اعتدال سلامه من برلين: تأتي دراسة نشرتها اليوم جامعة هايلدبيرغ في وقت تتزايد فيه المخاوف من التطرف الاسلامي في المانيا، والقي القبض الاسبوع الماضي على شخصين صومال واخر الماني ولد في الصومال وكانا متجهين الى امستردام ومن هناك الى باكستان،وتحوم حولهم الشبهات بوجود علاقة لهما مع اتحاد الجهاد الاسلامي المقدس.

الا ان المشاركين في هذا الدراسة وهم اساتذة اجتماع وعلم نفس ومختصين بشؤون الارهاب والحروب في هذه الجامعة لم ينجرفوا كغيرهم ويعتمدوا على احكام مسبقة بل اشاروا الى ان الارهاب ليس سببه دائما التطرف الديني الاسلامي بل الفقر والوضع الاقتصادي السيء جدا والاضطهاد. وذكروا بالوضع الاقتصادي في معظم الدول الاسلامية والعربية الذي لا يوفر اي افق مستقبلي للشباب فيقعون بسهول في شرك التنظيمات الارهابية التي تقدم لهم البديل بثمن باهظ.

لكن ما يثير الاهتمام تنويه الدراسة الى ان المواقع الجغرافية للنزاعات الارهابية والصراعات السياسية المسلحة هي في اسيا، اي في باكستان والهند وافغانستان،اكثر منها في الشرقين الادنى الاوسط ، بغض النظرعن الوضع في العراق، لانه في حالة حرب. وفي السنوات الخمس الاخيرة ازداد عدد العمليات الارهابية من 700 الى 3200 عملية في السنة وقتل وجرح نتيجتها حتى 15 الف انسان.

وعلى الرغم من ان المسببات الدينية وراء هذه الاعمال قد زادت ، الا انها لم تتحول الى السبب الرئيسي، وعليه فان 26% من العمليات الارهابية التي وقعت في العالم كانت لها خلفية دينية خاصة اسلامية متطرفة، ونفس النسبة ارتكبتها المجموعات اليسارية المتطرفة خاصة في امريكا اللاتينية، الا ان النسبة الاكبر وهي 36% كانت لها اهداف سياسية وعقائدية متعصبة او قامت بها حركات انفصالية. وفي الوقت الذي ارتفع العدد الاجمالي للصراعات في العالم انحصرت 80% من انشطة مجموعات الاعمال الارهابية على بلدان مثل العراق وكولومبيا والشيشان واقليم كاشمير والفيلبيين واندونسيا وقسم من تايلندا والباسفك.

وكما قالت الدراسة ايضا حتى ولو ان إدراكنا للخطر بسبب العمليات الارهابية التي وقعت في نيويورك ولندن ومدريد مختلف عما هو عليه في البلدان الاخرى، لكن علينا ان نعرف ان اعتداءات وعمليات عنف تقع في البلدان الفقيرة هي ايضا بسبب الظلم الاجتماعي وعدم العدالة واهمال مجموعات من المجتمع او الرمي بها في دائرة الظلام.

ولا تريد الدراسة اهمال مسببات جوهرية اخرى للقيام بعمليات ارهاب مثل الفقر المدقع والانشقاقات الاثنية وتسلط الدولة وانعدام وجود انظمة سياسية ديمقراطية، لذا فان لجوء هذه انظمة اللاديمقراطية الى الوسائل التعسفية لمراقبة المواطنين وزيادة القوانين لن تحمل الامن ، ومن الافضل ان يقوي الغرب سياسته الانمائية لمكافحة الفقر وتشجيع الديمقراطية ومساندة الحكومات ذات القيادات الجيدة. ومن اجل ادارة النزاعات عبر وضع ضوابط للتقليل من تسعير الازمات واعادة الاعمار يجب وضع استراتيجيات مفيدة وطويلة الامد.