إسرائيل تحاول منذ سنوات إيجاد حل جذري
صواريخ الفلسطينيين في مرمى قبة الحديد الإسرائيلية
خلف خلف من رام الله:
تجهد إسرائيل في السنوات الأخيرة في تطوير منظومة دفاعية لإحباط الصواريخ الفلسطينية محلية الصنع، التي حولت حياة سكان جنوب إسرائيل إلى كابوس يتصل في عدم معرفة موعد الضربة اللاحقة. مساعي تل أبيب المكثفة منذ نحو خمس سنوات في هذا الاتجاه، يبدو أنها تكللت في النجاح، إذ أن صحيفة معاريف افادت اليوم الثلاثاء أن سلاح الجو الإسرائيلي سينشر قريبًا منظومة quot;قبة الحديدquot; الحديثة الخاصة باعتراض القذائف الصاورخية قصيرة المدى، مبينة أن المنظومة ستدخل إلى العمل في غضون الأشهر الأربعة المقبلة، ويتم تدريب فريقًا خاصًا للعمل عليها. وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي السياسي ndash; الأمني المصغر قرر في الثالث والعشرين من كانون الاول 2007 أن يخصص نحو من 200 مليون دولار لتطوير نظام quot;قبة الحديدquot;.
ومبدأ عمل هذا النظام يقوم على تحديد الصاروخ الذي سيطلق على اسرائيل بجهاز رادار، ويتعقبه بجهاز رادار آخر ويطلق عليه صاروخا. اذا قدر النظام أن الصاروخ سيسقط في منطقة غير آهلة، فلن تتم محاولة احباط البتة. لكن حسب العديد من التقديرات فإن نسبة نجاح عمليات الإحباط ستكون نحو من 95 في المائة من صواريخ القسام التي سيقرر احباطها. وهو ما يجعل البعض يوجه انتقادات حادة لهذه المنظومة على اعتبار أنه إذا اطلق في السنة الف صاروخ على إسرائيل، وكان من المتوقع أن يسقط بين 50 ndash; 70 في المائة منها في داخل بلدة، فمعنى ذلك أنه برغم وسائل الاحباط، سيسقط داخل البلدات الإسرائيلية بين 25 الى 35 صاروخا في السنة.
من أجل احباط التهديد الموجه الى البلدات الإسرائيلية الواقعة في الجنوب، (بين 50 الى 70 في المائة من الصواريخ المطلقة) سيحتاج الى 500 ndash; 700 صاروخ مضاد على الاقل. ستكون كلفة الصاروخ في نهاية فترة التطوير بين 50 الى 100 الف دولار، ومن هنا ستكون الكلفة السنوية لعنصر الاحباط وحده من 20 ndash; 70 مليون دولار تقريبا.
يشرح الخبير دافيد كلاين في تقدير له نشره معهد الأمن القومي الإسرائيلي أن التكاليف السابقة لا تشمل تكاليف تطوير النظام؛ وشراء مركبات بطاريات احباط (سيستطيع نظام واحد من quot;القبة الحديديةquot; ان يزود مدينة سديروت بالحماية، وللدفاع عن بلدات اخرى سيحتاج بطبيعة الامر الى نظم اخرى)؛ واعداد العاملين؛ وشراء احتياطي صواريخ لابقاء سلسلة الامداد وما أشبه ذلك. ستكون الحصيلة العامة للتكاليف مليارات كثيرة من الشواقل. ستقتضي تكاليف بهذا القدر كما يبدو تخصيصا انتقائيا لنظم الاحباط.
ومعنى ذلك أن عدد الصواريخ الذي سيصيب داخل البلدات الإسرائيلية سيكون أعلى من التقدير الاولي المذكور آنفا. وفي هذه الحالة سيحتاج أصلاً الى استعمال جهاز انذار السكان، ولن يتم الانجاز المطلوب لمضاءلة الاضطهاد. وحاليا يوجد في البلدات الإسرائيلية الواقعة في غلاف غزة جهاز انذار يعمل وقت اطلاق الصواريخ. يمكن انذار quot;تسيفع ادومquot; (لون احمر) السكان من أن يحصنوا انفسهم قبل سقوط الصاروخ.
حاولت إسرائيل أيضا العمل على جانب آخر يقلل من فعالية الصواريخ الفلسطينية ومخاطرها على السكان الإسرائيليين، فقامت في السنتين الاخيرتين بتحصين مؤسسات التعليم في بلدات غلاف غزة، ومع ذلك يوجد في سديروت وفي بلدات اخرى في غلاف غزة مئات من البيوت الملاصقة للارض، بنيت في السبعينيات والثمانينيات بغير غرف محصنة. وقد قررت الحكومة ان تخصص منذ كانون الثاني 2008، 50 مليون شاقل لتحصين البلدات في غلاف غزة.
وبقي من المهم الإشارة إلى أن إسرائيل شنت في نهاية عام 2008 حربا على قطاع غزة، هدفها المعلن كان تغيير الوضع في الجنوب، وقد حاولت خلالها إسرائيل وقف إطلاق الصواريخ المنطلقة نحو بلداتها، وعمل جيشها على توجيه ضربات قوية لقواعد اطلاق الصواريخ المحلية الفلسطينية، وكذلك الجهاز التنفيذي للفصائل الفلسطينية. ورغم أن تل أبيب نجحت إلى حد ما في تقليل عدد الصواريخ المنطلقة نحو بلداتها الجنوبية، إلا أنها فشلت في وقفها نهائيا.
يرجع ذلك بحسب بعض المراقبين العسكريين إلى عدة اعتبارات، منها صعوبة تحديد واصابة النشاط الذي يتم تحت الارض، وبسبب صعوبة تحديد قواعد الاطلاق، ولأن مواقع الاطلاق تقوم في مناطق سكنية مكتظة بالمواطنين، وتضاءل بذلك حرية العمل في الهجوم، وتكشف تقارير محدثة أن الجنود الإسرائيليين كانت لديهم اوامر لاطلاق النار ضد كل من يتحرك في المناطق الفلسطينية المستهدفة في قطاع غزة.