أقر المجتمعون في إجتماع مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في المرة الخامسة التي يجتمع فيها مجلس الأمن على المستوى الرئاسي والمرة الأولى التي يرأس فيها رئيس أميركي، بالإجماع على قرار يدعو إلى عالم خال من الأسلحة النووية، من دون تسمية أي قوى أو دولة بطريقة مباشرة. وقدمت الولايات المتحدة المشروع، مطالبةً الدول التي لم توقع على معاهدة منع الانتشار لعام 1970 بالتوقيع عليها. وشهد الاجتماع هجومًا حادًا من قبل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي استنكر انكار الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد المحرقة اليهودية، معربًا عن خيبة أمله الكبيرة من الأمم المتحدة.

نيويورك، وكالات: وافق اجتماع لمجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة برئاسة الرئيس الاميركي باراك أوباما بالاجماع على قرار يدعو الى عالم من دون أسلحة نووية. كما طالب القرار بإنهاء نشر الاسلحة النووية لكنه لم يُسمِّ أيًا من ايران أو كوريا الشمالية اللتين ينظر اليهما الغرب باعتبارهما التهديد النووي الاكبر. غير أن رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طالبًا بفرض عقوبات أشد على ايران لتحديها مطالب الامم المتحدة بوقف أنشطتها النووية الحساسة.

وترأس أوباما الاجتماع الذي استمر أكثر من ساعتين في مقر الامم المتحدة في مانهاتن وهي المرة الخامسة التي يجتمع فيها مجلس الامن على المستوى الرئاسي والمرة الاولى التي يرأس فيها رئيس أميركي جلسة للمجلس منذ تشكيله عام 1946. وقال أوباما quot;لقد دعوت الى هذه (القمة) حتى نعرض على أعلى المستويات تهديدًا أساسيًا لأمن كافة الشعوب وكافة الامم- انتشار واستخدام الاسلحة النوويةquot;. وقال أوباما ان السنة القادمة ستكون quot;حاسمة قطعًاquot; في تحديد نجاح جهود منع انتشار الاسلحة النووية واستخدامها.

وقدمت الولايات المتحدة مشروع قرار يدعو الى quot;مزيد من الجهد على صعيد نزع السلاح النوويquot; من أجل الوصول الى quot;عالم خال من الاسلحة النوويةquot; وطالب الدول التي لم توقع على معاهدة منع الانتشار النووي لعام 1970 بالتوقيع عليها.

ويقول منتقدون للقرار انه لم يتضمن الاحكام الملزمة التي تلزم الدول النووية باتخاذ خطوات جادة نحو نزع السلاح النووي. وأوضح الرئيس الصيني هو جينتاو أن بكين ليست لديها أي نية للتخلص من ترسانتها النووية. وقال quot;سنستمر في الحفاظ على قدراتنا النووية الى المستوى الأدنى المطلوب لتحقيق أمننا القومي وسنبذل أقصى جهدنا لدفع عملية نزع السلاح النووي في العالم.quot; وقال بعض الدبلوماسيين بالأمم المتحدة ان الدول النووية مهتمة بمنع الانتشار أكثر من اهتمامها بنزع السلاح النووي.

لكن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي قال ان منع الانتشار ونزع السلاح مرتبطان تمامًا. وقال quot;عن طريق عرض التزامها الثابت للوصول الى عالم خال من الاسلحة النووية ... تحظى الدول النووية بموقف أخلاقي لدعوة بقية العالم الى تقليص انتشار هذه الاسلحة غير الانسانية.quot;

وجميع الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الامن وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا لديها قنابل ذرية. ولكن الدول الموقعة على معاهدة منع الانتشار النووي التي ليس لديها ترسانات نووية تشكو لعقود من أن القوى النووية الرسمية في العالم أخفقت في الوفاء بالتزاماتها في الوقت الذي تسعى فيه لمنع الدول الاخرى من الانضمام quot;للنادي النوويquot;.

وقال دبلوماسيون بالامم المتحدة ان الولايات المتحدة أحجمت عن ذكر أسماء دول في القرار لتفادي خلاف مع روسيا والصين. لكن براون وساركوزي لم تكن لديهما تلك الهواجس عندما ألقيا كلمتيهما أمام المجلس. وقال براون quot;مع تنامى الدليل على خرقها للاتفاقات الدولية يجب علينا الان أن نفكر معا في عقوبات أشد بكثير.quot; وكانت الولايات المتحدة وألمانيا من بين القوى الغربية التي طالبت باستهداف قطاع الطاقة الايراني بعقوبات دولية.

بدوره، قال ساركوزي quot;اذا كانت لدينا الشجاعة لتشديد وفرض العقوبات معا ضد من ينتهكون قرارات مجلس الامن .. فسيضفي ذلك مصداقية على التزاماتنا نحو خفض الاسلحة النووية في العالمquot;. ويقول دبلوماسيون ومحللون ان قرار الولايات المتحدة بتنظيم القمة كشف عن تحول كبير في سياسة نزع السلاح التي تتبعها ادارة الرئيس أوباما.

وقد أغضب الرئيس السابق جورج بوش الدول الموقعة على معاهدة منع الانتشار النووي باغفاله التزامات نزع السلاح التي تعهدت بها الحكومات الاميركية السابقة. كما حث القرار quot;دولا أخرىquot; خارج معاهدة منع الانتشار النووي على الانضمام الى جهود نزع السلاح للمساعدة في تخليص العالم من القنابل النووية.

وهذه الدول التي لم يسمها القرار هي باكستان والهند اللتين لم توقعا على المعاهدة لكنهما تملكان أسلحة نووية واسرائيل التي لا تنفي ولا تؤكد امتلاكها لاسلحة نووية لكنها يعتقد أنها تملك ترسانة نووية كبيرة. وكانت انسحبت كوريا الشمالية من معاهدة منع الانتشار النووي في 2003 وأجرت أول اختباراتها النووية في 2006 كما أجرت اختبارا آخر في وقت سابق من هذا العام. وطالب القرار أيضًا الدول الاعضاء في الامم المتحدة بالتصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية ومساندة المفاوضات حول اتفاق يحظر انتاج المواد الانشطارية لاستخدامها في الاسلحة النووية.

السعودية تتعهد بمبلغ 100 مليون دولار للأمم المتحدة

وفي السياق تعهدت السعودية بمبلغ 100 مليون دولار لمساعدة جهود الأمم المتحدة وشركائها في باكستان، حيث لا يزال نحو مليون شخص مشردين بعد أن نزحوا من منازلهم إثر الاشتباكات العنيفة بين قوات الحكومة الباكستانية والمسلحين في شمال غرب البلاد.

يذكر أن أكثر من مليون شخص من أصل 2.7 مليون باكستاني، نزحوا من المنطقة منذ بدء الصراع في آب/أغسطس الماضي، ولا يزالون يعيشون مع عائلات تستضيفهم أو في مخيمات، حيث تجبر العمليات العسكرية المستمرة أشخاصًا آخرين على النزوح، وذلك بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في باكستان، مارتين موغوانجا، إن مساهمة السعودية، الأكبر في هذه الأزمة الطارئة، سوف تسمح للجماعات المعنية بتقديم المساعدات الإنسانية في باكستان بالوصول إلى مئات آلاف الأشخاص المحتاجين، وسوف تساعدهم في إعادة بناء منازلهم وحيواتهمquot;. ويشار إلى أنه حتى اليوم، جرى تمويل فقط نحو نصف الـ680 مليون دولار المطلوبة لإغاثة النازحين في باكستان، وذلك من قبل دول ومنظمات وأفراد. ويذكر أن الوضع الإنساني في باكستان كان من أبرز المواضيع التي ناقشها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مع الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري هذا الأسبوع.

أردوغان يدعو إلى تطبيق حل الدولتين

بدوره قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ان حل النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي على أساس مبدأ الدولتين أساسي للسلام الإقليمي والعالمي على حد سواء. ودعا أردوغان في كلمة أمام الجمعية العامة إسرائيل إلى فتح المعابر الحدودية مع قطاع غزة لأن إقفالها يعرقل إعادة إعمار القطاع. وأضاف ان quot;تركيا لديها مسؤولية إنسانية وأخلاقية مشتركة لضمان إنهاء المأساة التي تشهدها غزة وخلق بيئة لتحقيق سلام شامل في المنطقةquot;.

وقال أمام أعضاء الجمعية العامة ان العدوان الإسرائيلي الذي دام ثلاثة أسابيع على غزة في مطلع العام الجاري والذي بدأ بهدف وقف الصواريخ الفلطسينية على غزة، تحول بشكل سريع إلى مأساة إنسانية. وقال أردوغان ان النزاع أدى إلى سقوط 1400 فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال وأكثر من 5000 جريح وتدمير العديد من المباني في غزة وحتى مواقع الأمم المتحدة تعرضت للهجمات.

وأشار إلى مرور ثمانية أشهر منذ توقف الأعمال العدوانية في القطاع ومرور ستة أشهر منذ المؤتمر الدولي في مصر الذي تعهد بمليارات الدولارات لإعادة إعمار قطاع غزة إلاّ quot;ان المأساة الإنسانية مستمرة للأسف في غزةquot;.

وشدد على ان إقفال المعابر الحدودية في غزة يؤدي إلى عرقلة نقل مواد البناء والموارد إلى القطاع مما يتسبب بمواصلة معاناة 1.4 مليون فلسطيني يعيشون في غزة. وقال quot;نطالب بإزالة هذه العقبات فورًا وإعادة الوضع إلى طبيعته في القطاع لصالح السلام والأمن للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواءquot;. وحث المجتمع الدولي على إحياء الجهود لحل المزاع الفلسطيني الإسرائيلي واستئناف محادثات السلام في أقرب وقت ممكن والتي توقفت بسبب النزاع في غزة.

نتنياهو يشنّ هجومًا مضادًا على نجاد

واللافت في اجتماع الجمعية العامة كان هجوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على إنكاره المحرقة اليهودية وانتقد الأمم المتحدة لأنها سمحت له بالحديث خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الرابعة والستين للجمعية العامة.

وأشاد نتنياهو في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الخميس بزعماء الدول الذين قاطعوا خطاب نجاد وأدان الذين كانوا حاضرين وسمحوا له بإلقائه. وقال quot;إلى الذين أصغوا إلى ناكر المحرقة هذا أقول نيابة عن شعبي... ألا تخجلون؟ أليس لديكم احترام؟quot;. ووبخ رئيس الوزراء الإسرائيلي الأمم المتحدة لأنها منحت الرئيس الإيراني quot;الشرعيةquot; بعد ستة عقود من المحرقة. وقال نتنياهو quot;يا لهذا العار. يا لها من سخرية من شرعة الأمم المتحدةquot;. وكان أحمدي نجاد تحدث أمس الأربعاء أمام الجمعية العامة وكرر إنكاره للمحرقة ووصفها بأنها quot;وهمquot;.

وعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي نسخًا من محضر لاجتماع مسؤولين نازيين في العام 1942 تم التخطيط خلاله لإبادة اليهود وإنشاء معسكرات اعتقال. وسأل ملوحًا بالنسخ quot;هل هذه البروتوكولات تكذب؟quot;. وعرض أيضًا المخطط التفصيلي الهندسي لمعسكر اعتقال أوشفيتز ـ بيركيناو حمل توقيع نائب الزعيم النازي، هنريتش هيملر. وسأل quot;هل الحكومات الألمانية المتعاقبة التي احتفظت بهذه الوثائق تكذب؟quot;.

وقال نتنياهو إن الأمم المتحدة تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية وإبادة اليهود، وذلك بهدف منع هذه الجرائم من جديد، مضيفًا quot;لا شيء يضر بالأمم المتحدة أكثر من تشويه الحقيقة، بالأمس وقف الرئيس الإيراني وردد مواقفه المعادية للسامية، وقبل أيام وصف الهولوكوست بالكذبةquot;. ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية معربًا عن خيبة أمله الكبيرة من الأمم المتحدة.

واعتبر أنه من الخطأ اعتبار إيران دولة تهدد اليهود فحسب، واصفًا النظام الإيراني بأنه quot;يقوم على التشدد والعنفquot; واعتبر أن مواجهة التشدد quot;ليست معركة بين دين ضد دين أو حضارة ضد حضارة، بل هي معركة المدنية ضد البربرية، والذين يحبون الحياة ضد الذين يقدسون الموتquot;. وطلب نتنياهو منع quot;المتشددينquot; من الحصول على quot;السلاح الأكثر دمارًاquot; مطالبًا بالعمل لمنع quot;القيادة الحاكمة في طهران من الحصول على السلاح النوويquot;.

وسأل نتنياهو quot;هل ستقوم الأمم المتحدة بما يلزم ضد النظام الذي زوّر الانتخابات وقتل المتظاهرين على أرصفة الشوارع، هل سيمنع المجتمع الدولي إيران من إعداد سلاح نووي يهدد العالم، الشعب الإيراني يقف في وجه هذا النظام، ومعه الشرفاء في العالم، فهل سيقف المجتمع الدولي معهم؟quot;.

واتهم المؤسسة الدولية بـquot;الصمتquot; أمام هجمات حركة حماس على الإسرائيليين وهاجم مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على quot;معاييره غير المتوازنةquot;، في إشارة إلى التقرير الأخير الذي أصدرته لجنة تقصي الحقائق الخاصة بنزاع غزة التي شكّلها المجلس وأدانت فيه إسرائيل على عدوانها على غزة في يناير/كانون الثاني الماضي.

ووصف التقرير بأنه quot;مهزلةquot; مؤكدًا ان إسرائيل تمارس حقها الشرعي في الدفاع عن نفسها ضد quot;الإرهابquot;. واعتبر ان تقرير المجلس يمثل اختبارًا للمجتمع الدولي ليختار بين الوقوف مع إسرائيل أو مع quot;الإرهابيينquot;. وأضاف quot;عوض إدانة إيران يدين البعض ضحايا الإرهاب، مثل تقرير الأمم المتحدة الذي وازن بين الإرهابيين وضحاياهم، طوال ثماني سنوات وحماس تطلق آلاف الصواريخ على مدنيينا، وطوال هذه الفترة لم يصدر قرار واحد من الأمم المتحدة يدين هذه الهجمات ولا من مجلس حقوق الإنسانquot;. وأضاف quot;وعام 2005، انسحبت إسرائيل من غزة، وفككنا 21 مستوطنة وأخلينا آلاف الإسرائيليين من منازلهم لأن الكثيرين اعتقدوا أن هذا سيجلب السلام، لكن عوضًا عن ذلك بات لدينا قاعدة إرهابية مدعومة من إيران على بعد 50 كيلومترًا من تل أبيبquot;.

ودافع عن عمليات الجيش الإسرائيلي العسكرية في غزة وذلك من خلال تشبيه الصواريخ الفلسطينية بالقصف النازي للمدن البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية، وذكّر بأن الحلفاء ردوا بقصف المدن الألمانية وقتلوا مئات الآلاف، مضيفًا أن إسرائيل قررت الرد بخلاف ذلك عبر تنفيذ quot;عملية جراحيةquot;.

وزعم أن تل أبيب حاولت الحد من الخسائر البشرية عبر دعوة المدنيين الفلسطينيين إلى مغادرة منازلهم في مناطق العمليات من خلال المناشير والرسائل الهاتفية والاتصالات الهاتفية.

وختم نتنياهو بالقول إن إسرائيل تريد السلام، وتوجه إلى الفلسطينيين بدعوتهم للموافقة على قرار التقسيم الصادر عام 1947 قائلاً quot;نريد من الفلسطينيين الموافقة على ما رفضوه قبل 60 عامًا، وهو قبول دولة يهودية في إسرائيل، كما نوافق نحن على دولة فلسطينية، نحن لسنا غزاة من الخارج، أجدادنا سكنوا هذه الأرضquot;. ولفت إلى أن تل أبيب تجاوبت مع كل الزعماء العرب الذين كانوا يريدون السلام الحقيقي، كما جرى مع العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال، والرئيس المصري الراحل أنور السادات. يشار إلى ان نتيناهو لم يحظ بالتصفيق خلال خطابه سوى عندما تحدث عن الحاجة إلى دولة فلسطينية وفي نهاية خطابه.