عبد الخالق همدرد من اسلام اباد:

كانت الانتخابات الأخيرة في باكستان مهمة جدا على الصعيد الداخلي والخارجي؛ لأن الشعب كان ينظر إليها كبريق أمل للتخلص من النظام المستبد الديموقراطي شكليا والعسكري حقيقيا في حين كانت القوى الخارجية ولاسيما الولايات المتحدة الأمبركية تنظر إليها كاختبار لسياسات الجنرال الذي تحالف معها في الحرب على الإرهاب.

والنتائج كانت حسب أمل الشعب وضد الطموحات الأجنبية؛ بيد أن القوى الخارجية لم تيأس من الحكومة الجديدة بعد. وقد تحركت الإدارة الأميركية لمعرفة الأوضاع واتخاذ اللازم للحفاظ على مصالحها في المنطقة بعد انفلات زمام الأمور من الرجل الذي لم يكن أحد من الباكستانيين يقدر على إقناعه بتغيير سياساته.

ويقول بعض المحللين أن المسؤولين الأميركيين الذين زاروا باكستان - حتى قبل تشكيل الحكومة الجديدة وأجريا محادثات مع الرموز الباكستانية بدءا من الرئيس إلى بعض النواب من القبائل ومعظم الرموز السياسية- عادوا غير مطمئنين إذا لم يرجعوا خائبين؛ لأن زعماء التحالف الحاكم قد أوضحوا لهما بأن باكستان ستتخذ إجراءاتها ضد الحرب على الإرهاب في صالح بلادها. ولعل الموقف الأوضح كان لدى رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي أكد لهم quot; أنه يريد الأمن في بريطانيا وفي الولايات المتحدة وفي كل مكان من العالم ... لكن لا يمكن لنا أن نحول أرضنا إلى ساحة قتل من أجل تأمين أمن الآخرينquot;.

في حين أكد أولئك الزعماء أنهم سيفضلون لغة الحوار مع أبناء البلاد الذين رفعوا السلاح لسبب من الأسباب على الاستخدام الأعمى للقوة. وكان في ذلك رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة بأن باكستان ستعيد التفكير في مواصلة الحرب على الإرهاب على النمط الذي استمرت عليه منذ عام 2001م؛ إلا أنها لم تزد باكستان إلا خسارة وضررا.

ومن المثير أن الولايات المتحدة ألغت القيود الأميركية على المساعدات العسكرية لباكستان التي كانت فرضت بسبب فقدان الديموقراطية في باكستان؛ بيد أن المراقبين يرون أن ذلك الإجراء كان من أجل quot; تأليف قلب quot; الحكومة الجديدة.

هذا وفي حين تقدم الحكومة الباكستانية غصن الزيتون إلى المسلحين في مناطق القبائل لإحلال السلام في المنطقة. وقد بدأت تلك الفكرة تعطي ثمارها حتى قبل بدء عملية التفاوض حيث يسود الصمت في منطقة وزيرستان الشمالية والجنوبية منذ تشكيل الحكومة الجديدة ولم تشهد أي هجوم على القوات المسلحة على الرغم من أنها شهدت اشتباكات ضارية بين المسلحين والقوات الباكستانية خلال الست سنوات الماضية.

وعلى الرغم من ذلك فإن الولايات المتحدة لا تزال تصر على ملاحقة المسلحين واستخدام القوة ضدهم دون أي اعتبار للوسائل السلمية؛ لأنها ترى أن سيادة الهدوء في تلك المنطقة ستمنح فرصة للمسلحين للتركيز على أفغانستان وبالتالي ستزيد الهجمات على قوات التحالف هناك. وبناء على ذلك ترغب في أن تقوم باكستان بإشغال المسلحين في المناطق القبلية داخليا لتمكين القوات الدولية من القضاء على التمرد في أفغانستان.

وقد أكد مايكل شرتوف وزير الأمن الداخلي الأميركي أمس quot; أن المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان ستبقى اهتماما إستراتيجيا إلى أن يتم هجوم متميز على قدرة القاعدة والمجموعات المماثلة الناشطة في المنطقة الحدوديةquot;.

أما من جهة موقف الحكومة الجديدة الباكستانية فيقول مايكل إنه من المسبق للأوان الحديث عن أثر الحكومة الجديدة في إسلام آباد على الحرب على الإرهاب في المناطق الحدودية. ويضيف quot; أننا سنكون في حالة الانتظار لننظر كيف يتقدمون للتعامل مع ذلك التهديدquot;.

وفي هذا الوضع ستكون المناطق القبلية أمام خيارين: أن تقبل على غصن الزيتون الذي تقدمه الحكومة الباكستانية وتنزع عن جميع أنواع العنف وتعيش بسلام أو أن تواصل المواجهة مع القوات الباكستانية وتضحى ضحية للبارود. ويرى المحللون أن تلك المناطق ستشهد دمارا أكبر إذا لم تقدر الحكومة الباكستانية على رفض الضغوط عليها لاستخدام القوة.