موسكو: أكد السياسي الأميركي المخضرم هنري كيسنجر أن صورة السياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما تتمثل في التعددية، والإصرار المتكرر على تمييز نفسه بصورة علنية عن سلفه، والمفاوضات الموسعة على عدد من الجبهات بصورة متزامنة، والتأكيد على بناء علاقات شخصية مع نظرائه.

وقال كيسنجر الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون ووزير الخارجية في عهدي الرئيسين نيكسون وجيرالد فورد، إن التحدي الذي يواجه أوباما الآن يتمثل في ترجمة مبادراته الموسعة إلى إستراتيجية سياسة خارجية متناغمة.

وذكر كيسنجر في مقال نشره في صحيفة quot;الشرق الأوسطquot;، أن الأمر تطلب شجاعة لتدشين المفاوضات حول ذلك العدد الضخم من الموضوعات، التي كان من بينها الحوار الاستراتيجي مع الصين، للارتقاء بالمفاوضات الجارية إلى مستوى أعلى، والحوار حول الحد من التسلح مع روسيا، الذي شهد توقفا منذ ما يقرب من عقد من الزمن، وكذلك مبادرته غير المسبوقة تجاه إيران.

وأشار كيسنجر الى أن مفاوضات الحد من التسلح مع روسيا سوف تؤدي إلى التأثير على الدور الروسي في جهود وقف تخصيب اليورانيوم الإيراني، وسوف يساعد الحوار الاستراتيجي مع الصين في تشكيل المفاوضات مع كوريا الشمالية، كما سوف تتأثر المفاوضات بمفاهيم التوازنات الإقليمية للمشاركين الرئيسيين. وأكد أنه بالنسبة لروسيا، فإن ذلك ينطبق بصورة خاصة على حيز الاتحاد السوفيتي السابق في آسيا الوسطى، وبالنسبة للولايات المتحدة والصين، فإنه ينطبق على البنية السياسية لشمال شرق آسيا، والدول المطلة على المحيط الهادئ. أما المفاوضات مع إيران، فسوف تتأثر بشدة باستمرار التقدم في استقرار العراق، أو ما إذا كان الفراغ الناشئ سوف يحفز من نزعة المغامرة الإيرانية.

وقال كيسنجر إنه عندما تستأنف المحادثات مع روسيا، تصبح الحاجة إلى تعريف الموقف التفاوضي وإستراتيجيتها الأساسية أمرا شديد الأهمية على نحو خاص. وأشار الى أن الرئيسين باراك أوباما ودميتري ميدفيديف اتفقا على تمديد اتفاقية quot;ستارت-1quot; (اتفاقية خفض الأسلحة الاستراتيجية)، التي تنتهي هذا العام، وخفض الرؤوس الحربية من 2,200 التي تم الاتفاق عليها في معاهدة quot;سورتquot; (لخفض ترسانتهما النووية)، والتي وقعها الرئيسان بوش وبوتين في 2002، إلى عدد أقل.

وأضاف: quot;المشكلة في ذلك هي أن قواعد الإحصاء (المعيار الذي يتم من خلاله إحصاء الترسانات النووية) تختلف بين الاتفاقيتين.. فبموجب قواعد quot;ستارت-1quot; يتم إحصاء الصواريخ حسب قدرتها، وعدد الرؤوس الحربية القادرة على حملها، وليس تلك الموجودة حاليا. أما معاهدة quot;سورتquot;، فيتم إحصاؤها بالصواريخ المثبتة بالفعل. ووفق معيار quot;ستارتquot;، فإن الترسانة الأميركية تزيد على 5000 رأس حربي. وللوصول إلى رقم 2200 يجب إزالة كل الرؤوس الحربية المتعددة من صواريخنا، الأمر الذي سيثير تساؤلا حول إمكانية تخزينها، أو الحاجة إلى تدميرها. وقبل إحياء لعبة الأرقام التي طغت في السبعينات، فلا بد من تسريع المقدمات المنطقية للمراجعات الجارية، لتقديم أسس للدبلوماسيةquot;.