القدس: منح حزب الله الشيعي إسرائيل هدية في الذكرى الـ 60 لتأسيسها لم تكن تنتظرها من خلال الاستيلاء على بيروت الغربية يوم الجمعة، ولكنه أدى الى ارباك صانعي السياسة في حكومة رئيس الوزراء ايهود اولمرت.

وأدى الاستيلاء السهل والسريع لحزب الله على بيروت فيما كان يفترض بالجيش اللبناني كبح حزب الله والمحافظة على الاعتدال والتوازن، إلى إرباك صانعي السياسة في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت وعمّق أزمة الشعور بالوجودية في الدولة اليهودية. لكن مع هذه الأزمة الجديدة ومن دونها، فإن إسرائيل أصبحت محاصرة وبحاجة ماسة لقيادة فعالة وحاسمة أكثر من أي وقت مضى.

لقد أثبت أولمرت فعلاً أنه أضعف رئيس للوزراء والأكثر تدميراً لإسرائيل منذ ليفي أشكول الذي ساهمت عدم كفاءته وتردده في قيادة الدولة اليهودية في تحدي الرئيس المصري جمال عبد الناصر الاتفاقيات الدولية وإرسال 80 ألف جندي مصري إلى منطقة صحراء سيناء المنزوعة السلاح في أيار/مايو 1967.

وتشبت أولمرت بالحكم كبطة عرجاء منذ أكثر من عامين تقريباً بعد أن أساء إدارة الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله في تموز/يوليو 2006. وأثبتت القوات الجوية والقوات الخاصة الإسرائيلية فعاليتها الرائعة بشكل خاص. غير أن أولمرت تغاضى عن الخطط المفصلة لاجتياح بري ضخم من قبل قوة قتالية مؤلفة من 50 ألف جندي تقريباً وقبل ضمانات رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي السابق الجنرال دان حالوتس بأن القوة الجوية قد تمحو حزب الله بسهولة.

وفي الواقع تبيّن أن قوة حزب الله متحصنة بقوة، وحافظت على معظم مواقعها وتمكنت من قصف الداخل الإسرائيلي بآلاف الصواريخ من عيار 122 ميلليمتراً الروسية الصنع . وكانت الأضرار وعدد الضحايا ضئيلاً، لكن الهزة التي وقعت على معنويات الإسرائيليين كانت عميقة وتم إخلاء معظم المناطق الشمالية من البلاد مؤقتاً.

ومنذ تلك الفترة، تشبت أولمرت بكرسي الحكم مواجهاً جميع التحديات الرئيسية لليمين السياسي ndash; قائد حزب الليكود رئيس الوزراء الاسبق بنيامين نتنياهو- واليسار السياسي ndash; وزير الدفاع الحالي رئيس الوزراء الاسبق زعيم حزب العمل أيهود باراك- على السواء.

كان أولمرت قادرا على القيام بذلك لأن أعضاء حزبه الحاكم (حزب كاديما) في الكنيست وحلفاؤهم الرئيسيون أدركوا أن الناخبين الغاضبين سيطيحون بهم في انتخابات عامة مبكرة، وقرروا بالتالي التشبت بمناصبهم الوزارية والبقاء فيها أطول فترة ممكنة.

لكن ومنذ الحرب المصغرة الفاشلة ضد حزب الله، كان أولمرت غير الفعال يشرف على التآكل المسم والمستمر للوضع الأمني في إسرائيل. وتدهور الوضع السياسي الإقليمي لإسرائيل إلى درجة لم تختبرها منذ أيار/مايو 1967.

- لقد ثبّت حزب الله المدعوم من سوريا وإيران بشكل كبير سيطرته السياسية والإستراتيجية على جنوب لبنان، واستحوذ مرة أخرى على كميات كبيرة من صواريخ كاتيوشا ومنصات الصواريخ المتعددة.

- يعاد تسليح سوريا من قبل روسيا، وبشكل خاص بصواريخ دقيقة من طراز اسكندر بي التكتيكية القادرة على إصابة معظم الأهداف داخل إسرائيل، ويشكّل الجيش السوري اليوم أكبر تحد واجهته إسرائيل منذ 35 عاماً بعدما شن عليها حرب يوم كيبور(الغفران) في العام 1973.

- وإلى الجنوب، وكما فعل القادة الإسرائيليون من قبل، يستمر أولمرت بتجاهل تقدير القدرات الرائعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس بالشكل المناسب، والتي تستمر في قصف مدينة سديروت وباقي الأهداف الإسرائيلية من دون رحمة، لكن بواسطة صواريخ القسام الفعالة.

- والأسوأ هو النفوذ السياسي لحماس في الضفة الغربية حيث يعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بطة عرجاء مماثلة لأولمرت.

كتب المؤرخ الأيرلندي الشهير كونور كروز أوبراين كتاباً حول الصراع العربي الاسرائيلي حمل عنوان quot;الحصارquot;.

وعلى إسرائيل التي تحتفل بالذكرى 60 لتأسيسها ووقوفها بوجه تحديات شبه مستحيلة، أن تعترف اليوم أن هذا الحصار قد اشتد عليها أكثر من أي يوم مضى في عهد اولمرت.