لندن: الصحف البريطانية الصادرة الجمعة ركزت بشكل اساسي، على ما بعد تنصيب الرئيس الأميركي الجديد باراك اوباما، ما ينتظر منه، والمشاكل التي ينتظر أن يواجهها، كما تناولت بعض مواضيعها الموقف في الشرق الأوسط فيما بعد التدخل العسكري الاسرائيلي في قطاع غزة وما يمكن أن يفعله أوباما هناك.

في صحيفة quot;الاندبندنتquot; يتساءل جوهان هاري quot;هل توشك الولايات المتحدة على معاملة باقي دول العالم بشكل افضل؟ ربما...quot;. يبدأ الكاتب مقاله فيقول quot;أخيرا جفت الدموع، دموع سنوات بوش، ودموع الصدمة من رؤية أول رئيس أسود للولايات المتحدة. إذن ماذا سيحدث الآن؟quot;. يعتبر الكاتب أن مثال بوليفيا وسياسة الولايات المتحدة تجاهها قد تكون المقياس للإدارة الجديدة في التعامل مع دول العالم بشكل جديد.

سقف العالم

يقول الكاتب إن بوليفيا التي تقع على ارتفاع 13 ألف قدم فوق سطح البحر يمكن وصفها بأنها quot;سقف العالمquot; وهي في الوقت نفسه، الدولة الأكثر فقرا في أميركا اللاتينية. وإذا كانت الولايات المتحدة تؤمن بالحريات المدنية في الداخل إلا أنها- في رأي الكاتب- تنكرها على غيرها في الخارج. كيف؟

يقول الكاتب إن شعب بوليفيا اختار في انتخابات ديمقراطية عام 2006 الرئيس إيفو موراليس، الذي يشبه أوباما في كونه أول رئيس في تاريخ بلاده من السكان الأصليين (الملونين). ويضيف quot;إذا أخذنا في الاعتبار أن الولايات المتحدة دولة ديمقراطية وتقول إنها ترغب في نشر الديمقراطية في العالم، فقد كان من الطبيعي أن ترحب بوصول موراليس للرئاسة. لكن المشكلة أن بوليفيا تمتلك كميات هائلة من احتياطي الغاز.

وقبل موراليس كانت الأقلية البيضاء تمنح الشركات الأميركية حق استغلال الغاز مقابل 18 في المائة فقط من العائدات تحتفظ بها لنفسها. وجاء موراليس لكي ينفذ ما تعهد به فحصل للبوليفيين على 82 في المائة من العائدات استغلها في دعم النظام الصحي (بنسبة 300 في المائة) وتحسين نظام التعليم، وأدخل للمرة الأولى نظام منح التقاعد. وفي عهده دخل ملايين التلاميذ المدارس، وأصبح البوليفيون يحصلون على العلاج المجاني.

محك الاختبار

ويمضي الكاتب فيقول إنه على ثقة من أن ملايين الأميركيين سيعجبون بهذه الانجازات إذا ما علموا بها، لكن المشكلة أن الحكومة الأميركية (ومعظم وسائل الاعلام) تردد عليهم ليلا ونهارا أن quot;الديمقراطية عرضة للخطر في بوليفياquot;، وأنه حتى السفير الأميركي هناك أعلن أن هناك تشابها بين موراليس وأسامة بن لادن! ويقول المقال إن السكان البيض في شرقي البلاد، حيث توجد احتياطيات النفط، يرغبون في فصل الجزء الشرقي عن بوليفيا، وان الولايات المتحدة تشجع تلك الحركة وتدعمها، وهو ما دفع موراليس إلى طرد السفير الأميركي من بلاده مؤخرا.

ويتساءل: ماذا سيفعل أوباما الآن؟ ويجيب إن المشكلة تتمثل في ان المسؤول عن ملف بوليفيا في ادارة أوباما هو جريج كريج الممثل الشخصي للرئيس البوليفي السابق اليميني المتشدد جونزالو سانشيز المتهم بممارسة الابادة الجماعية ضد السكان الأصليين وصاحب مشروع خصخصة الشركات في الثمانينيات. وquot;فريق كريج يردد أن موراليس يتزعم تقويض الديمقراطيةquot;.

ويخلص الكاتب إلى أن أمام أوباما طريقا واحدا هو تقليص اعتماد بلاده على الغاز والنفط والبحث عن مصادر طبيعية أخرى مثل الطاقة الشمسية والمياه وهذا موجود في برنامجه الانتخابي. وإذا نجح في هذا يمكن أن تترك حكومته بوليفيا وشأنها خصوصا وأنه الرئيس الأقل اعتمادا على أموال الاحتكارات الاقتصادية في حملته الانتخابية منذ 1920. ويختم الكاتب مقاله بالقول: quot;إذا أردت ان تعرف ما اذا كان أوباما سيتمكن من السيطرة على مراكز القوة في أميركا.. سلط أنظارك على سقف العالمquot;!

ثلاث قضايا

في quot;التايمزquot; يكتب جيرارد بيكر إنه على الرغم من الاضطراب في قراءة باراك أوباما للقسم واضطراره لأدائه مرة ثانية، quot;فإن كل الامور ستسير سيرا جيدا بالنسبة له إذا أمكنه ضبط الاقتصاد ومكافحة الإرهاب والسيطرة على الكونجرسquot;. ويضيف أن أوباما جاء إلى الرئاسة في أسوأ ظروف يمكن أن تواجه رئيسا أميركيا منذ رونالد ريجان، إلا أنه نجح في الترويج لصورته quot;في الداخل والخارج على نحو لم يحدث منذ الرئيس دوايت أيزنهاورquot;.

ولذلك وعلى العكس مما يرى الكثيرون، فأوباما ليس محملا بتوقعات كثيرةquot;. ويضيف أن الجميع يعلمون أن الأزمة الاقتصادية الحالية ورثها أوباما عن الرئيس السابق، وبالتالي يفهمون أنه يتعين افساح المجال أمامه للعمل على الاصلاح ويدركون أن هذا قد يستغرق سنوات.

أما بخصوص الارهاب فسيكون هناك اختبار كبير امام أوباما الذي كان أول ما فعله هو أن أمر باغلاق معسكر جونتانامو، quot;لكن الأميركيين يريدون أن يشعروا بالأمن في منازلهم ومكاتبهمquot;.

اما الخطر الثالث فيتمثل في الكونجرس الذي قد ينقلب ضده في حالة تحسن الاقتصاد، وإذا طلب اوباما من الكونجرس الموافقة على ضغط برامج الانفاق حتى يتمكن من ضبط الميزانية. ويرى الكاتب أن امام اوباما ثلاث سنوات لاستكشاف هذه المناطق الثلاثة، وإذا نجح فيها quot;فسيتمكن من الحصول على ميزة أداء القسم للمرة الثالثةquot;!

إمكانية التقدم

وتمضي قائلة إن الاستحالة التي تبدو حاليا في تحقيق ذلك، بسبب اصرار كل طرف على أنه حقق النصر، واصرار اسرائيل على ضرورة تحقيق الأمن وعودة حماس إلى الشارع لإبراز سيطرتها، كل هذه العوامل قد تشجع على تحقيق تقدم.

وترى الافتتاحية أن العالم بعد كل ما حدث لم يعد يمكنه تجاهل أن اغلاق قطاع غزة كان سبب كل ما حدث، وفي الوقت نفسه تلوح فرصة جديدة مع ايفاد الرئيس أوباما مبعوثا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط هو جورج ميتشيل، وهى خطوة تعكس اهتمامه بالتعامل مع القضية منذ الأيام الأولى لرئاسته. وتطالب الافتتاحية بعد ذلك بضرورة توحد الفلسطينيين، وحصول اسرائيل على الضمانات الأمنية، ورفع المعاناة عن الفلسطينيين وبدء عملية البناء ومنح الأولوية لعمليات الاغاثة الانسانية.