ايلاف ديجيتال - طلال سلامة من روما: يلتفت المراقبون اليوم لدراسة الأسلوب التكتيكي الناجح الذي يتبعه حزب رابطة الشمال الذي يتمتع بتمثيل جيد في البرلمان الإيطالي ومجلس الشيوخ. فاقتراحات القوانين ومشاريعها تنهال منها بالعشرات على حكومة برلسكوني. أما الموافقة عليها فهو أمر هامشي وغير مهم! في الحقيقة، لم توافق حكومة برلسكوني إلا على القليل من هذه الاقتراحات دوماً بعد إجراء تحسين على صيغتها النهائية. يكفي النظر الى أحدث اقتراحين تقدمت بهما رابطة الشمال لتصطدم بخطين أحمرين. الأول انطلق من سيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء، الذي رفض شخصياً فكرة فرض ضريبة على إقامة المهاجرين الشرعيين على الأراضي الإيطالية. أما الخط الأحمر الثاني فانطلق من المحكمة الدستورية العليا التي رفضت فرض غرامات مالية(كانت خطة فلافيو توزي رئيس بلدية مدينة فيرونا المنتمي الى هذه الرابطة) على المومسات اللواتي يعمل في الشوارع.

مع ذلك، ترتفع المصداقية الشعبية لرابطة الشمال. لا بل تزيد ثقة الناخبين الإيطاليين بها. على الصعيد الوطني، تحصد رابطة الشمال اليوم 11 في المئة من أصوات هؤلاء الناخبين. من جهة، عززت هذه الرابطة جذورها في مناطق نفوذها السياسية التقليدية. من جهة ثانية، اقتحمت هذه الرابطة مناطق وأقاليم طالما اشتهرت عالمياً بانتمائها الى الخط الشيوعي، كما إقليمي توسكانا وايميليا، كي تبدأ هناك جولة من غسل الأدمغة للمواطنين بهدف توليد أول جيل سياسي ناشئ تابع لها ويسير عكس التقاليد اليسارية لهذه الأقاليم.

على الرغم من انضمامها الى ائتلاف برلسكوني، أي حزب الحرية، إلا أن رابطة الشمال تحافظ على كيان سياسي مستقل، غدار تارة وصديق وفي طوراً، وهذه استراتيجية ذكية تخول رابطة الشمال، وعلى رأسها أومبرتو بوسي، الثورة في وجه الخصوم السياسيين وحكومة برلسكوني معاً. انه أسلوب سياسي بسيط في التفاعل مع الجميع. فالهوس الأمني يحث المواطنين على الإحساس بالأمن كلما أقدمت رابطة الشمال على طرح مبادرات جديدة ترمي الى الدفاع عنهم من المجهول، وهويته في أغلب الأحيان أجنبية غير أوروبية. في الوقت ذاته، تبتعد هذه الرابطة عن سياسة روما، البيزنطية القديمة.

علاوة على ذلك، تمتلك رابطة الشمال قدرة استثنائية على تحديد تلك المواضيع الحياتية وصعوباتها سهلة الفهم كي تطرح وصفة علاجية لها على شكل اقتراح قانون ليس من الضروري على حكومة روما الإقرار به رسمياً. فاكتساب الثقة الشعبية لدى هذه الرابطة هي الهدف الأول.

في هذا الصدد، يجمع المحللون على أن رابطة الشمال تقترح ما يقترحه عليها شعب شمال ايطاليا. وبدلاً من انتزاع النصر السياسي(لا تحتاج الرابطة إليه راهناً كونها جزء من الحكومة)، المسدودة جميع أبوابه تقريباً من داخل فريق برلسكوني التنفيذي، تحصد رابطة الشمال يوماً تلو اليوم المئات من أصوات الناخبين المخلصين.