن اللبناني، إذ أعرب عن قلقه حيال ما يجري في لبنان، وأكد حرصه على استقلال لبنان، وتطرق إلى ما اثير حول التدخل السوري قائلا ما حدث أن هناك ضغوطا على سورية لتتدخل في الشؤون الداخلية للبنان ودمشق رفضت ذلك لأن الحل في لبنان من قبل اللبنانيين أنفسهم .
ومضى الأسد قائلاً quot;انطلاقا من الشفافية التي تجمع بين اخوتي في الدول العربية أرى من الضروري ان أوضح ما أثير عما يسمى التدخل السوري في لبنان والدعوات والبيانات والضغوطات لايقافهquot; .وأضاف quot;أقول لكم بكل صدق إن ما يحصل في الواقع هو عكس ذلك تماماً، فالضغوطات التي مورست وتمارس على سورية منذ أكثر من عام وبشكل أكثر كثافة منذ أشهر هي من اجل ان تقوم سورية بالتدخل في الشؤون الداخلية للبنان، وكان جوابنا واضحا لكل من طلب منا القيام بعمل يصب في هذا الاتجاه انه يبقى الحل بيد اللبنانيين انفسهم، فلهم وطنهم ومؤسساتهم ودستورهم وهم يملكون الوعي اللازم لذلكquot; .
واستدرك الرئيس السوري قائلاً إن quot;أي دور آخر هو دور مساعد لهم ونحن في سورية على استعداد تام للتعاون مع أي جهة عربية او غير عربية في هذا المجالquot;، مشترطا ان quot;ترتكز إلى أسس الوفاق الوطني اللبنانيquot;.
أما في ما يتعلق بمشروع القرار المعروض على القمة بشأن الأزمة اللبنانية، فقد بدا واضحاً أنه جرت صياغته على نحو حذر، إذ يتسم بالعمومية حتى يكون موضع وفاق، غير إن بعض بنود مشروع القرار قد لا تلقى ارتياح لدى سوريةrlm;ً، لأنها تنص على ضرورة دعم الحكومة اللبنانية .
وأخيراً يبقى القول إنه أيا كان حجم الخلافات التي يمكن أن تشهدها كواليس قمة دمشق، فإنهاا ستنهي أعمالها من دون صخبrlm; يؤثر على صورتها حرصا من جانب دمشق على نجاحها حتى لو تطلب الأمر بعض المجاراة،rlm; لكن الأمر المؤكد أن المشكلات الجوهرية ستأتي تباعا عقب القمة،rlm; لأن هذه القمة quot;كاشفةquot;، أبرزت حجم التعارض بين توجهين أساسيين لا يمكن أن يلتقيا على الأقل في المدى المنظور .
النص الحرفي لكلمة الاسد :
وألقى بشار الأسد كلمة افتتح بها القمة العربية العادية العشرين ورحب في مستهلها بالقادة العرب باسمه وباسم الشعب العربي السوري معرباً عن أمله بأن يكون لقاء الأشقاء خيراً للأمة العربية في فترة صعبة من تاريخها.
إن انعقاد هذه القمة في سورية في هذه المرحلة الحرجة هو شرف ومسؤولية كبرى نعتز بها انطلاقاً من إيماننا بأهمية العمل العربي المشترك وحيويته لأمتنا العربية المتطلعة لأخذ مكانها اللائق في عالم اليوم.
لقد عملنا بكل إمكاناتنا على تهيئة الظروف المناسبة لإنجاح هذه القمة وسعينا لتجاوز الكثير من العقبات التي تعترض سبيلها ولاسيما أننا ندرك جميعاً صعوبة المرحلة ودقة التطورات التي تشهدها منطقتنا.
لا نغالي إذا قلنا أننا لم نعد على حافة الخطر بل في قلبه ونلمس آثاره المباشرة على أقطارنا وشعوبنا وكل يوم يمر دون اتخاذ قرار حاسم يخدم مصلحتنا القومية يجعل تفادي النتائج الكارثية أمراً بعيد المنال.
إننا نعيش جملة من التحديات التي تهدد تماسك بنياننا الداخلي وتجعل من بعض أقطارنا العربية ساحات مفتوحة لصراع الآخرين عبر الصراع بين أبنائه أو هدفاً للعدوان والقتل والتدمير من قبل أعدائنا.. ولا شك أن هناك عقبات تواجه رغباتنا وتطلعاتنا إلى تحقيق ما نريد.. ذلك أنه وعلى الرغم من اتفاقنا في معظم الأحيان حول الأهداف فإن ثمة تقديرات متباينة في الرؤية وطريقة المعالجة.. وهذا ليس مشكلة عندما يتوفر الحوار الصادق فحوارنا وعمق قناعتنا بضرورة المبادرة باتخاذ مواقف فاعلة ستزودنا بالقدرة على تجاوز الصعاب من خلال معالجتها بواقعية وصراحة أخوية وبتطلع صادق نحو المصلحة العربية العليا.
إذا كان الوضع العربي غير مرض لنا فهذا لايرتبط بالقمم بحد ذاتها بمقدار ما يرتبط بسياق العلاقات العربية العربية والظروف التي أحاطت بها في الماضي والحاضر والتي انعكست نتائجها على القمم العربية.. ومع ذلك تمكنا في محطات عديدة من تبني مواقف تعبر عن مصالح الأمة العربية عندما توفرت الإرادة لذلك.
وإذا كانت الحروب والاحتلالات هي من أخطر القضايا التي واجهتنا خلال العقود الماضية فإن معركة السلام لم تكن أقل أهمية منها.. ولقد أدركنا جميعاً أهمية السلام منذ سنين طويلة وعبرنا عن ذلك بكل الأوقات وبطرق مختلفة ابتداءً من إعلاننا منذ أكثر من ثلاثة عقود إيماننا بالسلام العادل والشامل واستعدادنا لإنجازه مروراً بمؤتمر مدريد عام 1991 وصولاً إلى مبادرة السلام العربية عام 2002 التي شكلت تعبيراً واضحاً لا لبس فيه عن نيتنا كدول عربية مجتمعة لتحقيق السلام إذا ما أبدت إسرائيل استعدادها الفعلي لذلك.
إننا نؤكد أن الأمن لن يتحقق لأحد إلا من خلال السلام وليس من خلال العدوان والحروب.. وهذا يعني أن الطرح الإسرائيلي للأمن أولاً غير قابل للتحقيق لأن الاحتلال يناقض الأمن والسلام معاً ولأن الأمن إن لم يكن متبادلاً ويشمل الجانب العربي فهو مجرد وهم لا وجود له إلا إذا كان أصحاب هذا الطرح يفترضون أو ينتظرون من أصحاب الأرض أن يسلموا بالاحتلال وأن يقبل الأحرار بالتحول إلى عبيد.
ومن استقراء تجارب التاريخ نرى هزيمة هذا المنطق وإن وجد بعض اللحظات فهو مؤقت ومخادع ولا يليه سوى المزيد من الحروب والدمار والندم.وإذا كنا لم نوفر فرصة إلا وعبرنا فيها على المستوى العربي عن رغبتنا في السلام وآخرها كان من خلال مشاركتنا في مؤتمر أنابوليس فإن إسرائيل انتهزت كل الفرص أيضاً لكن لتثبت العكس تماما لتثبت غطرستها ورفضها تطبيق القرارات الدولية ولتبرهن عن تجاهلها لحقوقنا ولكل مبادراتنا من أجل السلام.
نؤكد في سورية على أن السلام لن يتحقق إلا بعودة الجولان كاملاً حتى خط الرابع من حزيران عام 1967 وأن المماطلة الإسرائيلية لن تجلب لهم شروطاً أفضل ولن تجعلنا قابلين للتنازل عن شبر أو حق وما لم يتمكنوا من الحصول عليه من تنازلات من قبل سورية سابقاً لن يحصلوا عليه لاحقاً مشيراً إلى أن الزمن أنتج أجيالاً أكثر تمسكاً بالأرض والتزاماً بالمقاومة.
وأكد في كلمته أمام القمة العربية أن الضغوطات التي مورست وتمارس على سورية منذ أكثر من عام وبشكل أكثر كثافة وتواتراً منذ عدة أشهر هي من أجل أن تقوم سورية بالتدخل في الشؤون الداخلية للبنان وكان جوابنا واضحا لكل من طلب منا القيام باى عمل يصب فى هذا الاتجاه وهو ما سأؤكده أمام هذه القمة هو أن مفتاح الحل بيد اللبنانيين أنفسهم لهم وطنهم ومؤسساتهم ودستورهم ويمتلكون الوعي اللازم للقيام بذلك وأننا في سورية على استعداد تام للتعاون مع أي جهود عربية أو غير عربية شريطة أن ترتكز أي مبادرة على أسس الوفاق الوطني اللبناني فهو الذي يشكل أساس الاستقرار في لبنان وهو هدفنا جميعاً.إننا نحمل مسؤولية تعزيز الحضور العربي في العراق بالتعاون والتنسيق مع حكومته إذ على الرغم من أهمية الدعم الدولي والإقليمي فكلاهما لا يشكل بديلاً لدورنا في الحفاظ على استقرار العراق وعروبته.
وأكد على وحدة السودان وسيادته واستقراره ودعا الى دعم جهود الحكومة السودانية فى معالجة الأوضاع الإنسانية في إقليم دارفور وتحقيق السلام واعادة الامن والاستقرار اليه بعيدا عن التدخلات الخارجية فى شؤون السودان الداخلية وقال.. اننا نرفض أى محاولات لفرض حلول او توجهات عليه تحت ستار الحالة الانسانية.
كما أكد الأسد على اعتبار مقاومة الاحتلال حقا مشروعا للشعوب تكفله المواثيق الدولية والاعراف الانسانية كما اكد على اعتبار ارهاب الدولة الاسرائيلى ضد ابناء شعبنا العربى يمثل اكثر اشكال الارهاب فظاعة فى العصر الحديث.
صحيح ان العبرة ليست فيما نقوله فى القمم بل فيما نفعله... ولكن القمة اساسية فى تحديد الاتجاه الصحيح والسرعة الضرورية لكل ماسنقوم به لاحقا وصحيح ايضا اننا فى القول وفى الفعل منفتحون على التعاون مع الاخرين فى هذا العالم ولكن الاكثر صحة ان هذا التعاون مثمر فقط عندما نعتمد على انفسنا فالقواسم المشتركة التى تجمع بيننا كعرب كثيرة واساسية اما نقاط الاختلاف فعندما يجمعها اطار الحرص على امتنا فلابد للبناء المتين فى مشروعنا العربى الذى نسعى لتحقيقه ان يكتمل.
موسى يدعو الى انتخاب سليمان رئيسا للبنان مؤكدا استمرار المبادرة العربية
من جانبه دعا الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، مؤكدا ان المبادرة العربية في لبنان مستمرة. وقال موسى في افتتاح القمة العربية التي قاطعها لبنان quot;كم كنا نود مشاركة لبنان في هذه القمة الا ان غيابه لا يعني ان لا نناقش هذه المشكلة التي تقلق الجميع وتهدد امن المنطقة في حال استمرارها واشتعالهاquot;.
واضاف quot;لقد حققت المبادرة العربية بعض عناصر التقدم، اذ حددت عناصر الخلاف وتوصلت الى تأكيد التوافق الوطني على ترشيح العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية (...)quot;. واكد موسى ان quot;هذا التقدم يشكل اساسا كافيا للتحرك نحو انتخاب رئيس للجمهورية ليقود عملية التوافق اللبنانيquot;.
واعلن ان quot;المبادرة العربية سوف تستمر ببذل جهودها كما سنتحرك لوضع المبادرة موضوع التنفيذ الكامل، وسوف اعمل في الاسابيع المقبلة على التوصل الى ذلكquot;. وقاطعت الحكومة اللبنانية القمة وحمل رئيسها فؤاد السنيورة دمشق مسؤولية عرقلة انتخاب رئيس جديد للبنان، مطالبا وزراء الخارجية العرب بعقد اجتماع خاص لاحتواء التأزم السياسي بين البلدين. ولا يزال لبنان من دون رئيس منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود في تشرين الثاني/نوفمبر 2007، وذلك رغم مبادرة الجامعة العربية لحل الازمة والتي نصت على انتخاب رئيس توافقي وتشكيل حكومة وحدة وطنية ووضع قانون جديد للانتخاب.
التعليقات