طلال سلامة من روما: من يقول ان قوانين وزير الداخلية، روبرتو ماروني، فعالة أكثر من نظيره السابق في حكومة برودي، يحلم بدولة مثالية لا تنتمي، من دون شك، الى الاتحاد الأوروبي الذي يرزح اليوم تحت وطأة مآسي الملايين من البشر الذين يغادرون بلادهم، بأي ثمن، بحثاً عن quot;لقمة خبزquot;. كل ما يمتلكه ماروني اليوم، من أسلحة قابلة للاستخدام فوراً بعيداً عن باقة قوانينه الأمنية التي ما تزال تتخبط كالكرة، من هنا الى هناك، بين مقاعد النواب في البرلمان الإيطالي، هي مرسوم الطرد والإبعاد الفوري عن البلاد. بيد أن هذه الأسلحة قصة فاشلة إذ ثمة ألف طريقة وطريقة(ساذجة أحياناً) للالتفاف حول القوانين المتعلقة بالمهاجرين غير الشرعيين بهدف إبطال مفعولها!

وباتت محاولات ماروني اليائسة للتحكم بملف الهجرة غير الشرعية مصدر قلق للخبراء في وزارة الداخلية. صحيح أن ماروني نجح في تسريع أوقات المعاملات الخاصة بالمهاجرين بمساعدة أوتوسترادات الرقمنة بيد أن النتائج المنشودة، المشتقة من وقف الهجرة السرية، لم تعط بعد ثمارها. فمهاجر غير شرعي من أصل خمسة يغادر ايطاليا من دون رجعة. في حين يختار الباقون العيش هنا مهما كانت التداعيات على أرواحهم. يكفي النظر الى مدينة ميلانو الصناعية لنجد أن 2.8 ألف من أصل أكثر من 3.3 ألف مرسوم طرد لم يتم التقيد به، في عام 2008.

بما أن احتجاز المهاجرين غير الشرعيين أم إعادتهم من حيث أتوا مستحيل(في أغلب الأوقات تكون مراكز الاحتجاز مكتظة بهم أم لا توجد طائرات كافية لنقلهم جواً) فان مرسوم الطرد يتحول الى دعوة يوجهها محافظون المدن الى هؤلاء المهاجرين لمغادرة الأراضي الإيطالية في غضون خمسة أيام. إنما لا أحد يحترم هذه الدعوة! بالطبع سيتم توقيف أي مهاجر غير شرعي وزجه بالسجن لعدة شهور في حال نجحت دوريات الشرطة في اصطياده من الشوارع إنما يجري بعدها إخلاء سبيل المهاجر غير الشرعي. حتى لو تم اصطياده مرة أخرى من الشارع فان القضاء الإيطالي لا يسمح بتجريم هؤلاء المهاجرين مرتين بنفس التهمة! هكذا، يبقى المهاجر غير الشرعي quot;راسخاًquot; هنا، كالشجرة، من دون أن يتمكن من تنظيم إقامته لمدة عشر سنوات متتالية لأن اسمه موجود في أرشيف الشرطة. في تلك الأثناء، تنهال عليه المئات من عروض العمل الرخيصة، المافيوية أم الظالمة، وهذا ما يجعله ميالاً الى الانخراط في ما هو غير شرعي بدوره.

علاوة على ذلك، ثمة ناقوس خطر آخر تدقه وزارة الداخلية الإيطالية. في العام الماضي، وصل العدد الكلي للمهاجرين غير الشرعيين الذي تسللوا الى دول الاتحاد الأوروبي 67 ألفاً. لكن 37 ألفاً منهم وصل الى ايطاليا أي أن أكثر من 50 في المئة منهم يرى في ايطاليا الدولة الأوروبية الأفضل للتغلب على قوانينها وغش السلطات الأمنية على نحو شرعي!