أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: جمعت بالعاصمة الشرقية للمغرب قمة بين الملك محمد السادس والرئيس الوزراء الإسباني، خوسي لويس ثباتيرو، وسط أنباء عن تلبد سماء العلاقات بين البلدين بغيوم تنبأ بظهور أزمة جديدة في الأفق. وأكد مراقبون أن أجندة هذه الزيارة حبلى بمجموعة من النقاط المهمة التي ستحسم في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، في وقت ذكرت مصادر بمدريد أن رئيس مجلس النواب الإسباني، خوسي بونو، أرجأ إلى 16 تموز(يوليو) الحالي، زيارة إلى مدينة سبتة التي تحتلها بلاده في شمال المغرب، كان ينوي القيام بها في وقت سابق. وقال محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق في المحمدية، إن quot;ثباتيرو يحاول، من خلال هذه الزيارة، أن يسترجع ما تعتقد مدريد أنه ضاع من نفوذها في المغرب لفائدة الدول الأوروبية الأخرى، في مقدمتها فرنساquot;. وذكر محمد ضريف، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;هذه الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها ثباتيرو إلى المغرب، بعد إعادة انتخابه رئيسا للوزراءquot;، مشيرا إلى أنه quot;كانت هناك زيارتان مرتقبتان، الأولى في شهر أيار والثانية في حزيران، لكن جرى إلغائهماquot;.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن quot;هذا التأجيل يعود إلى الرباط، التي كانت، من خلال عدم ترحيبها بالزيارتين، تريد أن تبعث برسالة إلى مدريد تعبر فيها عن عدم ارتياحها إلى جملة من المواقف الإسبانية تجاه المملكةquot;.

وأضاف ضريف quot;الرباط تحاول أن تدفع حكومة مدريد إلى تصحيح بعض المواقف، وفي الوقت نفسه تحاول إسبانيا الدفع بعلاقاتها مع الرباط إلى الأمام، خاصة أن مدريد تعتبر المغرب حليفا استراتيجيا لا يمكن الاستغناء عنهquot;.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية أن تداعيات زيارة الملك خوان كارلوس لمدينتي سبتة ومليلية السليبتين كان لها تأثير على quot;برودquot; العلاقات بين البلدين، مبرزا أنه يمكن أن نعتبر الزيارة بمثابة محاولة لإعادة الأمور إلى نصابها.

أكيد أن هناك جملة من الملفات المختلف حولها، وأكيد أن الرباط تبدي عدم ارتياح في ما يتعلق ببعض المواقف الإسبانية، خاصة ما يرتبط بالموقف من المقترح المغربي حول الصحراء، إلى جانب الطريقة التي تتعامل بها سلطات مدريد مع المهاجرين.

وحول ما إذا كان لهذه الزيارة علاقة بالترويج لمشروع الاتحاد من أجل المتوسط، علق ضريف قائلا quot;لا يمكن أن نربط بشكل مباشر بين زيارة ثباتيرو إلى المغرب والاجتماع الذي ستحتضنه باريس فيما يخص الاتحادquot;.

وتحدثت تقارير إعلامية عن مجموعة من النقاط التي سيتدارسها الرئيس الإسباني مع العاهل المغربي، منها quot;التعهد والالتزام بعد تكرار زيارة الملك خوان كارلوس وثباتيرو للمدينتين السليبتين، ودعم مشروع الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، في حين يسعى ثباتيرو إلى إعادة أجواء الثقة بين البلدين، وتحسين صورة إسبانيا في تعاطيها مع ملف المهاجرين، ودعم غير مشروط لمنح المغرب دورا محوريا في الاتحاد من أجل المتوسطquot;.

وعلى الرغم من التوتر الذي وقع، خلال السنة الماضية، بعد زيارة الملك خوان كارلوس لمدينتي سبتة ومليلية السليبتين، ما دفع المغرب إلى استدعاء سفيره بمدريد قصد التشاور لمدة غير محددة، قبل أن يعدل عن قراره، إلا أنه على العموم تعيش علاقات التعاون quot;موسمها الربيعيquot;، إذ عززت الحكومتان شراكتهما في عدد من الميادين، خاصة الأمنية والاقتصادية والثقافية.

هذه العلاقة المترنحة بين العداوة والمجاورة، تجعل المغرب يركز، مع قرب أي استحقاق انتخابي في هذا البلد، اهتمامه على الشخصية التي وضع الناخبون ثقتهم فيها، وتوجهات الحزب الذي يمثله، والضوابط التي ستحكم علاقته بهذا الوافد الجديد.

وكانت زيارة الملك الإسباني لمدينتي سبتة مليلية السليبتين فجرت غضب العاهل المغربي، إذ أصدر بيانا خاصا شديد اللهجة حمل فيه إسبانيا مسؤولية quot;المجازفة بمستقبل وتطور العلاقات بين البلدين، والإخلال الجسيم للحكومة بمنطوق وروح معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة سنة1991 quot;.

وأعرب الملك محمد السادس، في البيان الذي تلاه مستشاره محمد معتصم في مستهل أعمال مجلس الوزراء الذي انعقد في الدار البيضاء، عن إدانته القوية واستنكاره الشديد لهذه الزيارة غير المسبوقة، مشددا على أن هذهquot; الخطوة غير المجدية تسيء للمشاعر الوطنية المتجذرة والراسخة لدى جميع مكونات وشرائح الشعب المغربيquot;.

وكان نحو ألف مغربي في بني أنصار (شمال المغرب) تظاهروا قرب مليلية احتجاجا على زيارة العاهل الإسباني. وحاول المحتجون تخطي الحاجز المحيط بمليلية بعد مناوشات كلامية مع حرس إسبان. وتدخلت الشرطة المغربية لإعادة الهدوء وتواصلت الاحتجاجات دون حوادث. وهتف المتظاهرون quot;خوان كارلوس إرحل، مليلية ليست لكquot; وquot;سبتة ومليلية والصحراء مغربيةquot;.