خلف خلف من رام الله: تفرض الرقابة العسكرية الإسرائيلية تعتيمًا إعلاميًا على رحى المعارك الدائرة في قطاع غزة. وعلى غير العادة لا يجد القارئ للصحف العبرية اليومية معلومات دقيقة بل عموميات موجهة ذات مضمون استخباراتي، تستهدف من جهة ضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية، ومن الجهة الأخرى يراد عبرها توحيد الجمهور الإسرائيلي خلف قيادته السياسية والعسكرية. وكتبت صحيفة quot;إسرائيل اليومquot; تحت عنوان quot;الخيار المرير لحماسquot;، تقول: quot;فقدت قوات حماس قدرتها على المناورة بسبب انعدام السيطرة المركزية. زعماؤها اختفوا ورجالها الميدانيون غاضبون على أنهم تركوا لحالهم أمام الجيش الإسرائيلي الذي يوجد على مقربة من غزةquot;.

quot;حماس مستاءة من العالمquot;

وحسب الصحيفة، فإنه في حماس يوجد استياء ضد كل العالم: ضد إيران التي دفعتهم نحو خرق التهدئة ولكنها لم تهرع لنجدتهم في لحظة الحقيقة: ضد نصر الله الذي وعد بإطلاق الصواريخ على إسرائيل إذا اجتاحت غزة ولم يفِ بوعده؛ ضد مصر التي تتهمهم بالمسؤولية عن الوضع الناشئ؛ ضد أبو مازن الذي يذرف دموع التمساح على مصير قطاع غزة وضد خالد مشعل الذي يجلس بأمان في خارج البلاد ويسدي النصائح للرفاق في غزةquot;.

وتضيف: quot;زعماء حماس يقفون أمام الخيار الأكثر مرارة الذي يمكن لهم أن يتصوروه: هل الاستسلام من اجل إنقاذ رقابهم وحكمهم بثمن عار الاستسلام، أم مواصلة القتال حتى النهاية في ظل إمكانية انهيار المبنى الورقي الذي أقاموه في القطاعquot;.

quot;من السابق لأوانه تأبين حماسquot;

من جانبها، كتبت صحيفة معاريف، تحت عنوان quot;من السابق لأوانه تأبين حماسquot;، تقول: quot;منذ اليوم الأول من الحملة البرية يمكن لحماس أن ترفع شارة النصر. مفاجآت كبرى، خسائر فادحة، صدمة ورعب ndash; كل هذه لم تسجل أمس في غزة. عشرات الفلسطينيين قتلوا أمس فيما أصيب الكثيرون غيرهم، ولكن بعد أسبوع من القصف الجوي كمية الإصابات هذه لن تغير الصورة العامة. ضباب المعركة سيتبدد كلما مرت الأيام، وحماس ndash; مثل منظمات الإرهاب والعصابات الكثيرة ndash; ستتكيف مع الوضعية الجديدة وستعمل من خلالهاquot;.

وتتابع الصحيفة: quot;موعد بدء الخطوة البرية، حتى لو كان في نهاية المطاف معروفا مسبقا، ادخل حماس في موقف غير مريح، ولا سيما بسبب عنصر انعدام اليقين. الفلسطينيون قدروا بان الجيش الإسرائيلي سيبتر القطاع ndash; بمعنى أن يعيد السيطرة على محور نتساريم وفي السياق على محور غوش قطيف ndash; ولكن استخدام القوات، اختيار الأهداف، عمق التغلغل، كل هذه بقيت مفتوحة. أمس تلقت حماس الجواب، وان كان جزئيا، على تلك الأسئلةquot;.

كما نشرت تصريحات لرئيس المخابرات الإسرائيلي يوفال ديكسن قالها خلال جلسة الحكومة في تل أبيب، وحسب ديسكن فإن quot;قيادة حماس العسكرية والسياسية في الخارج وفي غزة توجد في حالة ضغط كبير. حماس تشعر أن مشروعها في غزة يوجد في خطر ومعنية بوقف العملية الإسرائيلية، في ظل بحثها عن مخرج محترم لا يهينهاquot;. وأضاف ديسكن بان حماس تلقت ضربة قاسية في الوجه السياسي ndash; صورتها العامة، ولكن ذراعها العسكري لا يزال يقف على قدميه والخطوة البرية يفترض أن تضرب بهم أيضا.

اتفاق من فوق رؤوس حماس

تحت عنوان quot;إسرائيل تتطلع إلى اتفاقات من quot;فوق رأسquot; حماسquot;، أشارت صحيفة هآرتس في خبرها الرئيس إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت، وزير الدفاع ايهود باراك ووزيرة الدفاع تسيبي لفني ndash; محفل الثلاثية ndash; قرروا أمس أن تحاول إسرائيل التوصل إلى حل سياسي للحملة في غزة يتشكل من اتفاقات إقليمية ودولية لا تكون حماس طرفا فيها. وذلك خلافا لـ quot;اتفاق التهدئةquot; التي توصلت إليه إسرائيل في مفاوضات غير مباشرة مع حماس، بوساطة مصرية.

وتقول هآرتس: quot;اولمرت ولفني سينقلان هذه الرسالة في لقاءات يعقدانها اليوم مع وزراء خارجية وزعماء أوروبيين سيصلون إلى إسرائيل. اولمرت سيلتقي هذا المساء مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ووزيرة الخارجية مع quot;الثلاثيةquot; الأوروبية، التي تضم وزير الخارجية التشيكي ndash; التي تعمل كرئيسة دورية للاتحاد الأوروبي ndash; وكذا وزيري خارجية السويد وفرنسا، والمسؤولين عن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا وبنيتا برارو ndash; فلدنرquot;.

وتتابع الصحيفة: quot;في القدس توصلوا إلى الاستنتاج بان ليس لإسرائيل مصلحة في التوصل إلى اتفاق تهدئة جديد مع حماس، من خلال وسيط خارجي وذلك لان الأمر سيمنح المنظمة شرعية دوليةquot;. ونقل عن مصدر سياسي إسرائيلي كبير قوله إن quot;حماس أثبتت أنها ليست شريكا حين خرقت التهدئةquot;. وبدلا من ذلك، ستسعى إسرائيل إلى تحقيق اتفاقات مع دول عربية معتدلة، السلطة الفلسطينية والأسرة الدولية. وقال مصدر سياسي كبير في القدس إن quot;الأسرة الدولية هي التي ستبادر إلى الاتفاقات وتفرضها على حماس. الاتفاقات ستكون أيضا مع السلطة ومع مصر، وعندها، إذا لم توافق حماس، فإنها ستدفع الثمن، أساسا من خلال العزلة الأكبر فأكبرquot;.

وتتناول الاتفاقات - بحسب هآرتس- عدة مسائل:

التهريبات:إسرائيل معنية باتفاق مع مصر بمشاركة أميركية، يعالج الأنفاق في محور فيلادفيا، وذلك لمنع إعادة تسلح حماس.

المعابر:إسرائيل تسعى إلى إعادة إقرار اتفاق معبر رفح من العام 2005 ndash; والذي تشارك فيه السلطة الفلسطينية، الاتحاد الأوروبي ومصر وتحديثه. حسب الاتفاق، قوات رئيس السلطة الفلسطينية عباس (أبو مازن) ومراقبين أوروبيين سيعملون في المعبر. إذا لم توافق حماس على الاتفاق، يبقى المعبر مغلقا.

وقف النار:إسرائيل معنية بان تبلور مع الولايات المتحدة، فرنسا والدول العربية المعتدلة قرارا من مجلس الأمن يعلن عن وقف النار في غزة ويتضمن اكبر قدر من المصالح الإسرائيلية ويدعم الاتفاقات الأخرى. مثل هذا القرار سيسمح لإسرائيل بان ترد إذا ما خرقت حماس وقف النار.

ويذكر أن مجلس الأمن سينعقد في نيويورك غدا بمشاركة أبو مازن وثمانية وزراء خارجية عرب. وتبذل إسرائيل مساع دبلوماسية لتأجيل البحث بحيث تحصل على اكبر قدر ممكن من الوقت للحملة العسكرية ولتحقيق الاتفاقات السياسية.