مفاوضات ماراثونية بين الفشل والنجاح لتمرير قانون الانتخابات
بارزاني يهدد بضم منفرد لكركوك ويرفض التدخل التركي
أسامة مهدي من لندن :
أكد رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني دعمه لمطالب الأعضاء الاكراد في مجلس محافظة كركوك بضمها إلى الإقليم، مهددًا بإجراء منفرد لتحقيق ذلك، ودعا تركمان وعرب المدينة إلى حوار مع الأكراد واعدًا بمكاسب لهم ورفض بشدة اي تدخل خارجي في قضية كركوك في اشارة الى تركيا ووصف تمرير قانون الانتخابات المحلية مؤخرًا بأنه مؤامرة كبرى... في وقت تتواصل مفاوضات اللحظة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق حول القانون حتى يتم التصويت عليه بجلسة استثنائية لمجلس النواب اليوم وبعكسه فإن الاحتقان الذي يسود الشارع العراقي جراء ذلك سيزداد خطورة.

رفض التدخلات الخارجية
وأكد بارزاني خلال مؤتمر صحافي في مطار اربيل عاصمة اقليم كردستان فور عودته إليها الليلة الماضية بعد زيارة لبغداد استغرقت عشرة أيام اجرى خلالها مباحثات مع كبار المسؤولين العراقيين ان الاكراد لن يسمحوا أبدًا بتنفيذ اجندة خارجية في كركوك في اشارة إلى تركيا.

وأكد أن الأكراد سيفشلون أي مخططات خارجية حول المدينة... وأضاف quot;قلتها في السابق وسأكررها بكل قوة اننا سنعمل ونعد الشعب الكردي بألا نعطي فرصة لنجاح أي أجندات خارجية في كركوكquot;. وخاطب سكان الميدنة الشمالية الغنية بالنفط من التركمان والعرب قائلاً quot;انتم اخواننا ولا نحب أن يتاجر بكم الاشخاص الذين لديهم اجندات خارجية نحن اخوتكم ونعد الشعب الكردستاني بأننا لن نسمح بانتصار اي اجندة خارجية في كركوكquot;.

وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان قد عبّر خلال اتصال هاتفي مع الرئيس طالباني الاسبوع الماضي عن قلقه من مطالب ضم كركوك اقليم كردستان مؤكدًا تأييده لتقاسم السلطة فيها بين قومياتها الكردية والرتكمانية والعربية والكلدو اشورية. وأشارت الخارجية إلى طلب ضم المدينة الى كردستان مؤكدة أنه لم يطرأ اي تغيير في السياسة التركية بخصوص كركوك، وأن أي تغيير من هذه القبيل غير وارد بتاتًا. وأكدت موقف تركيا الثابت بضرورة تمثيل جميع مكونات الشعب في كركوك بشكل عادل ومتوازن ضمن النسيج العراقي ومنح المدينة وضعًا خاصًا. وقالت إن تركيا تراقب بدقة بالغة تصرفات بعض الأطراف والعناصر التي تسعى لتعكير الجو وتحاول جاهدة خلق امر واقع في المدينة... وحذرت بأن ذلك لن يكون من مصلحة احد.

الخلافات حول قانون الانتخابات
وحول الخلافات المتعلقة بقانون انتخابات مجالس المحافظات وتمريره في مجلس النواب في الثاني والعشرين من الشهر الماضي قال بارزاني خلال مؤتمره الصحافي الذي نقلته فضائيات واجهزة اعلام كردية ان quot;الخطأ كان من جانب حلفائنا وفي أداء قائمة التحالف الكردستاني وهي الفرصة التي إنتهزها الاعداءquot;. واضاف قائلا quot;حينما ذهبنا إلى بغداد كان من أجل إجراء مباحثات مع الحكومة الفدرالية والقوى والأطراف السياسية حول ما حدث في مجلس النواب العراقي لتكون الصورة واضحة وبعد إجراء مباحثات طويلة إتضح لنا أن ما حدث في مجلس النواب كان مؤامرة كبيرة وخطرة جدًا على العملية الديمقراطية وعلى الدستور وبالدرجة الأولى شعب كردستان والمكتسبات المتحققة له ضمن الدستور، كان هدفهم إجهاض كل هذهquot; . واشار الى ان quot;قانون إنتخابات مجالس المحافظات قانون لا بأس به ولكن صياغة مادة كركوك جاءت ضد مواطني كردستان وحقوقهم إضافة إلى أن هدفهم الرئيس كان معاداة مواطني كردستان ضد الديمقرطية، ولكن في الحقيقة هناك بعض الأطراف لم ترد ولا تريد حتى الآن أن تجري إنتخابات مجالس المحافظات ربما خوفًا من خسارة مكتسباتهم أو إدعائهم بأنهم يمثلون كذا عدد من الناخبين، لذا فإن أسهل طريقة لهم هو جرنا إلى قضية كركوك لكي يشرعوا قانونًا لن يقبله أي كان وليقولوا بعد ذلك بأن الكرد هم من لا يقبلون أن تجرى الإنتخاباتquot; .


وقال بارزاني quot;نحن قلنا بصورة واضحة لا لبس فيها بأننا مع إنتخابات مجالس المحافظات،وليقوموا بإجرائها غداً ولكن بالترافق مع بقية المحافظات وقلنا لهم إن كنتم تريدون أن تخلقوا لنا مشكلة كهذه فإننا لا نعتقد أن بإمكانكم فعل ذلك وقد وضعنا أمامهم ثلاثة خيارات لو ترغبون في أن تجروا إنتخابات مجالس المحافظات في مدن العراق الأخرى فقوموا بإجرائها في كركوك أيضًا، وهناك من يدعي بأن الاكراد مارسوا ظلمًا في كركوك وقد إستقدموا نصف مليون كردي من تركيا وإيران لتغيير الواقع الديموغرافي في المدينة لكننا نقول لهم نحن لم نتمكن من إعادة نصف المرحلين من كركوك إليها... ثم تساءل قائلاً: quot;من أين إستقدمنا نصف مليون كردي وكيف يمكن إخفاء نصف مليون إنسان quot; . وقال quot;لهؤلاء الذين يدعون ذلك، فإننا على إستعداد لتوقيع أي ضمانات يريدون، لكن يجب ألا تكون ضمن القوانين ونحن على إستعداد لتوقيع تلك الضمانات في ورقة منفصلة بشهادة السفارة الأميركية أو البريطانية وبشهادة الأمم المتحدة وكافة الأحزاب الأخرى، تريدون أن تشرعوا ذلك في قانون فأفهمونا لماذا تريدون تشريع القانون لكركوك فقط فوضع الموصل مماثل يقطنها الكرد والعرب والتركمان وديالى أيضاً، أتريدون أن تشرعوا ذلك في قانون فإننا نزيل حجتكم تلك لكن يجب أن يتضمن ذلك ثلاثة أمور، أولاً يجب ألاّ يكون هذا عائقاً أما تنفيذ المادة مئة وأربعين والقانون ثلاثة عشر الذي يمنح السلطة لمجالس المحافظات، لكنهم يريدون إنتزاع تلك السلطة من كركوك فنحن نرفض رفضاً تاماً أن يتضمن هذا في ذلك القانون وقد نوقشت هذه القضية مناقشة مستفيضة وفي الحقيقة إن ما حدث كانت مؤامرة كبيرة وتضمنت أجندة خارجيةquot; .

مضمون مباحثات بارزاني في بغداد
واشار بارزاني الى مباحثاته مع المسؤولين العراقيين في بغداد، وقال quot; عقدنا إجتماعات لحسم القضايا العالقة وقررنا تشكيل لجنة لبحث تلك القضايا وتم التأكيد على أمور أساسية منها أولاً الإلتزام بالدستور والشراكة حيث إننا شركاء فعليون ولسنا شركاء فعليون فحسب، بل نحن مؤسسو هذا العراق الجديد، ومن ثم مبدأ التوافق القائم والسير عليه هو الذي يسود وستقوم اللجنة قريباً ببدء عملهاquot; . واضاف انه اذا كانت هناك مشاريع يتم تداولها وكانت تصاغ من قبل الأمم المتحدة، حيث كان يتم أخذ آراء كافة الأطراف وكانوا يعدون ورقة حيث كانت تضاف إليها أو يتم الحذف منها. وقال إن ما قاموا به في الثاني والعشرين من تموز هو من أجل إجهاض المادة مئة وأربعين وإنتزاع السلطة من مجلس محافظة كركوك، وكانت تلك هي البداية من أجل إجهاض بقية المكتسبات لو إستطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وكانت أكبر مرونة أن يتقدم بها الكورد هو قبول تأجيل إنتخابات محافظة كركوك، ولكننا حين يكون من الضروري أن نقول لا فاليوم هو ذلك اليوم الذي يجب أن نقول فيه لا .

واشار الى ان آخر مشروع هو الذي تقدمت به الامم المتحدة وقال quot;نحن تقريبًا موافقون عليه والمشروع هو ان نوافق على تقاسم السلطة في كركوك لكن الاطراف الاخرى كانت تطلب تقسيم كل السلطة وهذا الذي لا نقبله لأنه استحقاق انتخابي، وقلنا لهم نحن نوافق على تقاسم السلطة الادراية اما السلطة التشريعية فهذه ستبقى لحين انتهاء الانتخابات. والنقطة الاخرى التي نحن نطلبها هي ان يتضمن اي اتفاق او قانون فقرة تنص على ألا يتعارض القانون مع المادة 140 لانها الاساس لنا ولن نقبل اي بديل لهquot;. واضاف أن quot;الأمم المتحدة قامت بصياغة العديد من الأوراق على مدى الأيام الماضية بخصوص انتخابات كركوك وآخرها ورقة قدمت اليوم ووافق الكرد وحلفاؤهم عليهاquot; .. واوضح quot;نحن بانتظار موقف الجهة الأخرى التي تقف وراء صدور النسخة الأولى لقانون انتخابات مجالس المحافظات في 22 تموز الفائت عن مجلس النوابquot;.

وأكد بارزاني انه quot;وافق على ورقة الأمم المتحدة الأخيرة وسيوافق على أي مشروع أو ورقة أو قانون بخصوص أزمة كركوك بشرط أن لا تتعارض مع الدستور وتطبيق المادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليهاquot; . وقال أن quot;الأطراف التي تعارض الموقف الكردي تريد مشروعا ينهي المادة 140 من الدستور، ويسعون لتضمين المشاريع الجديدة فقرة تستثني كركوك دون المحافظات العراقية من الانضمام لأقاليم كما تسمح المادة 13 من الدستور وتلك أمور يرفضها الاكرادquot; .

تهديد بضم منفرد لكركوك الى كردستان
وعن طلب الاعضاء الاكراد في مجلس محافظة كركوك بالإنضمام الى إقليم كردستان قال بارزاني quot;ان طلب مجلس محافظة كركوك مشروط بتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي الدائم ففي حال عدم تنفيذ تلك المادة حينها فقط سيقررون الانضمام الى إقليم كردستان .. وإذا لم تتم تلبية طلبهم، فإن من حقهم الدستوري والقانوني الانضمام الى إقليم كردستان وهو ما ندعمهquot;.
وعن تأثيرات الأزمة الحالية على تحالفات الاكراد مع القوى السياسية، قال بارزاني إن quot;الأزمة ساهمت بتثبيت مبدأ التوافق بشكل جيد، وإن قسمًا من حلفاء الاكراد لا يزالون ملتزمين بالاتفاقيات الموقعة لكن اخرين خرجوا على الاتفاقيات وينتظر منهم أن يراجعوا مواقفهم المزدوجة وإلا ستلغى تلك التحالفات لأن الاكراد على حق ولن يغيروا مواقفهمquot;. وهدد بأنه في حال فشل المفاوضات الحالية حول قانون الانتخابات، فإن خطوة الاكراد المقبلة ستكون بحث طلب ضم كركوك لكردستان واصدار موقف ازاء ذلك .
يذكر ان مقترحات ممثل منظمة الأمم المتحدة في العراق ستافان دي ميستورا لحل أزمة مدينة كركوك تتضمن إجراء انتخابات في المدينة بعد التوصل إلى حل توافقي حولها من قبل لجنة برلمانية سيتم تشكيلها لإيجاد حل لأزمة المدينة والعمل على تقاسم السلطات بما فيها منصبي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة بشكل توافقي على أن يعطى الحق للقائمة التي تفوز بالأغلبية في مجلس محافظة كركوك باختيار احد المنصبين.

مفاوضات اللحظة الاخيرة لإتفاق حول قانون الانتخابات
وكان رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني قد قرر أمس إرجاء التصويت على قانون انتخاب مجالس المحافظات الذي كان من المتوقع أن يكون ضمن أعمال الجلسة إلى اليوم الثلاثاء بسبب عدم الاتفاق على صيغة توافقية للقانون. واشار نائبه الاول خالد العطية الى ان هناك اتفاقًا مبدئيًا على القانون ليتم التصويت عليه .


لكن النائب المستقل عز الدين الدولة نفى وجود أي اتفاق بين الكتل السياسية بشأن إقرار قانون الانتخابات في جلسة اليوم ، بسبب استمرار الخلافات بشان قضية كركوك . وأضاف أن quot;هناك خلافات كبيرة بين الأطراف العربية والتركمانية من جهة والتحالف الكردستاني من جهة أخرى تتمثل بعدم وجود ضمانات مكتوبة في مقترحات مستورا الخاصة بكركوك تؤدي إلى تطبيق هذه المقترحات بعد إقرار قانون الانتخابات. وأوضحت الدولة في تصريح نقلته وكالة quot;نيوز ماتيكquot; أن quot;الأطراف العربية والتركمانية تشدد على ضرورة وجود ضمانات قانونية توضع في قانون الانتخابات لحماية هذه الأطراف من أي محاولة كردية لعرقلة تنفيذهاquot; .

واعتبر أن quot;التحالف الكردستاني غير مضمون جانبه ولا يجب الوثوق به خصوصًا بعد مطالبته بضم مدينة كركوك إلى إقليم كردستان والتي تعتبر نية مسبقة من قبل التحالف الكردستاني لخرق أي اتفاق سياسي بشأن المدينةquot;، على حد قوله. وقال إن quot;مطالبة التحالف الكردستاني بإدخال المادة 140 في مقترحات دي مستورا بشأن كركوك هي محاولة لتعطيل إقرار قانون الانتخاباتquot;.

ووصف الدولة المادة 140 من الدستور العراقية بـquot;الميتةquot; معللا ذلك بالقول إن quot;الوقت المحدد لها وهو نهاية عام 2007 قد انتهى ولم يعد لها أي سند قانونيquot; .
وتقول مصادر عراقية مطلعة انه في حالة عدم التوصل الى اتفاق حول القانون فأن هناك ثلاثة خيارات سيتم اتباعها : الاستمرار بعقد جسات استثنائية خلال الايام المقبلة للوصول الى حل توافقي او ارجاء البت في القانون الى الفصل التشريعي المقبل في اواخر ايلول (سبتمبر) المقبل وهو امر سيؤدي الى تأجيل الانتخابات الى العام المقبل .. واخيرا امكانية اعتماد قانون الانتخابات الساري المفعول حتى الآن والذي تمت بموجبه الانتخابات المحلية في المحافظات عام 2005 .
لكن هذه المصادر حذرت من فشل مجلس النواب في التوصل لاتفاق سيزيد من احتقان الشارع العراقي الذي يتابع بقلق شديد مفاوضات اللحظة الاخيرة التي ستجري اليوم لتخطي العقبات التي تعيق المصادقة على نسخة معدلة من قانون الانتخابات المحلية .