طلال سلامة من روما: لا أحد يعلم بعد ما ستكون أبعاد تعليقات الكاردينال ريناتو مارتينو، المسؤول عن شؤون العدالة والمهاجرين بدولة الفاتيكان، حول ظاهرة التسول التي تتفشى أكثر فأكثر في شوارع المدن الإيطالية. في أي حال، لا تتوافق ردود فعل الفاتيكان مع إجراءات حكومة روما الأمنية لقمع ظاهرة التسول. فالتسول على الطرقات هو حق رئيسي لأي شخص يعيش في حالة من الجوع والفقر والبرد. فهل التجول في الشوارع بحثاً عن قطعة خبز أم مساعدة يخل بأمن المدن، أم هو انتهاك للحقوق البشرية؟ بمعنى آخر نجد تبايناً كبيراً بين مواقف الفاتيكان وروما في ما يتعلق بظاهرة التسول. فالأول ينظر إليها بروح إنسانية بينما تنظر اليها روما وكأنها خلل أمني ينبغي استئصال جذوره عسكرياً.

بالطبع، تجمع الفاتيكان وروما على ضرورة مكافحة عصابات الغجر التي تستغل الأطفال والقاصرين عن طريق نزعهم بالقوة من التعليم في المدارس لإرسالهم للتسول في الشوارع. من جانب آخر، علينا ألا نستخف بأهمية هذه الظاهرة quot;الغجريةquot; لناحية جلب ميزانية شهرية ممتازة تنصب بالكامل في جيوب مافيا الأسر الغجرية.

لم يعلق الفاتيكان مباشرة على الإجراءات التي سيتبناها رؤساء البلديات، من البندقية الى روما، لقمع ظاهرة التسول التي تختلق إزعاجاً للمواطنين والسائحين معاً. مع ذلك، نجد انتقاداً لاذعاً من الفاتيكان الى حكومة برلسكوني، في كلمات الكاردينال مارتينو. إذ يبدو أن حكومة روما تغلق عينيها أمام حاجات الفقراء، وليس جميعهم من الغجر(يكفي القيام بجولة في محطات القطارات بالمدن الكبرى لنرى في صفوفهم خليط من جميع الجنسيات حول العالم وأولها تلك الإيطالية). بدلاً من محاربة المتسولين المحتاجين، لم لا تقوم الحكومة بتأمين أدنى احتياجاتهم الاجتماعية والصحية؟ صحيح أن العديد من الجمعيات الخيرية هنا يقوم بتغطية جزء من هذه الاحتياجات، كما تقديم المأوى المؤقت والأكل في مطاعم خاصة، لكن ايطاليا تتخلف كثيراً عن المعاملة المؤسساتية الأكثر احتراماً التي يحظى بها الفقراء في باقي الدول الأوروبية، بخاصة تلك الاسكندنافية.