فيينا: اعرب الرئيس النمساوي هاينز فيشر عن سعادته البالغة بالزيارة التي سيقوم بها الى دولة الكويت يوم غد الاحد على رأس وفد كبير لاجراء محادثات مع القيادة الكويتية مثنيا في الوقت نفسه على النتائج التي اسفرت عنها قمة الكويت الاقتصادية.

وقال الرئيس فيشر ادلى به قبيل زيارته الرسمية الاولى الى دولة الكويت منذ توليه مهام منصبه ان الزيارة ستتيح له فرصة التعرف على الكويت الجديدة التي حققت المزيد من التطور والتقدم.

وتقدم الرئيس النمساوي بهذه المناسبة بالشكر الى امير الكويت صباح الاحمد الجابر الصباح على دعوته لزيارة الكويت معربا عن سعادته البالغة لاجراء محادثات مع الامير وباقي المسؤولين الكويتيين.

واضاف quot;ان النمسا والكويت تربطهما علاقات جيدة مبنية على الثقة المتبادلة منذ اليوم الاول الذي ارتبط فيه البلدان بعلاقات دبلوماسيةquot;.

وكشف عن انه سيناقش مع المسؤولين الكويتين اهم القضايا السياسية سواء المتصلة منها بالشرق الاوسط او بالوضع السياسي العالمي الذي طرأت عليه الكثير من المتغيرات.

وفيما يتعلق بالوفد المرافق له خلال زيارته الى دولة الكويت قال فيشر ان الوفد يضم شخصيات عدة بينها وزيرا الاقتصاد والصحة و60 شخصية قيادية تمثل مختلف القطاعات الصناعية والاقتصادية.

كما يرافقه عدد من رؤساء الجامعات النمساوية باعتبار ان بلاده تتطلع الى تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات العلمية.

واضاف quot;لقد اعددت نفسي جيدا لهذه الزيارة واتطلع بسعادة للقاء سمو الامير وبقية المسؤولين الكويتيين وسأطلع حكومتي والمؤسسات المهمة في الدولة على نتائج هذه الزيارة حال عودتي الى فيينا بغية تعزيز العلاقات النمساوية - الكويتيةquot;.

وقال انه زار الكويت لاول مرة في شهر ديسمبر 1981 عندما رافق المستشار الاشتراكي النمساوي الراحل الدكتور برونو كرايسكي.

واعاد الرئيس النمساوي في حديثه الى الاذهان مواقف النمسا تجاه دولة الكويت ابان الغزو العراقي الغاشم في تسعينات القرن الماضي قائلا ان بلاده وقفت بكل قوة الى جانب دولة الكويت اثناء الغزو العراقي مذكرا بانه اعلن شخصيا انذاك عندما كان رئيسا للبرلمان النمساوي عن موقف واضح ومساند لدولة الكويت.
وحول القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية اثنى الرئيس فيشر على نتائج القمة قائلا ان التنمية الاقتصادية في الشرق الاوسط تشكل اهمية كبرى بالنسبة لعملية السلام في المنطقة.

واشار الى ان النمسا والاتحاد الاوروبي تابعا عن كثب اعمال ونتائج القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي عقدت في الكويت وتم التحضير لها بشكل جيد ومنذ مدة طويلة.

وأعرب عن اعتقاده بأنها كانت قمة اقتصادية وسياسية ناجحة في آن واحد الامر الذي جعلها قادرة على مناقشة المواضيع المطروحة والمستجدة بعناية فائقة حيث بحثت عددا من القضايا المهمة ولاسيما ما يتصل بتخفيف محنة الشعب الفلسطيني.

وكشف الرئيس فيشر عن ان النمسا ومن خلال وزير خارجيتها ميخائيل سبنيدل اكير ستساهم في الدعم الانساني الذي تعهدت به دول العالم لاعادة اعمار قطاع غزة.

وحول عملية السلام في الشرق الاوسط حث الرئيس النمساوي اسرائيل على القيام بخطوات تتمثل في تنفيذ توصيات مجلس الامن الدولي فضلا عن ايجاد حل لقضية اللاجئين وما يتعلق بمستقبل مدينة القدس.

ونوه الرئيس النمساوي بمبادرة السلام العربية ووصفها بانها مبادرة حكيمة وواقعية باعتبارها تنطلق من الاعتراف بوجود اسرائيل مؤكدا ان المبادرة تلقى تجاوبا كبيرا في اوروبا بشكل عام وفي النمسا بشكل خاص وتشكل خطوة شجاعة في الاتجاه الصحيح.

وحول ما يبديه البعض من تشكيك و تشاؤم تجاه المبادرة العربية قال الرئيس فيشر quot;انني شخصيا ابتعد عن التشاؤم واذا ما اعتبر البعض ان هذه المبادرة محكوم عليها بالفشل فمعنى ذلك انه لا يؤمن بامكانية تحقيق السلامquot;.

وشدد على ان مبادرة السلام العربية مازالت تحظى بالمصداقية خاصة ان الادارة الاميركية الجديدة عازمة على اعطاء دفعة جديدة لعملية السلام.
واشار الى انه لاحظ خلال محادثاته في شهر ديسمبر الماضي مع الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريس ان الاخير مهتم كثيرا بمبادرة السلام العربية ويعتبرها مساهمة مهمة على طريق انهاء النزاع في الشرق الاوسط.

ورأى الرئيس النمساوي ان الجميع متفقون من حيث المبدأ على الهدف الا انه سرعان ما تظهر العوائق عندما تأتي مرحلة التطبيق العملي لحل المشاكل.
واوضح ان ما استرعى انتباهه اثناء محادثاته حول الوضع في الشرق الاوسط مع الشخصيات القيادية في المنطقة وجود دوافع قوية توحي بانه تم قطع مسافة كبيرة نحو التوصل نسبيا الى حل.

الا انه اقر بوجود عوامل ظهرت خلال الاونة الاخيرة من شأنها ان تضع العراقيل في وجه هذه المسيرة منها عدم معرفة طبيعة السياسة التي ستنتهجها الحكومة الاسرائيلية المقبلة اضافة الى حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي.

وردا على سؤال حول الدور الذي يمكن ان تلعبه النمسا اكد الرئيس النمساوي ان بلاده التي اصبحت مع مطلع العام الحالي عضوا غير دائم وعلى مدى سنتين في مجلس الامن الدولي لن تدخر جهدا للمساهمة في حل قضية الشرق الاوسط انطلاقا من ايمانها بتحقيق العدل والانصاف في العالم.

وقال ان ما يساعد بلاده على ان تلعب هذا الدور هو انها لم تكن في يوم من الايام دولة استعمارية وبالتالي فليست لديها اطماع كما انها ترفض العنف وخرق القانون الدولي مشيرا الى ان كل ما ترجوه هو المساعدة على التوصل الى حل سلمي ومساندة كل مبادرة تقربنا من الوصول الى نهاية سلمية كمبادرة السلام العربية.

واضاف الرئيس فيشر quot;انطلاقا من هذه المفاهيم فاننا نحترم حق اسرائيل بالعيش في سلام وامان وكذلك الحال بالنسبة لبقية الشعوبquot;.

وحول تقييمه للمستجدات الاخيرة على الساحة الاميركية اقر الرئيس فيشر بأن quot;الادارة الاميركية الجديدة تقيم العديد من القضايا تقييما افضل واكثر واقعية من ادارة الرئيس بوش السابقةquot;.

الا انه ابدى تفاؤلا حذرا من هذا الوضع الجديد مشيرا الى quot;انه لا يتوقع حدوث تغيير جذري في السياسة الاميركيةquot;.

واعتبر ان فرصة التوصل الى حل سلمي للنزاع في الشرق الاوسط باتت في ظل الادارة الاميركية الجديدة اكبر من السابق نظرا لأن للولايات المتحدة مصلحة بازالة التوتر في العالم غير انه استدرك قائلا quot;علينا الا ننتظر حدوث معجزةquot;.

وردا على سؤال حول برنامج ايران النووي قال فيشر ان هذا الموضوع مهم وشائك حيث هناك قرار اتخذ باجماع الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي حول هذا الموضوع.

وتابع قائلا quot;لقد اتضح لي اثناء اجتماعي الاربعاء الماضي بالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي ان الشهور المقبلة ستشهد نوعا من التهدئة في هذا المجال ما سيتيح المزيد من التفكير حول هذا الموضوعquot;.

واعرب عن امله في ان لا تتصاعد حدة هذا النزاع وان تساهم ايران بدورها في التهدئة مضيفا انه يعلم ان دولا عربية عدة لا ترغب في ازدياد عدد القوى النووية وحث الدول المعنية على ان تبدي مواقف تتسم بالمصداقية حول هذا الموضوع.

وفيما يتعلق بمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبيك) التي تتخذ من فيينا مقرا لها اشاد الرئيس النمساوي بالدور الذي تقوم به المنظمة ووصفها بأنها تمثل عامل استقرار في قطاع الطاقة.

وقال ان (اوبيك) تلعب دورا ايجابيا للغاية للحفاظ على استقرار اسواق النفط ومنع ارتفاع الاسعار الى مستويات قياسية تضر بمصالح المستهلكين.

وردا على سؤال حول الاسباب الكامنة وراء تذبذب اسعار النفط صعودا و هبوطا عزا الرئيس فيشر ذلك الى اسباب عدة من ابرزها المضاربات في السوق.
واضاف انه يقر ان اساسيات السوق من العرض والطلب تلعب دورا في هذا التذبذب الا ان دور المضاربين يظل الاقوى اضافة الى عوامل جيوسياسية ونفسية والتوترات فضلا عن حالة عدم اليقين وغيرها من العوامل.

وتناول الرئيس فيشر في حديثه وضع المسلمين في النمسا والنظرة الى الاسلام في هذا البلد فأعرب عن ارتياحه العميق لوضع الجالية المسلمة في النمسا مشيرا الى ان ما بين 4 الى 5 في المئة من اجمالي السكان يعتنقون الدين الاسلامي كما ان النمسا تعترف وبشكل قانوني بالدين الاسلامي رسميا ومنذ حوالي مئة عام.

واشار الى ان موقف النمسا من الاسلام يلاقي الترحيب والتقدير من قبل ممثلي الجالية الاسلامية في البلاد حيث يصرحون علنا بأن اعتراف النمسا بالدين الاسلامي يجب ان يكون نموذجا يحتذى به من قبل الدول الاوروبية الاخرى.

واختتم حديثه بالتأكيد على انه سيبذل ما في وسعه للمحافظة على استمرار النجاح الذي حققناه في جعل مختلف الاديان تتعايش مع بعضها بوئام وسلام معربا عن امله في ان يستمر الوضع كما هو عليه.