مخيم جباليا (قطاع غزة): ترك محمد النجار البالغ من العمر خمسة اعوام العنان لخياله وهو يضع الالوان على الورق في مسعى لتصوير ضربة جوية اسرائيلية داخل مخيم للاجئين في قطاع غزة ويقول بتفصيل واقعي وهو يجلس على منضدة مع اطفال اخرين في مخيم جباليا بغزة quot;هذي الطيارة وضربت صاروخين.. الصاروخان ضربا بيت والبيت تضرر بس لسه منيح ( بحالة جيدة).. الثلاجة انحرقت.quot;
ورسم فتاة نجت من الهجوم ووضعها امام المنزل لكن يوجد ايضا فتى.
وقال quot;خالد ماتquot;.
والمشهد الذي رسمه محمد بناء على طلب معلمته ومستشار للصحة النفسية زار فصله الدراسي هو مشهد تخيلي. فلم يدمر منزله في جباليا لكن منازل اخرى قريبة دمرت.
ويقول العاملون في مجال الصحة ان الكثير من الاطفال بينهم اولئك الذين لم يفقدوا افرادا من عائلاتهم او منازلهم يعانون من صدمة ما بعد الحرب.
ويذهب اليهم برنامج غزة للصحة النفسية في مستشفيات ومدارس ورياض اطفال.
ونجا محمد واقاربه من الدرجة الاولى من هجوم جوي وبري وبحري استمر 22 يوما وبدأته اسرائيل في 27 ديسمبر كانون الاول لمنع النشطاء من اطلاق الصواريخ على بلداتها الجنوبية. لكن جيرانه القريبين وقعوا ضحايا لهذا الهجوم.
وقالت ايناس جودة وهي ممرضة تشارك في البرنامج ان كثيرا من اطفال قطاع غزة رفضوا العودة الى منازلهم. فبعضهم يصاب بكوابيس او يتبولون في فراشهم فيما يظهر اخرون سلوكا عدوانيا او لا يظهرون على الاطلاق علامات تذكر على الحياة.
والرسم سبيل لهم للتعامل مع الصدمة وللعاملين في القطاع الطبي للحكم على حالتهم النفسية.
وقالت جودة quot;هؤلاء الذين رسموا زهورا واشجارا ليسوا بالضرورة اطفالا عاديين بدون مشكلة نفسية.. الرسومات الحلوة هي تعكس ما يتمنون ان يروه وما يتمنون ان يكون لهم.quot;
كما يستمع الاطفال الى الموسيقى والرقص لمساعدتهم على التعامل مع التجربة التي مروا بها. وبعضهم يسترجع ما حدث.
وقال مسؤولون في القطاع الطبي الفلسطيني ان نحو 1300 فلسطيني قتلوا في العملية الاسرائيلية بينهم اكثر من 300 طفل.
كما عانى الاسرائيليون أيضا في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. وبدأت أحدث مرحلة في الصراع بالانتفاضة الفلسطينية عام 2000 مع تعثر محادثات السلام مع اسرائيل بشأن اقامة دولة فلسطينية.
واطلق نشطاء نحو ثمانية الاف صاروخ وقذيفة مورتر على بلدات اسرائيلية منذ عام 2000 أسفرت عن سقوط 18 قتيلا قبل الحرب على غزة.
ولقي ثلاثة مدنيين اسرائيليين حتفهم أثناء الحرب على غزة. وكثيرا ما أشار الساسة للصدمة التي يصاب بها اطفال اسرائيل كمبرر لاحدث هجوم شنته الدولة العبرية.
وفي جباليا تسترجع نغم العسكري البالغة من العمر خمسة اعوام كيف اصيبت هي وشقيقتها عندما استهدفت قوات اسرائيلية دراجة نارية مارة. وقالت نغم quot;اختي اميرة اصيبت والاطباء رفعولها جزءا من الكبد. اصبت وعمي ربط لي ساقي.quot;
وفي بيت لاهيا بكى احمد زايد البالغ من العمر تسع سنوات وهو يسترجع كيف جرفت الجرافات الاسرائيلية الارض التي تملكها عائلته. وانهار جدار في منزله عندما اصابته قذيفة دبابة اسرائيلية.
وقال بعد ان استجمع شجاعته لزيارة مدرسته التي تعرضت لاضرار quot;ارضنا كانت زي الجنة فيها مزروع فواكه. كانت مصدر رزق لسبع عائلات. ليش دمروها.. ياريتني مت ولا شفتها هيك.quot;
وقال والده انه قاد الاسرة الى مبنى تديره الامم المتحدة وهو يلوح بعلم ابيض مضيفا quot;الولد مصدوم وحاولت كتير اخفف عنه بلا جدوى. احنا لسه بنعيش الواقع وما حدث كان فوق تصور البشر.quot;
ويحاول احمد حاليا التطلع لاوقات اسعد. ويقول quot;كل مرة بافتح التلفزيون باشوف صور تشييع جنازات وقصف. انا نفسي احضر (ارى) افلام صور متحركة.quot;