قال رئيس الحكومة البريطانية إن بلاده تعارض مقاطعة إسرائيل، في اليوم الأول من زيارته للدولة العبرية والأراضي الفلسطينية. منددًا أمام الكنيست بحكومة إيران ومتهمًا إياها بمحاولة تسليح النشطاء الفلسطينيين. كما ذكّر مغتبطًا بجذوره اليهودية.


نصر المجالي: أكد رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون في كلمة وجّهها، الأربعاء، إلى الكنيست الإسرائيلي أن quot;بريطانيا تعارض المقاطعة، إن كانت على شكل نقابات عمالية تحاول إقصاء الإسرائيليين أو جامعات تريد منع التبادلات الأكاديميةquot;.

وقال إن موقع إسرائيل كموطن للشعب اليهودي لن يتأثر بالقرارات الفارغة، التي يصدرها هواة السياسة. وأضاف quot;إنه من الخطأ والكريه السعي إلى نزع الشرعية عن إسرائيل، وسندحر هذه المحاولات معا quot;. وخطاب كاميرون أمام الكنيست هو الثاني لزعيم أوروبي خلال أسبوع بعد خطاب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في الأسبوع الماضي. وتعد هذه الزيارة هي الأولى لكاميرون في المنطقة منذ أن تولى رئاسة الحكومة البريطانية قبل نحو 4 سنوات.

تنديد بإيران
وندد رئيس الوزراء البريطاني أمام الكنيست بحكومة إيران، ووصفها بأنها ذات quot;نظام استبداديquot;، واتهم طهران ببذل محاولات خسيسة لتسليح النشطاء الفلسطينيين. وبدا كاميرون متحمسًا في تأييده إسرائيل، وأشاع السرور في نفوس مضيفيه بحديثه عن جذور يهودية له، وتشدده تجاه إيران، التي تتفاوض مع القوى العالمية الست، للحدّ من طموحاتها النووية.

وقال كاميرون quot;أشاطركم الشك العميق والقلق البالغ تجاه إيرانquot;. وأضاف quot;لست منبهرًا بالنظام الجديدquot;، في إشارة إلى انتخاب حسن روحاني - الذي يعدّ معتدلًا نسبيًا - رئيسًا لإيران في العام الماضي.

واغتنم رئيس الوزراء البريطاني المحافظ، الذي يقوم بأول زيارة لإسرائيل منذ توليه السلطة في عام 2010، اغتنم الفرصة لدعم الجهود الأميركية لإبرام اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

استمرار التوترات
لكنه قال إنه من المحتمل أن تستمر التوترات العالمية حول إيران، حتى بعد حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود. وتخشى إسرائيل والقوى الغربية أن تكون طهران تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية، وهو ما نفته مرارًا.

وقال كاميرون quot;ليست إسرائيل هي السبب في الشكوك التي تساور العالم تجاه إيرانquot;. وأضاف: quot;لا توجد قاعدة تقول إنه إذا حققت إسرائيل والفلسطينيون السلام، فإن إيران ستقوم على نحو ما بتفكيك نظامها الاستبدادي، والتخلي عن طموحاتها النوويةquot;.

وقال كاميرون إنه لم يأت ليحاضر إسرائيل عن كيفية تحقيق السلام. وأشار فقط بشكل عابر إلى استمرار بناء المستوطنات في الأرض المحتلة، التي يقول الفلسطينيون إنها تخنق تطلعاتهم نحو بناء دولة مستقلة. واستطرد قائلًا quot;نتطلع جميعًا إلى سلام دائم وآمن بين إسرائيل وجيرانهاquot;.

الحلول الوسط
وقال كاميرون: quot;نؤيد الحلول الوسط المطلوبة، بما في ذلك وقف النشاط الاستيطاني، وإنهاء التحريض الفلسطيني كذلكquot;. وكانت بريطانيا قد عززت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، وعيّنت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي قائمًا بالأعمال غير مقيم، لكن كاميرون انتقد إيران بشدة بخصوص ضبط إسرائيل سفينة في البحر الأحمر عليها صواريخ مخبأة وسط شحنتها.

وقالت إسرائيل إن إيران هي مورد الصواريخ السورية الصنع، وكانت في طريقها إلى مسلحين فلسطينيين في قطاع غزة. ونفت إيران هذه الاتهامات. وقال كاميرون quot;هذه محاولة أخرى خسيسة من قبل الإيرانيين لتهريب المزيد من الصواريخ بعيدة المدى إلى غزةquot;.

وبعدما اختتم كاميرون كلمته، قال راديو الجيش الإسرائيلي إن وابلًا من الصواريخ أطلق على إسرائيل من قطاع غزة، الذي تديره حركة حماس. وأشار كاميرون إلى أن أي تسليح نووي لإيران في المستقبل سيشكل quot;تهديدًا للعالم بأسرهquot;، وتعهد ألا تسمح بريطانيا بحدوث ذلك.

وأجرى كاميرون محادثات في القدس مع نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد وقت قصير من وصوله إلى إسرائيل الأربعاء في زيارة تستغرق يومين، يناقش فيها مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين قضيتي عملية السلام في الشرق الأوسط وبرنامج إيران النووي.

ويلتقي كاميرون الخميس الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) في رام الله لمناقشة العراقيل الموجودة أمام مواصلة المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية.

التحديات الأمنية
من جانبه، أكد نتنياهو على quot;التحديات الأمنيةquot;، التي تواجه المجتمع الدولي في لقائه كاميرون. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية quot;يجب أن نتعاون من أجل مواجهة جملة من التحديات الأمنية والسياسية التي تواجهناquot;.

وقال نتنياهو إن quot;التحدي الأول يتمثل في منع إيران من الحصول على سلاح نووي. أما الثاني فيتمثل في تحقيق سلام آمن ودائم بين الفلسطينيين وإسرائيل، وهو هدف أنا ملتزم بهquot;.

وأكد نتنياهو لكاميرون ضرورة أن تقوم أوروبا بدفع الفلسطينيين نحو quot;تغيير سلوكهم الحاليquot; في مفاوضات السلام. ويلقي الإسرائيليون باللائمة على الفلسطينيين في تعثر المفاوضات.

دعم جهود التسوية
ويدعو كاميرون الجانبين إلى ضرورة الالتزام بالمفاوضات لحل مشكلة الشرق الأوسط، وهو ما يمثل دعمًا للجهود الأميركية في هذا المجال. ولا ينتظر أن يغيّر كاميرون من توجهات بريطانيا الثابتة منذ فترة، حيث يركز على تفهم لندن للمخاوف الأمنية الإسرائيلية، بينما يرفض في الوقت نفسه التوسعات الإستيطانية الإسرائيلية وبناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وتعتبر المستوطنات الإسرائيلية عملًا غير قانوني تبعًا للقانون الدولي، حيث تمثل السلطة الإسرائيلية سلطة احتلال في الضفة الغربية ولا يجوز لها بناء مستوطنات.

قيادة قوية
وقبيل بدء زيارته، قال كاميرون إن عملية السلام في الشرق الأوسط تمر quot;بمرحلة صعبةquot;، مطالبًا الطرفين ببذل المزيد من الجهد.

وقال كاميرون quot;أرغب في تشجيع رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس عباس على أن يعوّلا على قيادتهما القوية التي اتضحت حتى الآن، وأن يتخذا الخطوات النهائية الصعبة نحو السلامquot;.

جائزة عظيمة
وأضاف كاميرون quot;الجائزة ستكون عظيمة... دولة فلسطينية مستقبلية وقابلة للاستمرار، تعيش بسلام إلى جوار دولة إسرائيل الآمنةquot;.

على الجانب الاقتصادي، يصطحب كاميرون معه ممثلين عن 17 شركة بريطانية كبرى في جولته، حيث يطمح إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

وقال كاميرون quot;إن شراكتنا مع إسرائيل في مجال التقنيات هي الأقوى في العالم، وينبغي علينا أن نعزز ذلك لنجلب المزيد من فرص العمل إلى بريطانياquot;.

في الختام، أوضح كاميرون أنه يرغب في الوقت نفسه أن يرى الاقتصاد الفلسطيني متطورًا، مضيفًا أنه سيحرص على البحث بالتفصيل في الدعم البريطاني للاقتصاد الفلسطيني حتى يصبح أكثر قدرة على مواجهة المنافسة.