القاهرة:يُجبر العديد من اللاجئين السودانيين على التفكير في العودة الطوعية وذلك لأسباب عديدة أبسطها صعوبة العيش في مصر، وميدينغ ميباي، واحد من هؤلاء. تحدثنا مع هذا اللاجئ عندما كان ينتظر أمام مركز الوقف الثقافي للاجئين السودانيين في عين شمس، حيث قال: quot;يجب ألا نبقى في مصر بل علينا العودة إلى السودان بالرغم من المشاكل هناك. فنحن كسودانيين لا نملك أية حقوق هناquot;.
ووفقاً لمنظمة مساندة اللاجئين بإفريقيا والشرق الأوسط (أميرا)، وهي منظمة غير حكومية تعمل في مجال الحماية القانونية للاجئين والباحثين عن اللجوء، تستضيف مصر خامس أكبر جالية لاجئين في العالم حيث يتمركز معظمها في القاهرة والإسكندرية.
وبالرغم من أن المصادر الرسمية تقول أن هناك 50,000 لاجئ فقط في مصر، إلا أن المنظمات غير الحكومية والباحثين يقدرون وجود 500,000 لاجئ تقريباً في البلاد، معظمهم من السودان والصومال وإثيوبيا وإريتريا.
إلا أن الصعوبات الاقتصادية تجعل من المستحيل أن يتمكن هؤلاء من إحضار أسرهم إلى مصر. فالبطالة وقلة فرص التعليم ومحدودية الاستفادة من خدمات الرعاية الصحية وارتفاع أسعار الإيجارات وصعوبات والاندماج في المجتمع تشكل كلها أكبر التحديات أمام اللاجئين.
وقال موسى حسين، الذي شارك في التقييم الذي أجرته منظمة الهجرة الدولية حول العودة الطوعية للسودانيين، أنه لا يستطيع إحضار أسرته إلى مصر، وقد وصف حاله قائلاً: quot;أنا وحيد، أسرتي في دارفور ولكن الوضع المادي هنا لا يطاق حتى بالنسبة لي وحدي. أعمل كمترجم حر في السفارات وأتقاضى راتبي بناء على ساعات العمل. ولكن ما أجنيه من وظيفة غير مستقرة مثل هذه لا يكفي لإعالة أسرتيquot;.
من جهتها، تقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن هناك حوالي 10,000 لاجئ مسجل في مصر، ولا يستطيع حوالي 20 بالمائة من اللاجئين المعترف بهم من قبل المفوضية سد حاجاتهم الأساسية.
وحول ذلك قالت ماري جنفييف نايتينغيل، مناصرة حقوق الطفل والباحثة في برنامج الهجرة القسرية ودراسات اللجوء بالجامعة الأميركية بالقاهرة: quot;تصل نسبة البطالة بين المصريين إلى 20 بالمائة، وتشهد أسعار الإيجارات ارتفاعاً مستمراً كما هو الحال بالنسبة للتضخم. إن حياتي نفسها تصبح أصعب فأصعب كل شهر مع أنني أتقاضى راتباً مختلفاً جداً. فهل يمكنك تصور الوضع بالنسبة للاجئين؟quot;
القاصرون في خطر
وغياب الدعم والحماية يجعل من ظروف المعيشة في القاهرة على وجه الخصوص صعبة بالنسبة للقصر الذين ليسوا برفقة ذويهم.
ووفقاً لنايتينغيل، فإن القصر عادة ما يكونون عرضة لسوء المعاملة النفسية والعاطفية والجسدية والجنسية وربما الاستغلال الاقتصادي والجنسي. وتعتبر الفتيات والشابات أكثر عرضة لذلك نظراً لظروف عملهن كخادمات في البيوت أو غيرها من الأعمال التي تعرضهن لسوء المعاملة والاستغلال.
وبالرغم من عدم توفر أية أرقام رسمية، إلا أن بهيجة الجوهري من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالقاهرة ترى أن هناك حوالي 360 قاصراً يعيشون في مصر دون ذويهم.
بالإضافة إلى ذلك، أفادت نايتينغيل أن العديد من هؤلاء اللاجئين يدخلون البلاد بطرق غير شرعية أو من غير أية وثائق، ولا يتحدثون العربية أو الإنجليزية وهم غير قادرين أو راغبين بالذهاب إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو غيرها من المنظمات الأخرى.
وتقدم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لهؤلاء القصر معونة مالية شهرية لتغطية احتياجاتهم المعيشية الأساسية تقدر بحوالي 30 دولاراً. إلا أن الجوهري أكدت أن العديد من هؤلاء الأطفال غير مسجلين لدى المفوضية كما أن المعونة تتوقف تلقائياً عن بلوغ سن 18 عاماً.
وأوضحت الجوهري أن quot;هذا هو السبب الذي يجعل اللجنة الدولية للصليب الأحمر تمول مشاريع للقصر غير المُرافَقين خصوصاً عن طريق توفير الدعم النفسي والاستشارةquot;.
من جهتها، أفادت عبير عطيفة، الناطقة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن معظم الحالات الملحة تعطى خيار إعادة التوطين، وأن quot;الأولوية تعطى لإعادة لم شمل هؤلاء القصر بذويهم إذا لم يشكل ذلك خطراً على حياتهم. وإلا يتم التفكير في إعادة الاستقرار في بلد ثالثquot;.
و خلال عام 2007، أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في القاهرة 1,157 وثيقة سفر لعدة جنسيات من مختلف الأعمار في محاولة منها للم شمل الأسر في بلدان مختلفة.
معضلة العودة الطوعية
وتدير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين برنامجاً للعودة الطوعية يهدف إلى تسهيل عودة اللاجئين السودانيين إلى جنوب السودان فقط. ووفقاً لعطيفة، استفاد من هذا البرنامج خلال عام 2007 حوالي 1,645 لاجئاً. ولكن من غير الموثق ما إذا كان هؤلاء قد عادوا إلى الجنوب أو استقروا في مناطق أخرى من البلاد.
ووفقاً لمناشدة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تشمل الأهداف الرئيسية لعام 2008-2009 عودة 5,000 لاجئ إلى السودان في ظل تحسن الأوضاع الأمنية في الجنوب.
وإلى الآن، يستمر معظم اللاجئين بالعيش في مصر على أمل الحصول على مستقبل أفضل بعد عودة الأمن إلى بلادهم، حيث قالت باربرا هاريل بوند الأستاذة في برنامج الهجرة القسرية ودراسات اللجوء بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أن quot;معظم الناس لا يفكرون فيما إذا كانت الظروف جيدة بالنسبة لهم للعودة. ولكن المثير للقلق الآن ليس الإبعاد ولكن مسألة احتجاز العديد من اللاجئين في مصر أو تعرضهم للتهريب إلى إسرائيل بسبب يأسهم من أوضاعهم هناquot;. وبالنسبة لأولئك المستعدين للعودة، توفر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مساعدة مالية لتغطية تكاليف السفر إلى مكتب المنظمة في أسوان حيث يحصلون على أجرة المواصلات بالعبارة إلى مدينة وادي حلفا شمال السودان على ضفاف بحيرة ناصر.
المصدر: شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)
التعليقات