الانتخابات الأميركية: الحملة الانتخابية القذرة للآباء المؤسسين1/2

واشنطن: لم تكن الانتخابات الأميركية الأخيرة الوحيدة التي شهدت موجة من التشهير والتشهير المضاد، فقد دشنها اثنان من الأباء المؤسسين للولايات المتحدة الأميركية، كانا صديقين، أحدهما الرئيس الثاني للولايات المتحدة والثاني نائبه، ومن ثم توالت العملية، التي أخذت تشهد مؤخراً دخول التكنولوجيا الحديثة على خط quot;المواجهة الشرسة.quot; وفي الحلقة الأولى نستعرض بداية الحملات السلبية التي يمكن وصفها بالقذرة، وفي هذا الجزء نستعرض الحملة القذرة بين المرشحين. جون كوينسي أدامز وأندرو جاكسون. خاض جون كوينسي أدامز وأندرو جاكسون واحدة من أقذر الحملات الانتخابية في التاريخ الأميركي

عاش الرئيس جون أدامز من العمر ما يكفي لرؤية ابنه يصبح رئيساً عام 1825، لكنه مات قبل يفقد الابن الحكم لمصلحة أندرو جاكسون عام 1828، ما يعني أنه لم يشهد ما اعتبره المؤرخون أقذر منافسة انتخابية في التاريخ الأميركي. وخلال المنافسة القذرة، وصف جون كوينسي أدامز بأنه quot;قوادquot;، بينما وصفت زوجة أندرو جاكسون بأنها quot;مومس.quot; ومع تواصل الحملة الانتخابية، صارت افتتاحيات الصحف الأميركية أشبه بكتابات على جدران الحمام أكثر من كونها تعليقات سياسية.

فقد كتبت إحدى الصحف تقريراً يفيد بأن quot;والدة الجنرال جاسكون كانت عاهرة، حضرها الجنود البريطانيون معهم، ثم تزوجت من رجل ولد لعبدة، وأنجبت منه عدة أبناء، كان الجنرال جاكسون أحدهم.quot; لقد شعر العديد من الأميركيين أنه لم يكن ينبغي انتخاب جون كوينسي أدامز في المقام الأول، ولذلك ففي انتخابات العام 1824، فاز جاكسون بأصوات الشعب، لكنه لم يفز بالأصوات الانتخابية، ولذلك فقد اختار مجلس النواب الرئيس المفترض.

وألقى المرشح الثالث للانتخابات الرئاسية آنذاك، هنري كلاي، بثقله خلف أدامز، الذي قام بتعيينه وزيراً للخارجية رداً للجميل، وهو الإجراء الذي وصفه مؤيدو جاكسون بأنه quot;الصفقة الفاسدةquot; وظلوا طوال السنوات الأربع التالية يصفون أدامز بأنه quot;مغتصب لكرسي الرئاسة.quot; وبذلك أصبح جون كوينسي أدامز، الذي كان ينتمي للحزب الديمقراطي الجمهوري، الرئيس السادس للولايات المتحدة الأميركية.

وبعيداً عن الحملة الانتخابية، فقد تمكن أندرو جاكسون من الاتصال بالناخبين من خلال خلفيته الاجتماعية، وهو الأمر الذي لم يختلف كثيراً عما فعله أدامز. وكان جون كوينسي أدامز، ومنذ كان في الخامسة عشرة من عمره، قد سافر إلى أوروبا عدة مرات، وأتقن عدة لغات، وعمل مترجماً في بلاط إمبراطورة روسيا quot;كاترين الثانية.quot;

وفي الأثناء، لم يحظ جاكسون بأي مما حظي به أدامز، فعندما كان في الخامسة عشرة من عمره، تعرض للاختطاف والضرب على أيدي الجنود البريطانيين، وكان يتيماً، وترك ليعيل نفسه في شوارع كارولينا الجنوبية. وكان أدامز دبلوماسياً حصل على شهادته من جامعة هارفارد، وهو من أسرة بارزة في quot;نيو إنغلاندquot;، بينما كان جاكسون بطل حرب متواضعاً من منطقة ريفية في الجنوب، لم تتح له الفرصة ليتعلم، وبذلك فقد كان أول مرشح رئاسي في التاريخ الأميركي الذي يسوّق نفسه بوصفه رجلاً من الشعب، الذي أحبه لتلك الصفة.

وفي الانتخابات اللاحقة، أي انتخابات العام 1828، تحالف الشعب وتراصوا خلف جاكسون، رغم افتقاره للتعليم والتجربة السياسية، الأمر الذي أثار قلق مؤيدي أدامز، ومنذ ذلك الحين لم يجرؤ أي مرشح رئاسي أميركي على الدخول إلى البيت الأبيض دون الحصول على تأييد الشعب. وأصبح أندرو جاكسون، العضو في الحزب الديمقراطي، الرئيس السابع للولايات المتحدة.

غير أن خسارة انتخابات العام 1828 ربما تكون أفضل ما حصل للرئيس جون كوينسي أدامز، إذ ما أن عاد إلى موطنه في ماساشوستيس، حتى لملم نفسه وخاض انتخابات الكونغرس، ليبدأ مسيرة ملحمية في حياته السياسية. وخلال السنوات السبعة عشر في مجلس النواب، أصبح أدامز بطلاً بعد أن قدم تشريعاً لفتح النقاش حول العبودية.

وفي عام 1841، ربط أقواله بالأفعال عندما دافع عن 39 أسيراً أفريقياً كانوا على متن السفينة quot;أميستادquot; أمام المحكمة الأميركية العليا، في وقت كان فيه كل القضاء، باستثناء اثنين، من المؤيدين للعبودية، غير أن أدامز حقق الانتصار في دعواه القضائية حول حقوق الإنسان.