طرابلس: تصل وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى طرابلس اليوم الجمعة فيما يصفه المراقبون بتحول جذري في السياسة الأميركية تجاه ليبيا. وتقوم رايس بجولة تشمل أيضا تونس والجزائر والمغربـ ، ستكون رايس أول وزير خارجية أميركي يزور ليبيا منذ زيارة جون فوستر دالاس عام 1953 .
أما أرفع مسؤول اميركي يزور ليبيا فكان ريتشارد نيكسون حين كان نائبا للرئيس الأميركي عام 1957 والافت أن هاتين الزيارتين كانتا قبل اعتلاء القذافي سدة الحكم فيما عرف بثورة الفاتح من سبتمبر/ أيلول 1969 . وقد وصف المتحدث باسم الخارجية الأميركية شون مكورماك الزيارة بالتاريخية مؤكدا انها تفتح صفحة جديدة في العلاقات الأميركية الليبية. وتلتقي رايس بالزعيم الليبي معمر القذافي الذي يسعى منذ سنوات لرأب الصدع في العلاقات مع الغرب.
وتأتي زيارة رايس في وقت يتزايد اهتمام المؤسسات الأميركية بفرص الاستثمار في ليبيا خاصة في مجال الطاقة.يشار إلى أن ليبيا تمتلك تاسع أكبر احتيايط نفطي في العالم بإجمالي يناهز 39 مليار برميل إضافة إلى الثروات النفطية التي لم تكتشف بعد. ويقول المسؤولون إن البلدين يتفاوضان على عدة اتفاقات لتعزيز التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي لتصبح جاهزة للتوقيع خلال زيارة رايس إلى طرابلس.
وتريد الولايات المتحدة بحسب آراء المراقبين نصيبا من كعكة الاستثمارات في ليبيا التي سبقتها إليها الشركات الأوروبية.وكانت العلاقات الليبية الأميركية شهدت في ثمانينيات القرن الماضي أزمات حادة مثل اتهام ليبيا بالتورط في تفجير ملهى يرتاده جنود اميركيون في برلين الغربية عام 1986 و تفجير طائرة ركاب أميركية فوق بلدة لوكربي الإسكتلندية عام 1988. وقامت الطائرات الأميركية بغارة جوية على طرابلس وبنغازي عام 1986 إثر تفجير ملهى برلين الذي قتل فيه ثلاثة بينهم جنديان أميركيا وأصيب 230.
وكانت العلاقات بين ليبيا والولايات المتحدة قد شهدت تحسنا نوعيا منذ عام 2003، عندما اعترفت طرابلس بمسؤوليتها عن تفجير لوكربي الذي قتل فيه 280 شخصا وبدأت في اتخاذ إجراءات تعويض عائلات الضحايا. كما وافق الزعيم الليبي معمر القذافي في نفس السنة على التخلي عن البرامج الليبية للتسلح النووي والكيماوي والجرثومي.
وفي أغسطس/ آب الماضي تم التوصل إلى اتفاق شامل تدفع طرابلس بموجبه مئات الملايين من الدولارات لصندوق لتعويضات أسر ضحايا لوكربي وتفجير ملهى برلين الغربية . وكان ديفيد ويلش مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط قد تولى ملف التفاوض مع طرابلس بشأن تعويضات عائلات الضحايا.
وقد احتج بعض أفراد هذه العائلات على زيارة رايس إلى طرابلس معتبرين انها تمنح شرعية دولية للقذافي. وقال ويلش إن تخلي ليبيا عما أسماه بالإرهاب و برامج التسلح النووي والكيماوي والجرثومي يمثل انتصارا دبلوماسيا لإدارة الرئيس جورج بوش. واعتبر ويلش أن علاقات واشنطن مع طرابلس تقوم حاليا على أسس متينة.
وقال المسؤول الأميركي إن رايس ستثير في محادثاتها مع القذافي مسألة حقوق الإنسان في ليبيا ، واوضح ان الوزيرة ستتناول القلق الأميركي تجاه هذا الملف أيضا في بقية محطات جولتها . كما تتناول محادثات رايس أوضاع مواطني الدول الأربع المحتجزين لدى القوات الأميركة في قاعدة غوانتانامو والعراق وأفغانستان.