أنقرة: يختبر تحقيق في محاولة انقلاب مزعومة قدرة تركيا على إصلاح جيشها ومحاكمها اللذين يعتبرهما علمانيون متشددون حصنا ضد الاسلام السياسي لكن ينحي آخرون باللائمة عليهما بوصفهما عائقين في طريق التغيير. ووجهت اتهامات لقرابة 200 شخص بينهم جنرالات متقاعدون ومحامون وساسة في قضية نظر إليها كثيرون على أنها جزء من معركة من أجل تركيا المرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي.

وتقول ايما سنكلير ويب الباحثة المتخصصة في شؤون تركيا بمنظمة هيومان رايتس ووتش quot;هذه القضية أحدثت تغييرا أساسيا في الافكار المتعلقة بمن يمكن تقديمه للمحاكمة في تركيا.quot; وذكر ممثلو ادعاء أن جماعة يمينية كانت تخطط لنشر الفوضى من خلال تنفيذ تفجيرات وهجمات في انحاء تركيا لاجبار الجيش على التدخل والاطاحة بحكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان.

ويرى منتقدون للتحقيق في مؤامرة الانقلاب التي تعرف باسم quot;ايرجينيكونquot; أنه انتقام من قبل الحكومة ذات الجذور الاسلامية بسبب محاولة لاستصدار قرار من المحكمة العام الماضي لوقف نشاط حزب العدالة والتنمية الحاكم. وينفي الحزب أنه يدفع القضاء لشن حملة ضد معارضيه. ورحب المدافعون عن الديمقراطية باجراء التحقيق بوصفه فرصة لكسر المحرمات المتعلقة بالجيش وتسريح العناصر المناهضة للديمقراطية في البيروقراطية الحكومية التي انخرطت طويلا في انشطة لزعزعة استقرار البلاد.

لكن في ظل إلقاء الشرطة القبض على صحفيين ونشطاء في مجال الدفاع عن حقوق الانسان وفنانين واكاديميين في قضية تزداد توسعا يتساءل البعض ما اذا كان حزب العدالة والتنمية قد بسط سيطرته على القضاء الذي كان ذات يوم حصنا للنخبة العلمانية لمعاقبة خصومه السياسيين. ويقول سنان اولجن من مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية باسطنبول ان quot;ايرجينيكون وصلت الى مرحلة خطيرة والنظام القانوني بحاجة الى اثبات أن هذه قضية خطيرة ضد العناصر المناهضة للديمقراطية في المجتمع التركي.quot;

وأضاف quot;سيكون علينا أن ننتظر حتى نهاية العملية القانونية لنرى ان كانت ايرجينيكون ستتسبب في مزيد من الاستقطاب بالمجتمع التركي او ستفيد الديمقراطية في تركيا.quot; وتحمل قضية ايرجينيكون في طياتها معاني ضمنية للمستثمرين في تركيا التي هي وجهة للاستثمار بسبب احتمالات انضمامها للاتحاد الاوروبي لكن كان لفترات من انعدام الاستقرار السياسي والمؤسسي بها اثار سلبية أيضا على اقتصادها وحجمه 800 مليار دولار.

وبالنسبة لكثيرين في الطبقة المتوسطة التي تزداد قوة في تركيا توفر القضية فرصة لكشف النقاب عن جرائم قتل لم تحل وقضايا فساد وعمليات غير قانونية أنحي باللائمة فيها على quot;الدولة العميقةquot; وهو تنظيم من القوميين المتشددين في قوات الامن والبيروقراطية الحكومية يعارض الاصلاحات الليبرالية والديمقراطية. والقبض على جنرالات متقاعدين وضباط أمر لم يسبق له مثيل في تركيا حيث أطاح الجيش بأربع حكومات منتخبة في الاعوام الخمسين الاخيرة واستمتع لفترة طويلة بوضع لا يمس بسبب الدعم الشعبي له.

وينفي الجيش أي صلة له بالجماعة وقد انتقد ممثلي الادعاء لتشويههم صورته. وفي مؤتمر صحفي نادر الشهر الماضي قدم قائد القوات المسلحة الجنرال ايلكر باسبوج دفاعا قويا عن المؤسسة ونفى أنها كانت تخطط لانقلاب. وانتقد بعض القضاة وممثلو الادعاء التحقيق ايضا واتهموا الحكومة بالرغبة في السيطرة على القضاء.

وخرج قضاة في مسيرة احتجاجية مرتدين زيهم المميز الى قبر مصطفى كمال اتاتورك مؤسس تركيا العلمانية بعد أن فتشت الشرطة منزل ممثل الادعاء الذي حرك القضية ضد حزب العدالة والتنمية. وقالت الباحثة سنكلير ويب quot;كثير من الاشخاص المتورطين في القضية كانوا غير قابلين للمس من قبل. كانوا يديرون الدولة. كانوا الدولة.quot;

وأثارت جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الانسان والاتحاد الاوروبي قضية الحقوق القانونية للمشتبه بهم واجراء محاكمة نزيهة وهي شكوى شائعة في تركيا. وكان تم جر الكثير من المشتبه بهم من أسرتهم تحت جنح الظلام ليطلق سراحهم دون توجيه اتهامات بعد ذلك ببضعة ايام.

ويقول سونر جاجابتاي مدير المركز التركي بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى والذي كثيرا ما انتقد الحكومة ان حزب العدالة والتنمية quot;استبدل (تنظيم) الدولة العميقة القديم بتنظيم جديد خاص به.quot; وألقي القبض على معارضين قادوا احتجاجات في الشوارع ضد الحكومة عام 2007 بينهم زعماء اتحادات عمالية على سبيل المثال. وغذت الغارات على مكاتب منظمات غير حكومية ووسائل اعلام تنتقد الحكومة الانتقادات بشن حملة ضد المعارضين.

ويؤكد حزب العدالة والتنمية استقلال القضاء. وكان قد أنهى سيطرة العلمانيين على السلطة التي امتدت لعقود من الزمان بفوزه بالانتخابات عام 2002 . وقال اردوغان ان حزب العدالة والتنمية الذي بدأ محادثات الانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي عام 2005 يريد اصلاح البيروقراطية الحكومية التي تعوق الديمقراطية والنقاش السياسي.