ترجمة عبد الاله مجيد: في مواجهة ازمة اقتصادية حادة وبطالة متزايدة ومستقبل يكتنفه الغموض أخذت اعداد متزايدة من اليابانيين يديرون ظهورهم للأحزاب المحافظة ويتجهون الى احتضان طراز جديد من الشيوعية الأليفة. وفيما يصارع الحزبان الرئيسيان في اليابان لوقف تدني شعبيتهما في استطلاعات الرأي، ورد الاتهامات باستشراء الانحطاط الأخلاقي في صفوفهما فان الحزب الشيوعي الياباني شهد، على النقيض من ذلك، انقلابا في حظوظه بعد سنوات عُدَّ فيها فضلة من مخلفات الحرب الباردة لا مكان لها في عالم اليوم.
ارتفعت عضوية الحزب الشيوعي الياباني خلال الاشهر الستة عشر الماضية الى أكثر من 410 آلاف مناضل، عندما أخذ الحزب في حلَّته الجديدة يعمل على كسب الناخبين الشباب من فقراء العمال. ومن أصل 14 الف شخص انضموا الى الحزب منذ نهاية 2007 فان اعمار ربعهم تقريبا تقل عن الثلاثين، بعكس الحزب الديمقرالطي الليبرالي الحاكم الذي تراجعت عضويته من 5 ملايين في ذروتها الى نحو مليون عضو اليوم.
ان الحزب الشيوعي الياباني بتخليه عن الخطابية الايديولوجية وتركيزه على قضايا الرعاية الاجتماعية وفرص العمل لامس عصبا حساسا لدى الطلاب والعاطلين ونحو 10 ملايين ياباني يُعدون من ذوي الدخول المحدودة. ويقول عامل مصنع في الثالثة والعشرين انضم الى الحزب الشيوعي في مطلع العام quot;ان الشيوعيين بخلاف الأحزاب الرئيسية لا يكترثون بجمع التبرعات من الشركات الكبرى بل يتحدثون عن التعليم والرعاية الاجتماعية ومشاكل المواطنين الاعتياديين. وهم أمناءquot;.
يعلن الحزب عن نفسه عبر الانترنت ويبث احد اشرطته المسجلة على الشبكة خطابا ناريا لزعيمه الكيِّس كازو ايشي Kazuo Ishi يحمل فيه على استغلال العمال الأجراء بعقود. وقد شاهد هذا quot;الكليبquot; أكثر من 100 الف شخص على YouTube.
كما ازدادت مبيعات جريدة الحزب quot;اكاهاتاquot; (الراية الحمراء) باطِّراد على امتداد الاشهر الثمانية الماضية الى 1.6 مليون نسخة رغم انها ما زالت بعيدة عن ذروة مبيعاتها التي بلغت 3.5 مليون نسخة في عام 1980.
كما يدين الحزب الشيوعي في تعاظم شعبيته ونجاحه الى رواية نُشرت عام 1929. فان مبيعات الرواية الموسومة quot;كانيكوسنquot; (سفينة السرطان) التي تستوحي الماركسية في سرد حكاية تمرد، زادت على نصف مليون نسخة العام الماضي بعد ما اصبحت قراءتها لازمة في الجامعات اليابانية التي تشهد تململا بين طلابها.
رغم عنفوان الحزب المتجدد فان قلة يعتقدون انه سيقوم بدور كبير في السياسة اليابانية. إذ لديه تسعة مقاعد فقط في مجلس النواب المؤلف من 480 مقعدا، ويقيده نظام انتخابي يعاقب الاحزاب الصغيرة.
يصر قادة الحزب الشيوعي الياباني على انهم لن يشاركوا في أي تحالفات حتى إذا كانت تعني اسقاط الحزب الديمقراطي الليبرالي الذي لم يسقط إلا مرة واحدة منذ 54 سنة. ويقول مسؤول في قسم العلاقات الخارجية للحزب ان الشيوعيين سيتعاونون بشأن قضايا محدَّدة لكنهم لن يكونوا طرفا في ائتلاف. ويؤكد ان لا فرق بين الحزب الحاكم واكبر احزاب المعارضة حول السياسة الاقتصادية أو الدفاعية أو أي قضية كبيرة من قضايا اليوم. اما الحزب الشيوعي فهو quot;يختلفquot;، بحسب هذا المسؤول.
ثمة بالكاد ما يجمع بين الحزب الشيوعي الياباني اليوم والحزب الشيوعي قبل 30 عاما. فالمادية الديالكتيكية حل محلها التزام quot;بالتغيير الديمقراطي في اطار الرأسمالية القائمةquot;. ويقول غو ايتو Go Ito بروفيسور العلوم السياسية في جامعة ميجي Meiji University في طوكيو quot;ان الحزب الشيوعي الياباني حزب شديد الاختلاف اليوم. فالحزب الحديث حزب برغماتي ولهذا السبب تمكن من استثمار الاستياء الذي يعم المجتمع اليابانيquot;.
التعليقات