إيران ... الثورة المضادة؟ |
ورأت الصحيفة أن موجات الاعتقالات التي شنتها قوات الأمن الإيرانية على مدار الأيام القليلة الماضية مع استمرار حث المرشح حسين موسوي لأنصاره بالتظاهر في الشوارع، والإعلان كذلك عن وفاة 32 شخص نتيجة للصدامات العنيفة التي وقعت بين الشرطة والمحتجين، هي عبارة عن جزء من الصراع على السلطة بين النخبة السياسية في إيران بعد انقضاء ثلاثين عاما ً على الثورة الإسلامية. ويؤكد محللون ndash; بحسب الصحيفة ndash; على أن المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله سيد على خامنئي يهدف إلى التخلص من زعماء الجيل الأول المنافسين - وبعضهم من الزعماء الأصليين للثورة.
ومن ناحية أخرى، يناضل المعسكر المناوئ لنجاد ndash; المندفع بكرهه لنمط الرئيس الوقح ndash; من أجل الإطاحة به والمحافظة على نفوذهم، وثروتهم في بعض الأحيان، داخل نظام الحكم الإيراني الواضح. وفي هذا الإطار، تنقل الصحيفة عن محلل إيراني ذو ثقافة غربية ويعيش في طهران قوله :quot; نستعد الآن لدخول مرحلة التطهير من quot;الثورةquot;. لذا، يريد المرشد الأعلى أن يتخلص من جميع ثوريي الجيل الأول. ويعتبر أحمدي نجاد ممثل فعال للغاية في مهاجمة مصداقية هؤلاء الزعماءquot;. ففي وسط المناظرات الرئاسية الأخيرة، وجه أحمدي نجاد اتهامات شعبية غير مسبوقة بالفساد وعدم الكفاءة لخصومه ndash; الذي كان من بينهم الرئيس الثري السابق علي أكبر هاشمي رافسنجاني، الذي تغلب عليه في الانتخابات الرئاسية قبل الأخيرة في عام 2005.
هذا ويرى المحللون أن المرشد الأعلى يمر حاليا ً بورطة، بسبب سرعته الملفتة في التأكيد على فوز أحمدي نجاد بالانتخابات، في حين يرى عدد كبير من المحتجين أن المرشد لعب دوراً بارزاً في إخراج النتيجة على هذا النحو. من جانبها، تقول فريدة فرحي، خبيرة في شؤون السياسة الإيرانية بجامعة هاواي :quot; تعتبر تلك اللحظة لحظة مائعة جداً ومرتجلة ولا يمكن التنبؤ بها ndash; ولا أعرف إلى أين ستصل الأمور، لكني متأكدة من أن هناك أشخاص سيدفعون ثمن ذلك؛ لكننا لا نعرف هويتهم. وسواء سيكون ذلك من نصيب أنصار رافسنجاني أو أحمدي نجاد، فإن خلاصة القول هي أني أعتقد أن خامنئي هو من سيدفع ثمن ذلك لأنه أساء التعامل مع تلك الانتخابات بشكل خطير للغايةquot;.
وفي تقرير آخر تحت عنوان quot;رجال الدين قد يكونوا مفتاحاً لحصيلة الاضطرابات التي تعيشها إيرانquot; ndash; تقول صحيفة النيويورك تايمز أنه في الوقت الذي تخوض فيه المؤسسة السياسية بإيران حرباً ضد نفسها، يكمن تساؤل محوري وراء الاضطرابات التي نشبت عقب الانتخابات هو : quot;أي فريق سيدعمه ويقف إلى جواره رجال الدين ذوي النفوذ في البلاد ؟quot;. في البداية، توضح الصحيفة أن زعماء النظام الملالي لازالوا يلتزمون الصمت بشكل كبير إلى الآن، مع استثناء ملحوظ لعدد قليل من أبرز آيات الله الكبار، من بينهم الشخص الذي هاجم عملية فرز الأصوات ووصفها بـ quot; الظلم الفادحquot;. في حين انضم عدد قليل من الزعماء الدينيين لعشرات الآلاف من الإيرانيين للتعبير عن غضبهم من خلال إقامة المسيرات في شوارع طهران وغيرها من المدن الإيرانية.
ونقلت الصحيفة في هذا الإطار عن محسن سازيغارا، المساعد السابق لآية الله روح الله خوميني :quot; لقد برز بعض رجال الدين على الساحة، لكنهم ليسوا في دائرة القيادة. وليس لهم مطالب دينية أو قومية، بل تتمركز مطالبهم على المطالب الديمقراطيةquot;. وأكدت الصحيفة أيضاً على أن واحدا ً من الأسرار التي وقفت وراء تظاهرات إيران الشعبية الحاشدة هذا الأسبوع كان متعلقاً بالجهة التي قامت بتنسيق تلك التظاهرات. ويشتبه البعض في أن الأيدي الخفية وراء تلك التظاهرات هي المنظمة السياسية القوية للرئيس السابق علي أكبر هاشمي رافسنجاني. حيث التقطت صوراً لابنته التي تدعى quot;فائزةquot; ndash; وهي عضوة سابقة بالبرلمان واشتهرت بإدخالها المرأة إلى عالم الرياضة ndash; أثناء مشاركتها في مسيرة احتجاجية للمرشح الإصلاحي، مير حسين موسوي.
وفي مقال للرأي بصحيفة واشنطن بوست، أشار الكاتب المعروف نادر موسافيزاده إلى أنه وفي ظل تأزم المشهد السياسي في إيران خلال هذه الأثناء، بات على الرئيس باراك أوباما أن يواجه على المدى القريب مجموعة من الخيارات، فإما أن يقاطع النظام الإيراني، ويشدد من موقفه ويقدم على السير نتيجة لذلك في طريق الصراع؛ أو أن يمضي قدماً باتجاه إجراء حوار مع حكومة أحمدي نجاد والاعتراف ضمنياً بالمغتصب العنيف، نجاد. لكن موسافيزاده أكد في الوقت ذاته على أن هناك خيار ثالث يعترف بوضعية إيران الفريدة من نوعها في المستقبل الإيراني، وهو الخيار الذي قد يساهم في تعزيز المصالح الأمنية الوطنية الإيرانية بطريقة تتسق مع القيم الإيرانية، ألا وهو هذا الخيار الذي يُعرف بـ quot; تجاهل أحمدي نجادquot;. فيما أكد الكاتب في سياق حديثه إلى أنه وكي تتمكن الولايات المتحدة من المضي قدما ً في مجهوداتها الرامية لإجراء حوار مع إيران، عليها أن تتجاهل نجاد وتركز في تعاملاتها على إيران كدولة. ويرى الكاتب أن خيار quot;تجاهل نجادquot; يستلزم نهجاً ذا شقين، أولهما الاعتراف بالتطلعات الديمقراطية الواضحة للشعب الإيراني. وثانيهما هو ذلك الشق المتعلق بمصالح إيران طويلة المدى. فضلا ً عن أنه سيُجرد أحمدي نجاد من دور البطولة في مواجهة الولايات المتحدة على الساحة العالمية خلال السنوات المقبلة.
قسم الترجمة
إعداد أشرف أبو جلالة
التعليقات