إيلاف: في واقعة أقل ما يمكن أن توصف بأنها واقعة فاضحة، نجح اثنين من مراسلي صحيفة quot;نيوز أف ذا ورلدquot; البريطانية الأسبوعية الشهيرة عن طريق استخدامهم لبطاقات هوية مزورة بإجراء سبق صحافي مثير للغاية، كشفوا من خلاله عن الخرق الأمني المشين الذي يتعرض له قصر باكينغهام الملكي في بريطانيا، حيث تمكنا من الدخول إلى أماكن ومناطق حساسة خاصة بالأسرة الملكية داخل البلاط الملكي بعد أن قاما بدفع رشوة مالية للسائق الخاص بالملكة إليزابيث الثانية ! ndash; وهو الخرق الأمني الذي صنفته الصحيفة في سياق تقريرها تحت بند quot;الخيانة وعدم تحمل المسؤوليةquot;، مشيرة إلى أنه لن يكون هناك أسهل من هذا التهاون الأمني كي يؤدي إلى سقوط الملكة ضحية في أيدي التنظيمات الإرهابية.

صورة تظهر المراسل وهو يجلس بنفس مقعد الملكة بسيارتها الخاصة

وفي البداية، كشفت الصحيفة النقاب عن أن سائق الملكة الذي يدعى بريان سيرجوسينغ قد أتاح لمراسليها السريين يوم الجمعة الماضي فرصة الوصول إلى أسطول سيارات الليموزين الخاصة بالملكة بداخل القصر، ولم يكتف السائق بهذا فحسب، بل ساعد المراسلين أيضا ً على تجاوز الإجراءات الأمنية الموجودة بالداخل دون الخضوع حتى للتفتيش بعد أن حصل منهما على مبلغ قدره ألف إسترليني. ثم حثهما على تفقد المكان هنا وهناك وكذلك الجلوس داخل العربات التي تستخدمها الأسرة الملكية. وأشارت الصحيفة إلى أن الأمر الأكثر إثارة في تلك الفضيحة هو أن هذا السائق لم يكن لديه أي فكرة عن هويتهم أو دوافعهم، وكل ما يعرفه هو أن صديقته التي تدعى فيكتوريا فورونوفا قد سبق لها وأن التقت هذين الشخصين وعبرا لها عن استعدادهما دفع مبالغ مالية لصديقها بغرض مساعدتهما على تفقد القصر الملكي من الداخل.

وفي سياق حديثه إلى المراسلين، قال بريان متفاخراً خلال جلوس أحدهما في الكرسي الخلفي لإحدى سيارات quot;البنتليquot; التي تستخدمها إليزابيث quot; هذا هو المكان التي تجلس فيه الملكةquot;. وبعدها، تركهما بمفردهما وانصرف بعيدا عنهما بعض الشيء، ما أتاح للمراسلين قدراً كافيا ً من الوقت يكون من السهل على الإرهابيين استغلاله مثلا ً في زرع قنبلة صغيرة أو جهاز تعقب في إحدى الفتحات الموجودة أسفل المقعد الخلفي للسيارة. وبرغم ما يدعيه بريان، 38 عاما، بأنه قد سبق له وأن اقتاد سيارة الملكة بنفسه من قبل، إلا أن الصحيفة استقت معلومات تدحض ادعاءاته هذه. ومع هذا، فقد أبدى سعادة لسماحه لمراسلي الصحيفة بالتقاط صوراً فوتوغرافية ومقاطع فيديو للعربات الخاصة بالأسرة الملكية والتي من بينها رولز رويس ودايملر وجاجوار.

اليزابيث تخرج من نفس سيارة التي عرضها السائق على المراسلين

كما سمح لهما هذا السائق أيضا ً بالتقاط مجموعة من الصور الفوتوغرافية للوحات المعدنية الخاصة بأرقام السيارات، وكشف لهم عن رموز غاية في السرية لاثنين من أهم سياراتها التي يقودها سائقين وموظفين منوطين بالحماية الملكية. كما تحدث إليهما عن وجود ما أسماه بـ quot; الثغرات الأمنيةquot; الموجودة بداخل السيارات، وكذلك نقاط الضعف التي تشوب خطط السفر الخاصة بالملكة خلال عطلة نهاية الأسبوع. من جانبها، أكدت الصحيفة أن تلك الخيانة المثيرة التي تورط فيها بريان سوف تُحدث أصداء وردود فعل واسعة بين فريق الحماية الملكية، وسوف تزيد من المخاوف الأمنية على حياة الملكة في التوقيت الذي يُعتقد أنها تخضع فيه للحراسة من خلال المستوى الأمني الثاني ndash; نظرا ً لوجود تهديدات قائمة ومتنامية ضدها من جانب تنظيم القاعدة.

ثم فجرت الصحيفة مجموعة من المفاجآت الصادمة من خلال كشفها عن طريقة إعداد بريان لزيارة المراسلين للقصر وكذلك طريقة مساعدتهما على مخالفة التعليمات والإرشادات الأمنية الموجودة بالداخل، وقالت أولا ً أن بريان نسق معهما عبر رسالة نصية على اعتبار أنهما رجال أعمال شرق أوسطيين شغوفين ومهتمين بمشاهدة القصر الملكي من الداخل، وقد طالبهما في تلك الرسالة بأن يكلماه هاتفيا قبل وصولهما بقليل كي ينتظرهما امام البوابة، وهو ما حدث بالفعل. وبعد أن أدخلهما بريان، قام باقتيادهما متجاوزاً ضابط يرتدي زي شرطة رسمي كان جالساً بأحد الأكشاك الأمنية الصغيرة. ثم اقتادهما ليتجاوزا كذلك لافتتين إرشاديتين كبيرتين يقولان (توقف، هناك تدابير أمنية تأخذ مجراها ) و ( حضَّر بطاقة هويتك الشخصية لو سمحت ).

والغريب أيضا ً، هو أنهما لم يتوقفا كي يخضعا لتلك التعليمات التي يُفترض أنها صارمة، رغم أن الملكة كانت موجودة بالداخل. وبعدها، بدأ يحدثهما عن نفسه كسائق ثالث للملكة، وتطرق إلى حياته السابق كعسكري في الفيلق الملكي للنقل والإمداد، مدعيا ً إنه قضى أربعة سنوات في خدمة دوق ودوقة كنت. وقبل أن يقتادهما إلى المرآب الملكي الضخم الذي يتراص بداخله أسطول السيارات الملكية الفاخرة، أخذهما في جولة إلى الإسطبلات الملكية التي يوجد بها الخيول والعربات الاحتفالية. وفي النهاية حرصت الصحيفة من جانبها على أن توجه نداء للخبراء المكلفين بتوفير أقصى درجات الحماية للملكة بضرورة دراسة الأمر، والعمل على تفادي مثل هذه الخروقات، حفاظاً على حياة الملكة لأنها تستحق أفضل من ذلك هي والبلاد، على حد قول الصحيفة.