عندما تفقد جرافات الإحتلال حلمهم في إيجاد قوت يومهم !
إسرائيل تصعد من إعتداءاتها ضد المزارعين الفلسطينيين

نجلاء عبد ربه من غزة : لم تتوانَ الجرافات الإسرائيلية للحظة عن هدم كل ما يذكر المرء بأرضه، فمن القتل إلى الإعتقال... ومن الإصابة إلى تشريد الفلسطينيين من أراضيهم. سياسة تتبعها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على مر العصور. زياد سرحان، في العقد الأربعين من عمره، أفنى حياته كما يقول في جمع بعض الأموال لشراء قطعة أرض لتكون سندًا وعونًا لأطفاله السبعة. فهو كما يقول quot;عشت في بيت لا يتسع لإخوتي وأهلي، وأحاول جاهدًا ألا يعيش أطفالي كما عشت طفولتي، فجمعت مالاً وإشتريت قطعة أرض قريبة من الحدود مع إسرائيلquot;.

ويضيف زياد لـ quot;إيلافquot;: quot;كانت الأرض مليئة بشجر الزيتون، كُنا نذهب إليها كل أسبوعين لنسقي شجرها ونستظل بظل أوراق الشجر، كانت بمثابة منتزه خاص بنا. وكان أطفالي السبعة يلعبون منذ اللحظة الأولى التي تطأ أقدامهم أرضنا، حتى يجهد الواحد منهم فيلقي بجسده تحت إحدى شجرات الزيتون الكثيفquot;.

المزارعون الفلسطينيون يتكبدون خسائر يومية فادحة
ويتحسر المواطن سرحان اليوم على تلك الأيام التي راحت quot;هباءً منثورًاquot;، فهو اليوم يقلب كفًا على الآخر، بعد أن هدمت جرافات الإحتلال حلمه الذي عاش به، فالزيتون كان بالنسبة إلى هذا المواطن كما يقول مشروعًا إستثماريًا جيدًا، فضلاً عن انه ملك لي، quot;وها هي جرافات الإحتلال الإسرائيلي جرفت الـ 5 دونمات التي خرجت بها من الدنيا لي ولأطفالي السبعة، حتى أنهت معالم وحدود أرضي تمامًاquot;.

ويتابع المواطن الفلسطيني quot; إتصل بي أحد جيران أرضي وأبلغني أن الجرافات الإسرائيلية لم تبقِ على شجرة واحدة من أشجار الزيتون في المنطقة، وعندما وصلت للمكان دُهشت بشدة من هول ما رأيت quot;فلم أعد أعرف المكان أصلاً، فما بالك بأرضي..!؟quot;.

وكانت عدة آليات عسكرية إسرائيلية ترافق جرافتين توغلت في بلدة القرارة شمالي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

وأجبرت الاعتداءات الإسرائيلية اليومية بحق المزارعين القاطنين في المناطق الحدودية على طول الحدود مع أراضي الـ 48، آلاف المزارعين على الالتحاق بجيش البطالة وترك مهنة الزراعة التي يعتاشون منها هم وأبناؤهم.

ويقول العديد من المزارعين ممن إلتقتهم quot; إيلاف quot; إنهم يخشون التوجه إلى أراضيهم وحقولهم في المناطق الحدودية خوفًا على حياتهم من القتل أو الإصابة برصاص وقذائف الجيش الإسرائيلي، فهاجس الخوف هذا يطاردهم في كل مكان إذا فكروا بالتوجه لأراضيهم.

وقد صعّدت قوات الاحتلال في الآونة الأخيرة حملتها ضد المزارعين وأراضيهم الزراعية في هذه المناطق وشهد الشهر الجاري استشهاد وإصابة العديد من مزارعي الأراضي الحدودية أثناء زراعتهم أراضيهم أو أثناء توجههم إليها.

ولم يرحم الجنود الإسرائيليون كهولة المسن حسين حمدان محمد أبو عابد 75 عامًا من سكان بلدة القرارة قرب، عندما فتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة باتجاهه، بينما كان يفلح أرضه الزراعية القريبة من الحدود والتي تبعد نحو 700 متر عن الخط الشرقي للبلدة، فأردوه قتيلاً.

الحادثة ذاتها تكررت بالمسميات نفسها مع إختلاف اسم القتيل فقط، فقبل أسبوع توغلت قوات الاحتلال مسافة تقدر بنحو 150 مترًا داخل البلدة ذاتها، وباشرت أعمال تسوية في الأراضي التي سبق وتم تجريفها، وأثناء ذلك كانت تلك القوات تطلق النار بشكل كثيف وعشوائي باتجاه الـمنازل السكنية والأراضي الزراعية، مما أدى إلى مقتل المواطن يوسف محمد حماد أبو ظاهر 60 عامًا، بعد إصابته بعيار ناري اخترق الجانب الأيسر ونفذ من الأيمن، بينما كان يقف بالقرب من منزله على بعد نحو 150 مترًا من مكان تمركز تلك القوات.

وكانت تلك القوات قد شرعت في أعمال تجريف شرق بلدة القرارة خلال الأسبوع الماضي، أدت إلى تدمير أربعة منازل سكنية تعود لعائلتي أبو مضيف وأبو عيد، تقطنها أربع عائلات قوامها 17 فردًا، علاوة على تجريف 94 دونمًا من الأراضي الزراعية، تعود لعائلات أبي مضيف وخشان وأبي عيد والقدرة، إضافة إلى تدمير مزرعة دواجن على مساحة دونمين، تحوي 22000 دجاجة، نفقت جميعها، وتدمير حظيرة للأغنام والطيور.

وأكدت مصادر محلية أن معظم مزارعي المناطق الحدودية الذين يملكون أراضي زراعية قرب خط الهدنة لا يستطيعون الوصول إليها ومحرومون من الزراعة فيها منذ سنوات بفعل إجراءات الاحتلال واستهدافهم بقذائف المدفعية والأسلحة الرشاشة الثقيلة في حال اقتربوا من هذه الأراضي الزراعية