تخلد هذه الصورة لحظة متميزة لا في تاريخ الصين الحديث بل في تاريخ البشرية ككل، فهنا يظهر ماوتسي تونغ باللونين الأسود والأبيض محاطًا بمساعديه وهو يعلن عن تشكيل جمهورية الصين الشعبية في اليوم الأول من أكتوبر 1949، بعد حرب أهلية مريرة أعقبت حرب مقاومة وطنية ضد المحتل الياباني خلال سنوات الحرب العالمية الثانية.

إعداد لؤي محمد:في الصورة تبرز أمام الزعيم الصيني الراحل سماعات مرتبطة بأجهزة خاصة بالراديو ليتم بث خطابه إلى العالم كله. وجاء هذا الإعلان بداية للحرب الباردة على المستوى العالمي، بينما فتح الطريق للصين للتحول نحو نظام اشتراكية الدولة والتخطيط الاقتصادي.

وعلى الرغم من اللوم الذي يوجه لماوتسي تونغ على الكوارث التي عاشتها الصين خلال الستينات والسبعينات بعد إطلاقه لما عرف آنذاك بالثورة الثقافية وما ترتب عليه من تدمير منتظم للكثير من المظاهر الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بحجة أنها quot;بورجوازيةquot; ما زال هناك 70% من أعضاء الحزب الشيوعي الصيني يرونه شخصًا جيدًا ومثالاً أعلى، حتى مع تحول الصين كليًّا اليوم إلى الرأسمالية وبروز طبقة مترفة تستمتع بالسلع quot;البورجوازيةquot; الفاخرة مع تنامٍ منتظم للقطاع الخاص. إذ ما زالت سطوة الحزب الشيوعي الذي اسسه ماوتسي تونغ ومركزيته قائمتين.

ما زالت المصورة التي التقطت هذه الصورة حية. إنها هو بو، وهي في سن الخامسة والثمانين وتعيش حاليًا في بكين. وحسبما ذكرت صحيفة الاندبندنت اللندنية أمس، فإن الآنسة بو قد انضمت إلى الحزب الشيوعي الصيني وهي في سن الرابعة عشرة بعد أن زعمت أنها في الثامنة عشرة، الحد الأدنى من السن، التي يجب أن يبلغها الشخص آنذاك للانتماء إلى الحزب. وهي تعتبر ماوتسي رجلاً عظيمًا وكل ما جرى من أخطاء في عهده ناجم عن مساعديه لأنه كان متقدمًا في السن عند حدوثها خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي.

بالمقابل أغلقت السلطات الصينية أمس شوارع بكين لتنظيم استعراض عسكري هائل بمناسبة الذكرى الستين لإعلان جمهورية الصين الشعبية وخلاله برزت آلاف الدبابات وقاذفات الصواريخ التي ظلت تقعقع أمام منصة الاحتفال حيث وقف الرئيس الصيني هو جينتاو في نفس المكان الذي خلدته الصورة حيث ألقى ماوتسي تونغ خطابه التاريخي الشهير أمام حشد من أنصاره وسط بكين.