طلال سلامة من روما: لن تضع ايطاليا قواعد الناتو الموجودة على أراضيها تحت تصرف الأميركيين في حال خططت حكومة واشنطن لمهاجمة ليبيا. اعتماداً على البند الرابع من معاهدة الصداقة والتعاون الإيطالي الليبي، التي وقعها برلسكوني والقذافي معاً يوم السبت الماضي، ستمنع ايطاليا القوات العسكرية الأميركية من شن أي هجوم على ليبيا انطلاقاً من قواعد الناتو الموجودة في شمال وجنوب ايطاليا. ويبدو أن ليبيا خاضت مفاوضات طويلة ومعقدة مع ايطاليا قبل انتزاع وعداً هاماً من الرئيس سيلفيو برلسكوني. في بداية المفاوضات، أرادت ايطاليا التقيد حصراً بعدم الاعتداء على ليبيا. بيد أن المفاوضين الليبيين أصروا على أن الخطة الإيطالية غير كافية إذ ان الهجوم الذي نفذته طائرات مقاتلة أميركية في العام 1986 على ليبيا انطلق من ايطاليا.

خلال اللقاء الأخير بين برلسكوني والقذافي، يبدو أن ليبيا هددت بعدم التوقيع على معاهدة الصداقة مما قد يجعل العلاقات بين البلدين متوترة وغير ودية إطلاقاً، في حال عدم موافقة برلسكوني على منع أي اعتداء أميركي على ليبيا عن طريق ايطاليا. هكذا، تجاوب برلسكوني مع الرغبة الليبية ربما لشعوره بالخجل أم لرغبته ونواياه الطيبة مع الليبيين.

هكذا، واحتراماً لمبادئ الشرعية الدولية لن تستعمل ايطاليا ولن تسمح باستعمال أراضيها للهجوم على ليبيا. كما لن تستعمل ليبيا ولن تسمح باستعمال أراضيها لأي اعتداء يستهدف ايطاليا. هذا محتوى البند الرابع من المعاهدة الإيطالية الليبية. هذا وتفاجأ الحزب الديموقراطي اليساري بمثل هذا النوع من المعاهدات طالباً من حكومة برلسكوني توضيح نص هذه المعاهدة في قاعة البرلمان. فالعلاقات الدولية لا ترى أي دولة تمتنع بصورة وقائية عن اتخاذ قرارات تتعلق بأمنها ومصالحها الوطنية. بمعنى آخر، فان التيار اليساري الرئيس المعارض لا يرى أي داع لردع الأميركيين عن مهاجمة ليبيا عبر الأراضي الإيطالية.

يبدو لي أن التيار اليميني الذي يرأسه برلسكوني حالياً يميل أكثر الى مجاراة المواقف والضرورات العربية مقارنة بمواقف اليساريين المتحجرة.