نضال وتد من تل أبيب: أسهبت الصحف الإسرائيلية، بالإجماع، في أعدادها الصادرة اليم، في نقل تفاصيل تصريحات نتنياهو خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية أمس، حول الخلاف الأميركي الإسرائيلي بشأن البناء في المستوطنات والقدس. واعتبرت الصحف أن المواجهة بين الإدارة الأميركية وبين حكومة نتنياهو قد تفاقمت بعد التصريحات المتبادلة بين الطرفين، وخاصة على أثر المطلب الأميركي من إسرائيل بوقف أعمال البناء في حي الشيخ جراح في القدس، والادعاء الإسرائيلي أن هذه الأعمال هي أعمال بناء خاصة وليست حكومية لا يمكن للحكومة التدخل فيها، بعد أن حصل أصحابها على كافة التصاريح والتراخيص اللازمة.

وقد تباينت مواقف الصحف وأصحابها تبعًا لمواقفهم السياسية، فاعتبرت هآرتس أن نتنياهو يلعب بالنار فيما شدت يسرائيل هيوم على أيادي نتنياهو معتبرة أنه آن الأوان لوقف التدخل الأميركي. ونقلت الصحف إلى ذلك تصريحات رئيس الشاباك يوفال ديسكين وقوله خلال جلسة الحكومة إن الحكومة القطرية حولتن لحماس في القدس 21 مليون دولار. وواصلت الصحف متابعة ملف الأم الحريدية المتهمة بتجويع أبنائها، كاشفة أن رفضها إجراء فحوصات طبية كان نزولاً عند تعليمات من الحاخامات اليهود، من جهة، وتلقي نائب مدير مستشفى هداسا حيث عولج ابن المرأة المذكورة، تهديدات بالقتل.

هآرتس : نتنياهو يلعب بالنار

تحت هذا العنوان ، كتبت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها اليوم quot;أن الخلاف حول الخطة لإقامة جيب يهودي في قلب الحي الفلسطيني، الشيخ جراح في شرقي القدس، ليست مجرد وجه آخر من النقاش الدائر مع الولايات المتحدة في مسألة المستوطنات. إذ إن توقيت بناء عشرات الوحدات السكنية في مجمع فندق quot;شيباردquot; في أوج الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية بشأن السماح ببناء محدود في المستوطنات، يثير الشكوك بشأن نوايا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالدخول في مفاوضات جادة حول الحل الدائم. فالدعم الذي أعطاه أمس لخطط البناء، على الرغم من الاحتجاج الشديد لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا، يشير إلى أنه على استعداد لتعريض العلاقات الخارجية الضرورية لإسرائيل، للخطر لصالح مبادرة استفزازية قام بها إيرفين ميسكوفيتش، عراب جمعيات اليمين في شرقي القدس.quot;

quot; لم يكن لاحتجاج الرئيس أوباما أن يفاجأ نتنياهو، فغداة تصريحه في يوم القدس بأن quot;عاصمة إسرائيل الموحدةquot; ستبقى تحت سيادة إسرائيل إلى الأبد، فقد أوضحت الولايات المتحدة أن السيادة في شرقي القدس ستحسم فقط في المفاوضات. موافقة نتنياهو على التفاوض على أساس quot;دولتان لشعبينquot; هي أيضًا استعداد للبت في مصير الشيخ جراح. فالقدس هي واحدة من جملة قضايا أساسية وحساسة في الصراع العربي الإسرائيلي، ولا يمكن أن نتوقع بان تتجه الدول العربية نحو التطبيع في الوقت الذي تحرجها إسرائيل عبر مبادرات بناء في القدسquot;.

إن ادعاء رئيس الحكومة بأن إسرائيل تسمح لعرب شرقي القدس الاستيطان في أحياء يهودية يثير الغضب على نحو خاص. فخلافًا لجمعيات اليمين اليهودي، التي تعمل من أجل الاستيلاء على شرقي المدينة، فإن السكان الفلسطينيين يتجهون للعيش في الأحياء اليهودية بسبب النقص في المسكن والخدمات العامة في أحيائهم. فمنذ العام 1967 صادرت إسرائيل 35% من أراضي شرقي المدينة لصالح بناء نحو 50.000 وحدة سكنية في أحياء أعدت بالأساس لليهود. في تلك الفترة، بنيت في القطاع الفلسطيني أقل من 6000 وحدة سكنية بدعم حكومي.

تسبب خطط البناء لليهود في شرقي القدس لإسرائيل ضررًا سياسيًا خطرًا. نتنياهو ورئيس بلدية القدس، نير بركات، يلعبان بالنا تحت غطاء شفاف بذريعة quot; ترخيص عادي للبناء الخاصquot;. تجميد البناء في مجمع فندق شيبارد ضروري بدرجة لا تقل عن أهمية تفكيك البؤر الاستيطانية وتجميد المستوطنات خارج نطاق الحدود البلدية للعاصمةquot;.

يسرائيل هيوم: لا مفر من صد التدخل الأميركي

تحت هذا العنوان كتب الصحافي المخضرم، دان مرغليت، أن quot; كل مواجهة أميركية إسرائيلية هي سيئة؛ وعندما يقوى الانطباع بأن واشنطن معنية بها، تتحول إلى سيئة للغاية، وعندما تكثر المؤشرات بأن الإدارة تصعد هذه لمواجهة نزولا عند طلب السلطة الفلسطينية- يصبح ذلك أسوأ ما يمكن، هكذا يبدو الضغط الأميركي لمنع بناء 20 وحدة سكنية في حي الشيخ جراح.

لقد دار بين إسرائيل والولايات المتحدة حوار موضوعي، سعى إلى التوصل إلى نقطة اتفاق حول مسألة مواصلة البناء في المستوطنات. وليس واضحًا ما إذا كان يمكن أصلاً التوصل إلى اتفاق، لكن الواضح أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق من دون رغبة حسنة عند الطرفين. إن نقل النقاش من البناء في المستوطنات إلى قلب القدس التي تم توحيدها، هو إشارة لنية سيئة. ولربما أيضا إلى التفكير بأن الأميركيين غير معنيين بحل قضية البناء في المستوطنات لإبقاء المواجهة بين واشنطن والقدس مشتعلة على نار هادئة، على مدار المفاوضات السياسيةquot;.

quot;لن تنجم أي فائدة من أزمة حول بناء 20 وحدة سكنية في الشيخ جراح. ستفقد إسرائيل مكانتها في الولايات المتحدة، وسيرفض الفلسطينيون تقديم حصتهم في التسوية، وستخرج الولايات المتحدة مهزومة وقد خسرت من الجهتينquot;. quot;من المحتمل أن يكون شخص ما في إدارة براك أوباما يعتقد أنه يجب دفع إسرائيل لتزحف على ركبتيها إلى طاولة المفاوضات، لكنه سرعان ما سيكتشف أن الأمر ليس كذلك. فمن يؤيد تسوية سياسية على أساس دولتين لشعبين، ومن على استعداد لوقف غالبية البناء في المستوطنات- لا يستطيع أن يبرر quot;المحكمةquot; العلنية التي يقوم بها أوباما بحق نتنياهوquot;.

لن ينجح هذا الضغط، بل إنه بلور ومنذ الآن تأييدا واسعا حول رد نتنياهو أمس، خلال جلسة الحكومة. دان مريدور سيقترب من بني بيغن، إيهود براك سيصبح مثل د. عوزي لنداو، بل سيزداد الضغط على كديما لتمد يدها وتنضم للائتلاف الحكوميquot;. إن من يهتم بأن تتمخض المفاوضات الإسرائيلية- الأميركية بشأن تحديد البناء في المستوطنات عن نتائج على أرض الواقع، ملزم الآن بصد التدخل الأميركي في القدس، لا يوجد مفر من ذلك.