أولوية تبحثها آليو ماري في جولتها الجديدة
تهديدات القاعدة ترغم الجزائر وفرنسا على تسريع حلفهما الأمني

كامل الشيرازي من الجزائر: أصرّت مصادر موثوقة لـquot; إيلافquot; أنّ زيارة وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال آليو ماري، الاثنين والثلاثاء للجزائر، سيكون عنوانها الأكبر تسريع إقامة حلف أمني بين البلدين، ما يعدّ مؤشرًا على دخول التعاون الأمني بين فرنسا والجزائر مرحلة جديدة تتجاوز أعطاب الماضي، وما رافق تبادل المعلومات الأمنية بينهما منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، لكن التواصل على هذا المستوى لم يرقَ إلى درجة تبني استراتيجية أمنية موحدة، على الرغم من كل الذي طبع اختطاف ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بالجزائر في خريف سنة 1993م وتفجيرات ميترو الأنفاق في باريس العام 1995، واغتيال ستة رهبان فرنسيين بعد عام.

ويرى مراقبون أنّ الجولة التي قادت وزير الداخلية الجزائري نور الدين زرهوني في باريس قبل سبعة أشهر، وهي أول زيارة من نوعها لمسؤول حكومي جزائري إلى فرنسا منذ تولي نيكولا ساركوزي قيادة الإليزيه، ليست بمعزل عن السياق الحالي، طالما أنّ المحطة المذكورة مهّدت لقيام تحالف أمني استيراتيجي بين الجزائر وفرنسا، بعد أسبوعين من جرح إثنين من رعايا الأخيرة في الجزائر إثر اعتداء انتحاري، وتزامن الحادث وقتئذ مع إعادة فرنسيان آخران يعملان لحساب هيئة مطارات باريس إلى بلادهما إثر تهديدات مجموعة مجهولة بخطفهما، ما حرّك مخاوف مسؤولين فرنسيين من احتمال استهداف quot;القاعدةquot; لمصالحهم في الجزائر، سيما بعد النداء الذي وجهه الرقم الثاني في تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري ودعا فيه إلى اللتخلص من أبناء (الصليبيين)quot;.

وجرى ترسيم اتفاقية أمنية شاملة بين الجزائر وفرنسا أواخر الشهر الماضي، وتنص الاتفاقية على تنسيق البلدين في سائر القضايا التي تخص أمنهما، انطلاقا من مواجهة ما يسمى بالإرهاب إلى التصدي لشبكات تجارة المخدرات والجريمة المنظمة والهجرة السرية، فضلا عن الجرائم الاقتصادية والالكترونية وغسيل الأموال، وسيجري هذا التعاون من خلال إذكاء التعاون الاستخباراتي والإمداد اللوجستي، وتأهيل الكوادر الأمنية وتبادل الخبرات.

ويركّز متابعون على أنّ الجزائر وفرنسا تريدان التأسيس لنسق جديد في مسار تنسيق خطط مكافحة الإرهاب بين البلدين، لاسيما بعد النداء الذي وجهه الرقم الثاني في تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري ودعا فيه quot;للتخلص من ابناء فرنسا واسبانياquot;، ولعلّ هذا الهاجس عبّرت عنه وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال آليو ماري، عندما خاطبت نظيرها الجزائري: quot;تكون حمايتنا أنجع عندما نقوم بها معًاquot;، وقولها: quot;لقد اتفقنا على تطوير هذه القدرة التي تتوفر لدينا من أجل حماية مواطنيناquot;.

وما يعزز ملامح هذا التحالف الأمني، حديث كبار مسؤولي الدولتين عن quot;إرساء شراكة مربحة للطرفين تتطور في كنف quot;التفاهم المتبادلquot;، إلى مستوى استراتيجي في المجال الأمني، في وقت تتوعدّ باريس أنها لن تتسامح مع المتطرفين وتهدّد بإعلان حرب على الجماعات الإسلامية الراديكالية الناشطة بالتراب الفرنسي.

ويجمع خبراء الشأن الأمني على أنّ الجزائر وفرنسا كشفتا عنتخطيط مجموعات التمرد في الجزائر للعب على وتر quot;توسيع نطاق الرعبquot;، ما جعل الطرفان يسارعان للتفكير في وضع إستراتيجية شاملة في مكافحة الإرهاب على المحك، والذهاب بعيدًا في تعاونهما الأمني، على درب جعل محور باريس ـ الجزائر أقوى أكثر من أي وقت مضى.

كما يركّز مراقبون على أنّ رهانات الجزائر وفرنسا، تحتّم عليهما توسيع علاقات التعاون الثنائي في مجال الاستخبارات والأمن المدني وحماية الحدود والمكافحة المشتركة ضد كل ما هو مبعث للاأمن بالنسبة إلى البلدين، في انتظار إيضاح الصورة أكثر حال نضوج مشروع quot;الاتحاد المتوسطيquot; المزمع الإعلان عنه يوم 13 يوليو/تموز القادم، تبعًا لما تنطوي عليه فكرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، من مقترحات لتعزيز التعاون الأمني بين دول البحيرة المتوسطية.