إعداد عبد الإله مجيد: كتب الاكاديمي الايراني حسين عسكري استاذ إدارة الأعمال والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن مقالا في دورية quot;ناشنال انترستquot;* عن التحديات التي تواجه ادارة الرئيس اوباما في تعاملها النظام الايراني. وجاء في المقال:

ينبغي ان يتحادث الرئيس اوباما مع الملالي بقدر ما يشاء ولكن ينبغي ألا يعطيهم ما يشاؤون لأن الولايات المتحدة لن تكسب شيئا له قيمة بالمقابل. وهناك ثلاثة اسباب لهذا الواقع.

أولا ، ان نظام طهران يعرف انه لا يستطيع البقاء في السلطة بالوسائل الديمقراطية. وهو يستحضر شرعية اسلامية زائفة ويلجأ الى البطش للحفاظ على السلطة. ويعلم الملالي ان جمهوريتهم quot;الاسلاميةquot; تقف على طرفي نقيض مع مصالح الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى في الشرق الأوسط ، وان هذه وتلك ستعمل على تقويض حكمهم في كل الأحوال. ويعتقد النظام ان امتلاك ناصية الدورة النووية وتجنيد وكلاء في انحاء العالم ، لا سيما في الشرق الأوسط ، هو الطريق الوحيد لضمان بقائه في مواجهة التهديدات الخارجية.
ثانيا ، ان طهران أفلحت في تصوير واشنطن على انها عدو الاسلام. ولا يعدم الملالي وسيلة لاقناع المواطن الايراني الاعتيادي بأن الولايات المتحدة ـ quot;الشيطان الأكبرquot; ـ في الحقيقة تخوض حربا مع ايران. وهم يستشهدون بدعم الولايات المتحدة لاسرائيل وقتل المسلمين في العراق ومحاولات واشنطن المتكررة للسيطرة على طهران كدليل على ان ايران تحتاج الى نظام رجال الدين للدفاع عن شعبها ضد القوى الخارجية التي تتربص بها الدوائر. وهكذا فان اقامة علاقة عدائية باطلاق مع quot;الشيطان الأكبرquot; تكسب للملالي دعما بين البسطاء ، ومن المستبعد ان يريد النظام ذات يوم تغيير الصورة الشائهة التي يرسمها عن اميركا.

ثالثا ، ان النظام يرى ان الانفتاح على الغرب والولايات المتحدة طريق يفضي الى سقوطه في نهاية المطاف. ويدرك الملالي ان الايرانيين يمكن ، بمرور الزمن ، أن ينظروا الى الاميركيين والشركات الاميركية على انهم عامل مساعد في انعاش آمالهم بمستقبل اقتصادي أفضل وانهم سيكفون عن تصديق خطاب السلطة المسموم. وسيطالب الشعب بمزيد من الحرية عندما لا تعود أميركا بنظرهم قوة شريرة أو معادية للاسلام وبذلك سحب البساط من تحت حكم الملالي الدكتاتوري.

سيتحادث الملالي ويحاولون تحقيق مكاسب قصوى من التحادث ولكنهم لن يتعاونوا تعاونا كاملا مع الولايات المتحدة في عملية السلام أو في العراق وافغانستان. فهم يرون ان اميركا أقل خطرا عندما تكون مكروهة في العالم الاسلامي ومتورطة في العراق وافغانستان ومناطق أخرى. وليس لدى طهران مصلحة في اميركا تحظى بالتقدير وقد تكون ذات جاذبية لايرانيين أكثر فأكثر. مع ذلك سيبدأ النظام ، من باب المظاهر ، حوارا بطيئا ومتعرجا مع واشنطن. وسيطالب بتنازلات فورية من الولايات المتحدة دون يقدم شيئا ذا معنى بالمقابل. سيطالب النظام بتسوية شاملة لنزاع حول المشتريات العسكرية الخارجية ـ برنامج الولايات المتحدة لبيع معدات وخدمات عسكرية الى حكومات أجنبية ـ يحتدم في عملية شاقة على كل سطر من سطور البرنامج تجري في لاهاي منذ سنوات. وستقدم الولايات المتحدة على الأرجح عرضا في حدود 500 مليون الى مليار دولار فيما ستطالب ايران على الأغلب بمبلغ يقرب من 20 مليار دولار. وستطالب ايران برفع كل العقوبات الدولية والاميركية فضلا عن ابرام معاهدات عدم تدخل وعدم اعتداء. وستطالب ايران بانسحاب القوات الاميركية من المنطقة ، وتحاول ان تحصل على بعض هذه التنازلات فيما تبدي تأييدا لفظيا للجهود الاميركية في العراق وافغانستان. وسترفض طهران وقف دعمها لحزب الله ما لم تكف الولايات المتحدة عن دعم حكومات وقوى في المنطقة وتشرع في تصفية كل أشكال وجودها العسكري ، الأمر الذي يعرف الملالي حق المعرفة ان واشنطن لن تقبل به. في هذه الغضون سيواصل النظام برنامجه النووي. وإذا وافق الملالي حقا على تسوية توافقية بشأن طموحاتهم النووية في نهاية المطاف ـ وهي موافقة مستبعدة للغاية ـ فالمؤكد انهم ضمنوا وجود موقع سري في مكان آخر من ايران لكسب مزيد من الوقت.
هذا هو الواقع الذي يواجه ادارة اوباما. وعلى البيت الابيض ان يدخل عقل النظام في طهران كي يعرف لماذا لن يكون النجاح حليف اي تقارب طويل الأمد ما دام الملالي في السلطة ، وان يتحرك على هذا الأساس.
* ناشنال انترَست National Interest دورية نظرية رئيس مجلس ادارتها الفخري وزير الخارجية الاميركية الأسبق هنري كيسنغر