غول رفض إستحواذ طرف على كركوك ودعا إلى حل توافقي لمشكلتها
مضاعفة حصة المياة للعراق مقابل عمل حاسم لبغداد ضد العمال
أسامة مهدي من لندن: أكد مصدر عراقي قريب من المباحثات التي أجراها الرئيس التركي عبد الله غول مع كبار المسؤولين العراقيين على مدى اليومين الماضيين أن إتفاقًا بين الطرفين قد تم على مضاعفة تركيا لحصة العراق من مياه الرافدين مقابل مواقف عملية عراقية ضد حزب العمال التركي الكردستاني الإنفصالي، وقال إن غول قد رفض إستحواذ قوة واحدة على كركوك وضرورة حل قضيتها توافقيا بين مكوناتها وإتفق مع الرئيس العراقي جلال طالباني على تنشيط لجنة العمل العراقية التركية الأميركية لمراقبة ومواجهة نشاط مسلحي حزب العمال الذي رفض دعوة لإلقاء السلاح والإنخراط في العملية السياسية.
وابلغ المصدر quot;إيلافquot; اليوم أن الرئيس التركي قد أبلغ محاوريه العراقيين ضرورة حل قضية كركوك حلا عادلا يرضي جميع مكوناتها من التركمان والأكراد والعرب والكلدو أشوريين مشددًا على رفض سيطرة quot;فئة معينةquot; على المدنة في إشارة إلى مطالب الأكراد بضمها إلى إقليم كردستان الذي يحكمونه منذ عام 1991. واضاف ان غول وعد بمضاعفة حصة مياه نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا الى العراق مقابل خطوات عراقية عملية وخاصة من قادة اقليم كردستان في مواجهة نشاط مسلحي حزب العمال في داخل اراضي الاقليم ضد اهداف تركية .
وكان المالكي طالب تركيا في ايار(مايو) عام 2008 بزيادة الكميات المتدفقة الى دجلة والفرات بسبب الشحة الشديدة التي تتطلب زيادة الكميات الواردة من تركيا لمواجهة الجفاف في العراق . ويعقد وزراء المياه والري في سوريا والعراق وتركيا اجتماعات من وقت لاخر لبحث التعاون بين دولهم في هذا المجال كما اجرى العراق محادثات مع طهران حول قلة المياه، لا سيما أن معظم الروافد التي تغذي نهر دجلة تنبع من ايران. وينبع نهرا دجلة والفرات من الجبال التركية وفيما يعبر الفرات سوريا قبل العراق يمر دجلة بالعراق بعد عبوره الحدود السورية التركية لكنه يتلقى مياه روافد عدة تنبع في ايران. ويروي النهران العراق من الشمال الى الجنوب قبل ان يشكلا شط العرب الذي يصب في مياه الخليج.
واشار المصدر الى ان الرئيس التركي قد طلب مشاركة ممثلين عن الحكومة المركزية في بغداد في ادارة المنافذ الحدودية العراقية الشمالية المحاذية للحدود التركية الجنوبية والتي يسيطر عليها الحزب الديقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وذلك لتعرض المسافرين التركمان الى الاساءة . وقال ان غول قد شدد خلال اجتماعه مع رئيس حكومة اقليم كردستان نجيرفان بارزاني على ضرورة تفعيل السلطات هناك لمواقفها من خلال اتخاذ اجراءات حاسمة ضد قواعد ومسلحي حزب العمال . واوضح ان زيارة غول قد اثمرت عن توقيع مذكرة تفاهم اقتصادية استراتيجية تقضي بزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين من خمسة مليارات الى عشرين مليار دولار حتى عام 2014 والاتفاق على تسهيل تصدير النفط العراقي عبر الاراضي التركية الى جميع انحاء العالم . كما تم الاتفاق بناء على طلب الوفد التركي بعقد مؤتمر استثماري موسع في اسطنبول لفتح آفاق للتعاون في مجال مساهمة الشركات والمؤسسات التركية في اعمار العراق وعمليات التنمية حيث يعد هذا المؤتمر انطلاقة للتعاون مع غرفة تجارة تركيا وباقي الشركات من القطاعين الخاص والعام .
ونتج عن المباحثات ايضًا اتفاق على تفعيل مهام اللجنة الثلاثية العراقية التركية الاميركية لمراقبة وردع نشاطات عناصر حزب العمال الذي خيره الرئيس العراقي جلال طالباني خلال مباحثاته مع غول بين لقاء السلاح او مغادرة العراق . واضاف المصدر ان طالباني اقترح على غول اصدار عفو عام عن حزب العمال لفتح الباب امام عودة عناصره الى تركيا والاندماج في المجتمع والانخراط في العملية السياسية .
لكن حزب العمال رفض دعوة طالباني لوقف العمليات المسلحة ضد تركيا ومغادرة العراق وقال المتحدث باسمه احمد دنيز إن ldquo;جلال طالباني لا يملك السلطة أو الإرادة للتفوه بهذه الكلمات ونحن لا نتلقى الأوامر منهrdquo;. وقال المصدر ان الرئيس التركي قد اكد خلال اجتماع عقده مع النواب التركمان السبعة في مجلس النواب العراقي حرص بلاده على وحدة العراق والعلاقة مع جميع فئاته وطوائفه واشار الى ان تركيا تقف على مسافة واحدة من جميع الاتجاهات والمذاهب والقوميات العراقية . واوضح ان غول قد شدد على ضرورة وحدة التركمان التي تعد الأساس في نيل حقوقهم المشروعة وممارسة دورهم المناسب في إطار المعادلة السياسية القائمة في العراق . وقال غول خلال الاجتماع quot;أننا تفاعلنا مع الإحداث المؤلمة التي مر بها التركمان في منتصف القرن الماضي وأحيينا ذكراها وان التركمان إخوتنا هم جزء من أبناء العراق وإننا على استعداد لتقديم جميع أشكال الدعم والمساعدة لهم بالشكل الذي يرونه مناسبquot;. وشدد غول على ان تركيا مع تقوية الحكومة في المركز موضا ان العراق في مرحلة بناء الأسس لدولة ديمقراطية حديثة ينبغي أن يكون للتركمان دور في هذا الأساس وان تصحيح الأمور بعد ارتفاع البناء يكون صعبًا ومكلفًاquot; وطالب التركمان بالانسجام مع العملية السياسية .
وحول قضية كركوك أشار الرئيس غول إلى أن هذه المدينة تعد عراقًا مصغرًا، وأكد على أهمية حل مشكلتها بالتوافق الوطني والسياسي في إطار وضع خاص يحفظ حقوق جميع مكوناتها وقال quot;أننا نراقب تطورات هذه القضية الحساسة ليس بالنسبة إلى تركيا فحسب بل لدول عديدة ومجاورة يهمها استقرار العراق ووحدتهquot;. وقد شارك في الاجتماع النواب التركمان : سعد الدين اركيج وعباس البياتي وعزالدين الدولة وفرياد طوزلو و فوزي أكرم ومحمد حسين شريف ويونس بيرقدار .
وعن اهمية زيارة غول لبغداد قال القيادي في الجبهة التركمانية العراقية وممثلها في واشنطن عاصف سرت توركمان ل quot;ايلافquot; انها فتحت صفحة جديدة في علاقات البلدين السياسية والامنية والتجارية وستساعد على ضمان وحدة واستقرار العراق والقضاء على المنظمات الارهابية التي يعيق نشاطها تطوير علاقات البلدين . وقال ان تركيا من الدول القوية في المنطقة وعضو في حلف الناتو منذ ما يقارب الخمسين سنة ولها علاقات مميزة مع القوى الكبرى في العالم وقد حافظت على علاقات الجوار مع العراق منذ تأسيس الدولة العراقية وساعدت العراق في جميع المجالات وزادت كمية المساعدات بعد سقوط النظام السابق ومن هنا تاتي اهمية قيام علاقات متطورة بين البلدين . واشار في هذا الصدد الى قرار البرلمان التركي في الاول من أذار (مارس) عام 2003 بعدم السماح للقوات الاميركية باستخدام الاراضي التركية لغزو العراق فيما تبدي تركيا استعدادها حاليًا لتسهيل انسحاب تلك القوات من العراق لانها تدعم استرجاع العراق لسيادته. واوضح ان احتفاظ تركيا بعلاقات جيدة مع جميع الاطراف العراقية يجعل منها دولة صديقة للعراقيين ويمكن ان تقدم لهم الدعم والمساندة في حل مشكلات بلدهم ومن هنا تأي اهمية زيارة غول لبغداد ايضا .
وبحث غول في بغداد امس مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي علاقات البلدين وتاثيرها على أمن المنطقة .. ثم دعا رئيس حكومة أقليم كردستان نجيرفان بارزاني الى بذل مزيد من الجهود لايقاف العمليات المسلحة لحزب العمال التركي الكردستاني ضد تركيا انطلاقا من أراضي الاقليم المحاذية لها في حين اكد غول والرئيس العراقي جلال طالباني على ان صفحة جديدة في علاقات بلديهما قد فتحت نحو مزيد من التعاون في المجالات السياسية والامنية والاقتصادية .
وخلال اجتماع بين المالكي قبيل مغادرته بغداد عصر امس اثر زيارة استمرت يومين هي الاولى من نوعها لرئيس تركي الى العراق منذ 33 عاما فقد تم quot;بحث تطوير العلاقات بين البلدين الجارين في جميع المجالات بما يخدم الامن والاستقرار في المنطقة ويعزز فرص التعاون لخدمة الشعبين الصديقينquot;. وعبر المالكي quot;عن ترحيبه بزيارة الرئيس التركي الى العراق والتطور الذي بلغته العلاقات بين العراق وتركياquot; كما قال بيان رسمي .
التعليقات