نيودلهي: ألقت الشرطة الهندية القبض على حوالي 30 شخصا، بينهم زعيم جماعة يمينية متطرفة، بسبب مهاجمتهم يوم السبت الماضي إحدى الحانات في مدينة مانجالور بولاية كارناتاكا الجنوبية واعتدائهم على زبائنها من النساء اللواتي كنَّ يتناولن المشروبات الكحولية. فقد أُلقي القبض على برامود موتاليك، زعيم مجموعة صغيرة محلية معروفة باسم quot;سري رام سيناquot;، وتعني بالهندية quot;جيش الإله رامquot;، والذي يقول إنه quot;من غير المقبولquot; على النساء أن تقصد الحانات والبارات في الهند.

موجة غضب

وتسببت الهجمات التي استهدفت أحد البارات، وتحديدا الزبائن من النساء، موجة غضب شعبية وإعلامية عارمة في المنطقة، وهي آخذة بالانتشار والتمدد في عموم البلاد. وقد دخل موتاليك في جدل على مر اليومين الماضيين، إذ أصرَّ على أن هجوم يوم السبت الماضي والاعتداء على النساء كان عملا quot;مبرَّرا، لأن الرجال كانوا يحفظون ويصونون الثقافة الهندية والقيم الأخلاقية.quot;

إثارة النعرات

وُيعتقد أنه تم اعتقال موتاليك على خلفية شكوى كانت قد قُدِّمت ضده في وقت سابق واتهمته بإثارة النعرات والتسبب بالتنافر والتناحر بين أفراد وفئات المجتمع المختلفة. وكان موتاليك قد صرَّح قائلا قُبيل اعتقاله: quot;إن ما قام به رجالي كان صحيحا. فالإعلام يستخدم هذه الحادثة البسيطة من أجل التشهير بحكومة الولاية التي يشكلها حزب باهاراتيا جاناتا (بي جي بي).quot;

والهجوم على البار المذكور، والذي جرى تصويره وبث مشاهده عبر شاشة التلفزيون الوطني، قد سبب الصدمة للكثير من الهنود. وكانت الصور واللقطات التي تم بثها عبر شاشات التلفزيون قد أظهرت رجالا يطاردون ويضربون النسوة المذعورات اللواتي كان بعضهن يرتدين تنانير. فقد راح الرجال يركلون بأرجلهم مجموعة من النسوة اللواتي تعثَّرن وسقطن أرضا.

هذا وقد أدانت المجموعات والجمعيات النسائية بشدة الهجوم الذي وصفته وزيرة شؤون المرأة في الحكومة الهندية، رينوكا تشودري، بأنه quot;محاولة لفرض القيم على الطريقة الطالبانية.quot; أما حكومة الولاية، فقد نأت بنفسها عن الهجوم، قائلة إن لا شيء يربطها البتة بـ quot;سري رام سيناquot;.

استهداف الأقليات

وتنشط المجموعات الهندوسية المتطرفة والمرتبطة، وإن كان بشكل غير وطيد، مع حزب باهاراتيا جاناتا، في العديد من مناطق وأقاليم الهند، وقد استهدفت في السابق الأقليات المسلمة والمسيحية، بالإضافة إلى هجماتها على مناسبات بعينها مثل احتفالات عيد العشاق التي تصادف في الرابع عشر من الشهر المقبل.

من جانبها، قالت صحيفة quot;إنديان إكسبريسquot; إن من شأن هكذا هجمات أن quot;تشجع على إيقاظ روح التزمت والتعصب، والتي تجد في العصرنة ومشهد النساء اللائي يحتسين الخمر أكبر تهديد لها.quot; وفي افتتاحيتها، وصفت صحيفة quot;هندوستان تايمزquot; المهاجمين بأنهم مجرد عصابات وقطَّاع طرق، وليسوا بأولئك الحُماة الذين يذودون عن الثقافة والقيم.quot;

تهور وطيش

وأضافت الصحيفة قائلة: quot;لقد رأينا تهورا وطيشا من قبل أولئك الذين ينصِّبون أنفسهم كحُماة أخلاقيين يخبرون الناس ما هو الشيء المقبول وما الذي يتعين عليهم أن يلبسوه أو يقرأوه. تلك المحظورات والمحرَّمات لا مكان لها في ديمقراطية متنوعة كديمقراطيتنا.quot;

واختتمت الصحيفة بالقول: quot;إن بلهاء وحمقى جيش الإله رام يجب أن يُجعلوا عبرة لمن يعتبر في المستقبل من أمثال أولئك الفضوليين والمتطفلين الذين ينصِّبون أنفسهم حماة للقيم، وهم في الواقع يجلبون العار لرام وللهند على حد سواء.quot; يُشار إلى أن quot;جيش الإله رامquot; هو واحد من عدة مجموعات هندوسية متطرفة تستهدف النساء وتشن هجوما على مظاهر الحياة والثقافة الغربية في البلاد، إذ يرون فيها ابتعادا عن الثقافة الهندية. كما تقوم هذه المجموعات بمحاربة العلاقات والوشائج التي تنشأ بين الهندوس والأديان والثقافات الأخرى، ناهيك عن محاربة التحول من الهندوسية إلى تلك الأديان.

ففي عام 2005، تم إيقاف شرطيين عن العمل في ولاية أوتار براديش بسبب الاعتداء على زوجين quot;تجرأآ على اللقاء في موعد حميمي في إحدى الحدائق العامة.quot; كما شنَّت منظمة quot;سانج باريفانquot;، التي تشكل مظلَّة تمثل القوميين الهندوس المتطرفين، حملة في نفس الولاية ضد النساء اللائي يرتدين سراويل quot;الجينزquot; والتنورات، أو تلك اللواتي يُشاهَدن برفقة أصدقائهن من الرجال خلال ساعات الدوام المدرسي. كما قام رئيس حكومة ولاية أوتار براديش عام 2000 بحظر مسابقات ملكات الجمال في الولاية، واصفا إياها بأنها quot;غير أخلاقيةquot;، بينما قام نشطاء اليمين المتطرف من الطلاب بالتهديد بإذلال المتسابقات علنا.