اتلانتا : تقدم الانتخابات الرئاسية الأميركية تناقضا حادا بين نوعين من الوطنية: جون مكين بطل حرب في حين يدعو منافسه باراك اوباما الأميركيين إلى التحلي بروح القدرة على تحقيق النجاح التي اتسم بها مؤسسو البلاد.

وفي نوفمبر تشرين الثاني سيكتشف المرشحان أي الاسلوبين كان اكثر جاذبية للناخبين في الوقت الذي تخوض فيه الولايات المتحدة حربين وتشهد حالة من القلق الاقتصادي.

وخلافا للدول الديمقراطية الاخرى تلعب الوطنية على الرغم من كونها مفهوما غير واضح دورا قويا في الانتخابات الأميركية حين تتم تذكرة الأميركيين كثيرا بالجذور الثورية لبلادهم ويستغل الساسة شعورا بالفخر الوطني.

وجعل مرشح الحزب الديمقراطي اوباما من الوطنية فكرة رئيسية لحملته اذ سعى لان يصبح مصدر الهام للناخبين للتغلب على التقسيمات القائمة على العرق أو الحزب ويستغل قصته كطفل من اب كيني وأم من كانساس كمثال على الفرص التي لا تتاح الا في الولايات المتحدة.

لكن خلال مسار الحملة يصفق الجمهور ايضا لروايات مكين الجمهوري عن تجربته كأسير حرب في فيتنام والتي تجسد صفات يسعى إلى ابرازها كمرشح.

وحين كان مكين طيارا بالبحرية أسقطت طائرته فوق هانوي عام 1967 . وطعن وضرب وعذب وسجن لاكثر من خمسة أعوام منها عامان في حبس انفرادي.

وبدت جاذبية هذه السيرة التي تبرز الانتصار على المحن اثناء خدمة الوطن واضحة يوم السبت في مقابلتين أذاعهما التلفزيون مع كل من المرشحين وأجراهما القس البارز ريك وارن في كنيسته بكاليفورنيا.

وحين طلب من اوباما أن يصف أصعب قرار اتخذه على الاطلاق تحدث عن قراره معارضة حرب العراق.

اما مكين فروى كيف قرر رفض تسليمه المبكر لبلاده من سجن في هانوي على الرغم من أنه كان مصابا لانه لم يرد أن يتخطى دوره وهي القصة التي لقت صدى واضحا لدى الجمهور.

وقال ريتشارد كون استاذ التاريخ بجامعة نورث كارولاينا انه ليس هناك شيء في قصة حياة اوباما يضارع هذه التجارب التي تعزز شعار حملة مكين quot;الدولة اولاquot;.

وتقاعد مكين من البحرية عام 1981 وخاض مجال السياسة. ويؤكد على السنوات التي قضاها في الحرب للتشكيك في مسوغات السياسة الخارجية الخاصة بأوباما والاستعداد ليكون قائدا للجيش.

من جانبه يمتدح اوباما مرشح الحزب الديمقراطي مكين لخدمته الوطنية لكنه جعل من معارضته التي لا تلين لحرب العراق ركيزة لحملته وتعهد بسحب القوات الاميركية القتالية من العراق.

نشأ اوباما في اندونيسيا وهاواي ونتيجة لهذا يمكن أن يكون عرضة للاتهام بأن خلفيته وقيمه غير مألوفة.

وظهر أحد أساليب استغلال هذا الاسبوع الماضي في مذكرة كتبها مارك بين واضع الاستراتيجيات للحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون التي كانت تطمح في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض سباق انتخابات الرئاسة العام الحالي. وأشارت المذكرة إلى أن كلينتون كانت تستطيع هزيمة اوباما لو كانت خاضت حملة قائمة على مخاطبة الشعور الوطني بشكل صريح.

وجاء في مذكرة النصح التي لم تتبنها كلينتون أنه كان يجب تقديم اوباما على أنه ليس quot;أميركيا أصيلاquot;.

وفي محاولة فيما يبدو للتغلب على أي تشكك بشأن خلفيته وقيمه يستعرض الحزب الديمقراطي قصة حياة اوباما في مؤتمره الذي يعقد في دنفر الاسبوع القادم ويبدأ بكلمة تلقيها زوجته ميشيل في الليلة الافتتاحية.

وقال واضح الاستراتيجيات الديمقراطي مارك ميلمان quot;سيبين حب البلاد بالقول والفعل خلال المؤتمر.quot;

وأضاف quot;ليس شيئا تكرره.. أنا وطني. ليست هناك أنشطة محددة للوطنية. يجب أن تأتي من خلال طريقة حقيقية وصادقة.quot;

وسيكون اوباما أول رئيس أسود اذا فاز وبهذا يواجه عقبة اضافية في محاولاته لاقناع الناخبين.

وقال كون quot;هناك ارتياب تاريخي في أن الأميركيين من أصول افريقية أقل وطنية.quot;

وشارك الأميركيون من أصول افريقية في جميع الحروب التي خاضتها البلاد لكن جرى التشكيك في ولائهم لان الكثير من زعماء السود انتقدوا سياسات الولايات المتحدة المتعلقة بالعرق ويفترض بعض البيض أن التمييز التاريخي ضدهم بما فيه العبودية قوض التزامهم تجاه المثل الاميركية.

ويرى رونالد والترز استاذ السياسة والحكم بجامعة ماريلاند أن quot;المحافظين من البيض ينظرون اليهم (السود) على أنهم غير وطنيين واذا نظرنا إلى الدستور والتاريخ سنجد أن مجتمع السود كان يحاول أن يكون الدستور ملائما للجميع.quot;

لكن بيتر ميلينديز الذي تقاعد مؤخرا من الجيش الاميركي بعد 22 عاما في الخدمة قال انه حتى بالنسبة لقدامى المحاربين ليس بالضرورة أن يكون وضع مكين عاملا حاسما.

وأضاف quot;خاض القتال وخضت القتال لكن كونه رجلا عسكريا يخوض الانتخابات لا يعني أن له الحق في ادارة البلاد.quot;