لندن، وكالات: في صحيفة الإندبندنت الصادرة اليوم يستوقف القارىء رسم كاريكاتيري ساخر يظهر المدى الذي بلغته quot;حمى عشق أوباماquot;، المرشح الديمقراطي للإنتخابات الرئاسية المقبلة، وطغيان أخباره، ليس فقط على الناس العاديين، بل حتى على رجال السياسة، كما تصورهم وسائل الإعلام. يظهر في الرسم أوباما وقد اعتلى منصة بيضاء اللون وقد نُصبت أمامه عشرات الميكروفونات وفي يده اليسرى يحمل حقيبة لعله قد وضع فيها وصفات (رشتات) سياسية واقتصادية quot;شافيةquot; ورفع يده اليمنى وكأنه حقق نصرا مؤزرا لتوه.

وفي اللحظة التي يطلق فيها السناتور الديمقراطي الأسود تحيته لدى وصوله (المرتقبة) إلى لندن quot;مرحبا لندنquot;، نرى زعيم حزب المحافظين البريطاني، ديفيد كاميرون، يحاول القفز متسللا لعله يحط على المنصة وراء الضيف الأميركي البارز. أما غوردن براون، رئيس الوزراء البريطاني، فحاله كانت أكثر تعاثة، وقد راح يصرخ وهو يحاول الخروج من حفرة عميقة كبيرة لعله يلحق بالضيف ويسرق منه بعض الوهج قبل أن يمضي بعيدا عن المنصة!

في صحيفة الإندبندنت، نقرأ مقالا نقديا ساخرا في السياف ذاته للكاتب جون رينتول جاء بعنوان quot;أوباما القوة الأكثر هيمنة في السياسة البريطانية.quot; يقول الكاتب في وصف أوباما: quot;إنه بيل كلينتون ونيلسون مانديلا وقد التقيا معا في شخصية واحدة عندما يتعلق الأمر بالسحر والفتنة. أما الآن وقد تخلص من أمتعته التي كانت تنتمي إلى جناح اليسار، فإن كلا من براون وكاميرون يأملان بأن يحل بعض من سحره عليهما.quot;

ويعود رينتول ليوجه السؤال التالي: quot;ترى من هي الشخصية الأكثر هيمنة على عالم السياسة البريطانية اليوم؟ ويسارع الكاتب إلى تقديم الإجابة بنفسه إذ يقول: quot;إنه باراك أوباما، ظاهرة عالم السياسة ليس فقط في أمريكا، بل عبر العالم الذي يتحدث اللغة الإنكليزية وما بعده.quot; أما مارتن إيفينز، فيتصدى للموضوع ذاته في الصحيفة ذاتها وبطريقته الناقدة الساخرة.

يقول إيفينز في مقاله، الذي جاء بعنوان هيا يا قادتنا وزعماءنا فلتقتفوا أثر سحر أوباما، quot;وهيا لامسوا فقط طرف ثوب باراك أوباما واظفروا بالإيمان.quot; يضيف الكاتب قائلا إن براون يتطلع شوقا لزيارة أوباما لبريطانيا، فرئيس وزارة بريطانيا مفعم بالتوقعات الممزوجة بالأسف، quot;فهو (براون) كان لربما يشكل ثنائيا أكثر تجانسا مع هيلاري كلينتون فيما لو فازت بترشيح الحزب الديمقراطي لها.quot;

إلا أن براون سيرحب، على أي حال، بفوز أوباما بالانتخابات المقبلة في أمريكا، فهو سنظر إلى مثل هكذا فوز كدليل على أن ثنائية quot;الديمقراطيين والعمال الجددquot; مازالت تنبض بالحياة وتتمتع بالحيوية.

ويرى الكاتب أن حتى زعيم حزب المحافظين، ديفيد كاميرون، يتطلع شوقا للقاء السياسي الأمريكي الشاب، وذلك على الرغم من quot;التوأمة الروحيةquot; بين الحزب الجمهوري الأمريكي وحزب المحافظين البريطاني. ويضيف: quot;إن هناك انجذابا وتشابها واضحا بين الشابين (كاميرون وأوباما)، فكلاهما يمثل صوت الجيل الجديد وكلاهما يجري لاهثا ضد سياسي يكبره بالسن ومعتق داخل دهاليز السياسة ويحمل معه خلفية قوامها الإحباط الاقتصادي.quot;

أما الصنداي تايمز، فتطالعنا بمقال تحليلي مطول من العاصمة الأميركية واشنطن لسارا باكستر جاء بعنوان quot;باراك أوباما يخشى من أثر بلير: بطل في الخارج وعرضة للمساءلة القانونية في الداخل.quot;

تقول الكاتبة إن المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية لا شك سيفوز بمعجبين جدد خلال جولته ألأوروبية، لكن الناخبين الأميركيين يحتاجون إلى شيء أكثر من مناسبات التقاط الصور التذكارية. وتضيف قائلة: quot;إنه لو قيض لبريطانيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي أن تصوت في الانتخابات الأمريكية المقبلة، فلربما فاز أوباما بالبيت الأبيض بأغلبية ساحقة.quot;

وتذكرنا الكاتبة بنتائج استطلاع الرأي الذي كانت صحيفة الجارديان البريطانية قد أجرته الأسبوع الماضي وأظهرت نتائجه أن أوباما يتفوق بالشعبية في بريطانيا على خصمه الجمهوري جون ماكين بنسبة خمسة إلى واحد. وتقول عن أوباما إنه يحظى بإعجاب في ألمانيا وفرنسا أكثر مما هي عليه الحال في بريطانيا، فقد بات كلا البلدين يُعرفان بـ quot;أوباما لاندquot;.

وترى الكاتبة أن الرياح لا تجري دوما داخل الولايات المتحدة بما تشتهي سفن أوباما، فالرجل يصارع لإقناع ناخبيه بأنه quot;الخيار الأولquot;، على الرغم من أنه يحظى في الخارج بدعم الجميع: ابتداءا بشيوعي فرنسا، إلى حزب الخضر في ألمانيا، إلى العديد من المحافظين في بريطانيا. وتعتقد أن على أوباما أن يتعظ من تجربة الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون الذي استطاع أن يضع يده على الجرح يوم صرخ بوجه خصمه بشعاره الذي أطلقه وسارع الناخبون الأميركيون إلى تلقف مغزاه حين قال له: quot;إنه الاقتصادأايها الغبي.quot; وتختم الكاتبة بالقول: quot;نعم، قد يعشق العالم أوباما، لكن الأميركيين يحبون أن يروا رئيسا هو من التركيز كشعاهعالليزر الذي يسلط ضوءه على همومهم ومشاغلهم فيكشفها ويعالجها.quot;

أما الديلي تلغراف، فتخصص إحداى افتتاحياتها اليوم للحديث عن فرص وحظوظ سناتور ألينوي الأسود بالوصول إلى البيت الأبيض. تبدأ الصحيفة افتتاحيتها، التي جاءت تحت عنوان، إن جاذبية أوباما يجب أن تستند إلى سياساته، بالقول quot;إن الولايات المتحدة لديها قدرة عجيبة على إعادة اختراع نفسها.quot; وتدلل الصحيفة على صحة الفرضية التي ذهبت إليها من خلال عرض تجارب ناجحة لرؤساء أمريكيين سابقين تمكنوا من إنقاذ بلدهم في أعقاب غرقها في مستنقع أزمات عويصة.

تقول افتتاحية الديلي تلغراف إن الرئيس الأميركي السابق جون إف كينيدي استطاع أن يهدئ ويبدد مخاوف بلاده خلال أحلك ساعاتها من الصراع مع الاتحاد السوفيانتي السابق إبان عهده في ستينيات القرن الماضي. كما وعد رونالد ريغان بإحياء االقتصاد الأمريكي بعد أن كان قد بلغ معدل التضخم فيه أكثر من عشرة بالمائة خلال سبعينيات القرن الماضي.

أما في الوقت الراهن، ترى الافتتاحية، فإن الكثير من الأميركيين يعتقدون أن أوباما هو السياسي الذي سينقذ البلاد من مصاعبها الاقتصادية ويعيد إليها سمعتها التي تلطخت كثيرا عبر العالم خلال سنوات حكم الرئيس الحالي جورج دبليو بوش. وتعبر الصحيفة عن شكوكها بشأن ما إذا كانت الخطوات والسياسات، التي يعلن أوباما أنه بصدد تنفيذها في حال فوزه بالرئاسة، قائلة إن مثل هذه الخطط لا تنبىء بأن أحلام أنصاره بانتعاش اقتصادي وأمجاد سياسية ستتحقق في ظل قيادته.

وترى الصحيفة أن خطط أوباما بشأن الانسحاب السريع من العراق وتقليل الاعتماد على نفط الشرق الأوسط قد تكون مضرة أكثر مما هي نافعة. وتخلص الصحيفة إلى القول: quot;لا شك ان باراك أوباما يتمته بالجاذبية الشخصية (الكاريزما) اللازمة لكي تجعل منه رئيسا. لكن من أجل ان تنجح حيلته التالية، فيتعين عليه أن يطور سياسات تعادل وتساوي جاذبيته الشخصية الهائلة.quot;

ومن أفغانستان، ترصد لنا الأوبزيرفر أيضا ما يحدث مع الأميركيين، في حربهم الدائرة ضد القاعدة وحركة طالبان، وهذه المرة من خلال تقرير لمراسلها جيسون بيرك الذي يتحدث فيه عن quot;أوباما الذي نقل حملته للسباق إلى البيت الأبيض إلى ميادين المعركة.quot;

يقول التقرير إن المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية المقبلة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل يرمي من خلال جولته الراهنة، التي تأخذه إلى كل من أفغانستان والعراق والأردن وإسرائيل وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، إلى تعزيز صورته أمام ناخبيه الأميركيين كلاعب يجيد اللعب في ميداني الأمن والسياسة الخارجية، بالإضافة إلى تقديم نفسه لبعض من حلفاء واشنطن من زعماء العالم.

ويلفت التقرير إلى أن أوباما توقف، حتى قبل أن يصل إلى أفغانستان، في معسكر كامب أريفجان، وهي القاعدة العسكرية الأميركية الأساسية في الكويت والبوابة الرئيسية للقوات الأمريكية المتجهة من وإلى العراق. كما أن أوباما بدأ زيارته إلى أفغانستان من خلال لقائه مع القادة العسكريين الأميركيين والجنود المرابطين على خط النار في مواجهة مسلحي طالبان وأنصار تنظيم القاعدة.

وينقل التقرير عن أوباما، الذي يرافقه عدد كبير من الصحفيين ومندوبي وسائل الإعلام الأميركية، قوله: quot;أريد ان أتكلم إلى القادة وأعرف منهم عن كثب ما هي أكبر همومهم. كما أود أن أشكر قواتنا من أجل عملهم البطولي الذي يقومون به.quot;

ويذكِّرنا التقرير بفحوى استراتيجية أوباما التي تقوم على سحب القوات الأمريكية من العراق في غضون 16 شهرا من وصوله إلى البيت الأبيض، في حال فوزه بالانتخابات المقبلة، ومن ثم زيادة عدد القوات في أفغانستان بغية التمكن من القضاء السريع على تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن وحلفائه من فلول حركة طالبان. ومن المقرر أن يلتقي أوباما بالرئيس الأفغاني حميد كرزاي الأحد.