جنيف: في باكستان، أرغم الهجوم الذي أطلقته السلطات ضدّ طالبان، مئات الآلاف من الأشخاص على الفِـرار من مساكنهم. ويتابع المراقبون بانشغال النتائج المُـحتملة على أفغانستان المجاورة.
في هذا السياق، يراقب فيلي غراف، رئيس مكتب الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية في كابُـل، الأوضاع بكثير من التوجّـس، مثلما يشرح في حديث خاص معه.
ما هي الانعكاسات المُـحتملة للتطورات الأخيرة في باكستان على أفغانستان المجاورة؟
من الصعب تقييم الوضع، وعلى كل حال، إذا ما تراجع الطالبان على الجبهة الباكستانية، فهناك خطرُ عبورهم للحدود بقوّة واستعادة السيطرة على مناطق بأكملها في أفغانستان.
الوضع في أفغانستان يتّـسم اليوم بالكثير من التوتّـر، وأخشى من أن تتكثّـف المواجهات العسكرية أكثر من ذي قبل. وفي هذا الإطار، من البديهي أنه يجب مواجهة المشاكل برؤية إقليمية.
في السياق الحالي، هل لا زال بإمكان الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون إنجاز مشاريعها في أفغانستان؟
بقدر ما تتيحه لنا الأوضاع الصعبة فوق الميدان، نقوم بما هو ممكن لإنجاز عملنا بشكل عادي، ونحن ننجح في ذلك جزئيا. مع ذلك، تتلبّـد في السماء الأفغانية غيوم سوداء، وفي الكثير من الأحيان، يحظى العامل الأمني بالأولوية.
حاليا، توجد بعض مناطق البلاد في حالة حرب، ولا يدري أحد ما الذي سيحدُث في الأشهر القادمة. ليس من المستبعد أن نُـضطر للانسحاب من مناطق محدّدة.
ما هي المشاريع التي تعرّضت للتأجيل بسبب التطورات الأخيرة؟
لقد أصبحت مشاريع التنمية الريفية العديدة في شمال البلاد في مهبّ الريح، نظرا لأن إنجازها يتوقّـف على طريق الإمدادات، الذي يربِـط جمهوريات آسيا الوسطى بكابُـل. وبما أنه يتمّ نقل الإمدادات للقوات الدولية على نفس هذه الطريق، فمن المحتمل أن تُـصبح هدفا مفضّـلا للهجمات. ولهذا السبب، فإن عبورها لن يكون مضمونا.
تُـموِّل الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون 30 مشروعا في أفغانستان. ما هي الأولويات عندكم؟
تعمل الوكالة من أجل إرساء الحُـكم الرشيد وتعزيز انخراط المجتمع المدني. فعلى سبيل المثال، لعِـبت دورا حاسما في إنشاء منظمة، تجمع تحت غطائها الجمعيات المدنية.
من الأوجُـه الأخرى المهمّـة، ما يتعلّـق بتحسين ظروف الحياة في المناطق الريفية. ففي بعض المناطق، يُـتوفّـى طفل من بين كل أربعة أطفال خلال الوضع. وفي هذا الصدد، تُـتيح مشاريع الأم والطفل، إمكانية تقليص نسبة الوفيات بشكل ملموس.
عموما، كيف تُـقيِّـم الدور الذي تلعبه سويسرا في أفغانستان؟
إذا ما نظرنا إلى حجم المساعدات، فإن سويسرا تُـعتبر شريكا صغيرا بالنسبة لأفغانستان، لكنها تحتلّ مع ذلك موقِـعا خاصا، لأنها ndash; وعلى خلاف البلدان التي تمثِّـل كبار المانحين ndash; لم تقُـم بإرسال جنود إلى البلد.
إضافة إلى ذلك، نحن متواجدون عن طريق الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في أماكن يُـفضِّـل الآخرون تجنُّـبها، ولهذا السبب، نتمتّـع بمصداقية كبيرة لدى الحكومة والمجتمع المدني على حدّ السواء.
أعلنت الولايات المتحدة عن إستراتيجية جديدة لأفغانستان. عمليا، ما هي التغييرات التي يُـمكن توقّـعها منذ الآن، وما هي التطورات المُـرتقبة؟
يُـمكن للمرء أن يلاحظ لدى ممثلي الولايات المتحدة استعدادا متناميا للتعاون مع بقية البلدان المانحة، وهذا يُـمثل بلا شك إشارة إيجابية. من جهة أخرى، يُـمكن أن يُـطلِـق التغيير على رأس القيادة العسكرية، بعض التحويرات. يُـضاف إلى ذلك، أن واشنطن صرّحت بأنها تريد أن تقوم بكل ما في وسعها، لتجنّـب سقوط ضحايا مدنيين.
في شهر أغسطس، سيُـدعى الشعب الأفغاني إلى صناديق الاقتراع، لانتخاب رئيس جديد. في ظل الظروف القائمة، هل يُـمكن، واقعيا، تصوُّر إجراء انتخابات سليمة؟
من الممكن أن يشهد الوضع الأمني تدهورا مع اقتراب الموعد الانتخابي، لكن إذا نظرنا إلى الأمور على المدى البعيد، فمن المهم جدا أن تُـجرى الانتخابات مثلما هو مُـقرّر.
في هذه اللحظة، من المستحيل طرح توقّـعات بخصوص السيناريو الذي سيكون قائما في شهر أغسطس.
التعليقات