صنعاء: دعت دراسة علمية حديثة إلى تعزيز جوانب الشراكة القائمة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني في سبيل تحقيق أهداف التنمية الألفية 2015، وكذا الخطة الخمسية الثالثة للتنمية والتخفيف من الفقر 2006-2010 .

وأكدت الدراسة التي أعدها الدكتور عبد الحكيم أحمد الشرجبي أستاذ علم الاجتماع المشارك بجامعة صنعاء أهمية دعم مشاركة المجتمع المدني في وضع السياسات والخطط التنموية، وإشراكه بفعالية في بناء وتصميم المشاريع التي تلبي احتياجات المجتمعات المحلية والفئات الفقيرة، إضافة إلى إدماجه في إعداد تقارير المتابعة والإنجاز الدورية والسنوية للخطة الخمسية والمشاريع التنموية وإعداد تقارير الظل، وصولا إلى إجراء المسوحات لدراسة أثر المشاريع على المجتمع وتعزيز الوعي التنموي والسلوك الاقتصادي الرشيد للمجتمع .

وقالت الدراسة :quot; أن مدى نجاح منظمات المجتمع المدني في نشاطاتها الإنمائية والتغييرية تجاه الأفراد خصوصا والمجتمع عامة يرتبط إلى حد كبير بطبيعة الحكومة والسياسات القائمة وبمدى اتساع الحريات العامة، وإدراك الطرفان quot;الدولة- والمجتمع المدنيquot; بأنهما معا يتقاسمان منظورا مشتركا بشان التنمية الشاملة وأهدافها وفق إجراءات محددة.

* مميزات الشراكة :
الدكتور الشرجبي نوه في دراسته التي قدمها الى المؤتمر الاول لعلماء وباحثي علم الاجتماع الذي انعقد بالعاصمة صنعاء اواخر يناير المنصرم - نوه بمميزات الشراكة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني التي تبرز من خلال نشاط وفاعلية هذه المؤسسات وسردها في :quot; قيام منظمات المجتمع المدني على تنظيم الجهد الشعبي والمجتمعي في الأنشطة الخيرية والتنموية والثقافية والإبداعية...الخ، إضافة إلى مساهمتها في مجالات التعليم والتدريب والتوعية، وصولا إلى دورها في العمل على التخفيف من توحش السوق ومن معاناة الفقراء والمهمشين، وتوفر آلية لمشاركة الناس في اتخاذ القرار، والمشاركة في الرقابة على أعمال الحكومة والقطاع الخاص .

وبحسب الدراسة ، فان مقومات منظمات المجتمع المدني والتي تمكنها من تحقيق هذا الدور كونها:quot; صغيرة الحجم وأدارتها تتسم بالمرونة، وإنها أقرب ألي الناس وأكثر استجابة لهم ، كما أنها تستخدم الموارد بشكل أفضل مع سهولة المراقبة والمحاسبة من أفراد المجتمع.. محققة بذلك مبدأ الشفافية والمسألة، كما توجه أنشطتها ألي المشاريع ذات الأولوية في المجتمعات المحلية وليس الفردية، ناهيك عن أنها تدير المشروعات وتصونها بدرجة كفاءة أعلى ،وتعمل على تدريب وتأهيل السكان على العمل الجماعي، وتساهم في خلق فرص عمل جديدة.. مستخدمة العمالة المحلية في تنفيذ مشروعاتها.

* أفاق ومجالات الشراكة :
ورأت الدراسة أن أهم مجالات التعاون والشراكة بين منظمات المجتمع المدني الوطنية والمنظمات الغير حكومية الأجنبية تتمثل في قيام الأخيرة بتوفير تمويل بعض المشروعات التي تنفذها المنظمات غير الحكومية الوطنية.. لافتة إلى أن المنظمات الناشطة في مجال الدفاع عن الحقوق والحريات، أو مجالات البحوث والدراسات والمعلوماتية وتنمية المرآة والطفولة، والجماعات الهامشية اجتماعيا تعد من أكثر المنظمات اعتماد على التمويل الأجنبي منذ تأسيسها رغم محدودية فاعليتها في المجتمع حسب ذكر الدراسة .

ووفقا للدراسة فان من آفاق ومجالات مشاركة منظمات المجتمع المدني في التنمية البشرية في اليمن، تتمثل في قيامها بسد فجوات كبيرة فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية خاصة للفئات الفقيرة والمهمشة، ولها أهمية كبيرة في نجاح التنمية الريفية خاصة في مجالات التنمية البشرية، أي أنها تعمل على تقليص وتضييق الفجوة التنموية بين الريف والحضر، كما يمكن اعتبارها أوعية وصناديق محلية ادخارية تحشد التمويل وتجمعه لتنفذ مشاريع صغيرة كانت أو متوسطة مدرة للدخل وتشبع حاجات الناس من الخدمات، وانتهاء بكونها أطرا مؤسسية تتلقى التمويل والمنح والهبات الخارجية وتوجهها لصالح الأفراد.
كما تقوم منظمات المجتمع المدني بتعزيز قدرات الأفراد على تعبئة مواردهم ونشاطاتهم وفق مشاركة جماعية، ورفع وعي الأفراد بأهمية تنمية وتحسين حياتهم من خلال مجهوداتهم الذاتية وفق أطر مؤسسية مدنية تدعم وتنظم التكامل والتعاون الجمعي، وقيامها بدور تكميلي لسياسة الدولة التنموية وفقا للدراسة .

* المجتمع المدني ومكافحة الفقر:
إلى ذلك فقد أكدت الدراسة على ازدياد دور منظمات المجتمع المدني في أنشطة التنمية، وخاصة في التخفيف من الفقر، وتعزيز الحكم الجيد وحقوق الإنسان ، عبر تهيئة بيئة مواتية للتنمية عبر سلسة من الغايات الإنمائية الواضحة من أهمها العمل على ترسيخ الديمقراطية فيquot;مجتمع مدني قوىquot; واعتماد مبدأ الشراكة الحقيقية من اجل التنمية.. منوهة بفاعلية وتعاظم دور منظمات المجتمع المدني في وجود دولة النظام والقانون، إضافة إلى ما يتميز به هذا الدور من السرعة وسهولة حصول المستفيدين على ثماره، واعتماده في الأساس على مشاركة أفراد المجتمع نفسه. مذكرة في ذات الصدد بسعي الخطة الخمسية الثالثة للتنمية والتخفيف من الفقر إلى تشجيع منظمات المجتمع المدني لتوسيع دائرة تدخلاتها ومساهمتها التنموية في المناطق الريفية في إطار شراكه مع السلطة المحلية ترتكز على دعم المبادرات الذاتية للمجتمع المدني وقيامة بتنفيذ بعض المشروعات وإشراكه في إطار المحافظات والمديريات لتحديد الاحتياجات التنموية وإعداد الخطط وتقييمها ومراقبة تنفيذها فضلاً عن مساعدة المجالس المحلية في تحديد الفئات المستهدفة والفقيرة من خدمات المجالس المحلية.

بالمقابل شددت الدراسة على ضرورة تعزيز جوانب الشراكة بين الحكومة وquot;القطاع الخاصquot; من خلال استكمال توفير متطلبات البيئة الاستثمارية الملائمة لتشجيع القطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار في القطاعات المختلفة مثل توفير البنية التحتية ورفع كفاءتها و تهيئة أجواء الاستقرار الاقتصادي والأمني والسياسي ، وتفعيل الأطر المؤسسية الداعمة للقطاع الخاص مثل المجلس الأعلى للصادرات واللجان المشتركة في القطاعات والمجالات المرتبطة بنشاط القطاع الخاص , إضافة إلى إشراك القطاع الخاص في لجان صنع السياسات الاقتصادية واتفاقيات التعاون الإقليمي والدولي ومراجعة السياسة الضريبية والجمركية والنقدية.

يشار إلى أن الدراسة عرفت مفهوم الشراكة بأنه :quot; اقتراب تنموي، يتضمن علاقة تكامل، بين قدرات وإمكانات طرفين أو أكثر، تتجه لتحقيق أهداف محددة، وفي إطار من المساواة بين الأطراف، لتعظيم المزايا النسبية التي يتمتع بها كل طرف، وأيضاً في إطار احترام كل طرف للآخر، وتوزيع الأدوار وتحمل المسؤوليات بقدر كبير من الشفافية.