محمد حميدة من القاهرة: يبدو أن المواجهة السياسية بين النظام المصري والنظام الإيراني، والتي تميزت في الفترة الأخيرة بالإنتقاد المتبادل الحاد، لن تقف عند هذا الحد بحيث توسعت المواجهة بين الجانبين إلى حد عدم التسامح الديني مع اتباع المذهبين. فالجانب المصري كثف من حملاته ضد الشيعة المصريين وألقى القبض على المئات منهم بدعوى الترويج للمذهب الشيعي والحصول على أموال من إيران، فيما قام النظام الإيراني بحرمان السنة من حقوقهم على كافة الاصعد كما ذكرت عدد من التقارير ولعل شنق 13 عنصرًا من جماعة جند الله السنية بدعوى ارتكابهم جرائم متنوعة كانت الخطوة التي دفعت عددًا من الخبراء إلى تصنيفها في سياق التمييز الطائفي ضد أهل السنة في إيران والتضييق عليهم.
وقد ألقت السلطات الأمنية المصرية مؤخرًا القبض على تنظيم مصري بتهمة الدعوة إلى المذهب الشيعي في مصر والارتباط بعدة دول منها إيران وسورية، وتلقي أموال منها وبلغ عدد المتهمين في قضية quot;المد الشيعيquot;، بحسب مصادر غير رسمية، نحو ٣٠٠ متهم على رأسهم الشيخ حسن محمد شحاتة موسى الشيعي المذهب، وكان يعمل خطيبًا لأحد المساجد الشهيرة في العاصمة المصرية ومقدمًا لبرنامج ديني بالتلفزيون المصري في التسعينات. من جهته، رجح مصدر مطلع لـquot;إيلافquot; أن السبب في شن حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت شحاتة أتباعه هي زياراته لإيران، وأعرب عن احتمال ان يواجهوا اتهامات بالارتباط تنظيميًا بخلية بحزب الله التي ألقي القبض عليها بتهمة الإضرار بالأمن القومي المصري وتفجير سفن في قناة السويس.
وبالعودة إلى قضية quot;المد الشيعي quot; جاء في مذكرة الاتهامات انهم، quot;يعتنقون أفكارًا متطرفة مخالفة لصحيح الدين الإسلامي منها الإدعاء بأحقية سيدنا علي بن أبي طالب فى الخلافة عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبطلان خلافة صحابته، وممارسة العبادات بأسلوب يخالف صحيح الدين، بأداء الصلاة على قطعة من الحجر تسمى الشقفة، وتكون من أرض كربلاء التى استشهد فيها الإمام الحسين بن علي، وعدم جواز رفع الأذان أو أداء الصلاة إلا خلف إمام من آل البيت أو من ينوب عنه بإذنهquot;. وأشارت إلى أن شحاتة عقد عدة لقاءات تنظيمية وتثقيفية في منازل أعضاء المجموعة، من أجل الدعوة وتكوين أنصار للمذهب الشيعي في مصر. وإتهمته بالسفر إلى سورية بدعوة إلى مقابلة مسؤول المكتب الشيعي لمرشد الثورة الإيرانية، علي خامنئي، في سورية، الذي بدوره وجّه له الدعوة لزيارة المقدسات الشيعية في إيران وسافر بالفعل إلى هناك وأقام بها لمدة شهرين تعرّف خلالهما إلى العديد من العناصر والقيادات الشيعية.
وأشارت التحريات إلى تلقي شحاتة دعمًا ماليًا هائلاً من القيادات الشيعية في الخارج للإنفاق على المصريين الشيعة والدعوة إلى المذهب الشيعي، وقام بالفعل، وفق ما جاء في التحريات، بإيداع تلك الأموال في بعض فروع البنوك الأجنبية والوطنية داخل مصر، ووجهت النيابة للمتهمين تهمة ازدراء الأديان. ووجهت النيابة للمتهمين تهمة ازدراء الأديان.
وبعد القبض على حسن شحاتة قرر الزعيم الشيعي بمصر quot;محمد الدرينيquot; اعتزال العمل العام. ونفى الدريني لـquot;إيلافquot;ما تردد عن وجود صفقة بينه وبين النظام، مشيرًا إلى ان الأسباب التي دفعته لذلك قد يراها بعضهم أنها بمثابة انسحاب من المعركة، لكنه قرر التفرغ للعلم والتأليف والكتابة بعد تجاهل معاناته وسط صمت دولي مـطبق. وقال انه لن يتنازل عن القضايا الخاصة به وسيواصل أمام القضاء مساعيه للحصول على حقوقه، مشيرًا الى ان عداءه مع النظام اضر بالشيعة وأهل بيته. وبسؤاله إذا كان الدافع وراء قراره هو الخوف من مواجهة المصير نفسه لحسن شحاتة، قال انه لن يتوقف أبدًا عن نضاله من اجل آل البيت وتعهد بمواصلة مساعيه للإفراج عن أنصار آل البيت.
وبخصوص الاعتقالات الأخيرة، قال الدريني أمين المجلس الاعلى لرعاية ال البيت لـإيلاف إن الحملة التي يقودها النظام المصري ضد أنصار آل البيت تستهدف قهر شيعة مصر ومنعهم من التعبير عن أنفسهم او إقامة الاحتفالات وغيرها من المناسبات او حتى الترويج لأفكارهم وعقد الندوات، مضيفًا أنها حملة في الأساس ضد الجمهورية الإسلامية في طهران بغرض تأليب الرأي العام المحلي والإقليمي ضدها، متهمًا النظام المصري بالرضوخ لأوامر خارجية هدفها الترويج لتكفير الشيعة.
من جهته أكد الدكتور أحمد راسم النفيس القيادي الشيعي لـ quot;إيلافquot; أنّ الأجهزة الأمنية تلاحقهم باستمرار وتقوم باعتقالهم، واعتبر حملة الاعتقالات جزءًا من الحرب التي يقودها النظام ضدهم، إضافة الى الحرب الإعلامية الراهنة ضد الشيعة بهدف ترسيخ حالة العداء للشيعة في الشارع المصري. وحول الشيخ حسن شحاتة قال النفيس انه quot;حاد اللسانquot; من خلال بعض الأقوال العنيفة له على الإنترنت وسبه السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها والصحابة وأضاف : لقد نصحناه بل تمنينا عليه أن يتوقف عن أقواله وسبّه دون مجيب.
هذا وقد تزايدت التحذيرات في الفترة الأخيرة في مصر عمّا يسمى بخطورة المد الشيعي، وتعرض مفتي مصر لحملة قاسية بعد تصريح أدلى به لموقع قناة العربية على الانترنت افتى فيه بجواز التعبد على المذهب الشيعي وان الشيعة طائفة متطورة، هو ما دفع الباحث فتحي عثمان الى تقديم بلاغ ضده امام النائب العام ورفع دعوى قضائية أخرى لا تزال تنظر في المحكمة. وحذر شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي من وجود المذهب الشيعي في مصر باعتبارها دولة سنية، مشيرًا إلى أن الأزهر لن يقبل بنشر التشيع في البلاد. وكان الداعية الإسلامي الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، قد أثار جدلاً واسعًا بتحذيره قبل عدة أشهر من أن هناك محاولات فعلية لنشر المذهب الشيعي في بلاد إفريقية بينها مصر والسودان والمغرب والجزائر.
وتعتبر العلاقة بين القاهرة وطهران أشبه بالحرب الباردة، فالعلاقات الدبلوماسية انقطعت بين البلدين بعد عام من الثورة الإسلامية، وإبعاد الشاه محمد رضا بهلوي عن البلاد عام 1979، ولم تعود حتى الان. وعلى الرغم من محاولات إيران لإعادتها، إلا أن النظام المصري يرى ان إيران تسعى للسيطرة على المنطقة من خلال تصدير الثورة الخمينية ونشر الفكر الشيعي.
التعليقات