تعتقد بعض النسوة الإيرانيات أن المخدرات تساعد على إنقاص الوزن، لذلك يلجأ البعض إليها سرًا في مجتمع يحرّم ما هو أبسط من ذلك، إلا أن تغييرًا حقيقيًا ولّد لديهن بريق أمل تمثل في فتح مركز تأهيل لعلاجهن ودمجهن مجتمعيًا بعدما نبذتهن بيئاتهن.
ارتفاع نسبة تعاطي المخدرات في إيران أدى إلى ظهور فئة جديدة في المجتمع الإيراني، وهي فئة "المدمنات الإيرانيات"، اللواتي تقعن فريسة التعاطي، ولا تجدن من ينتشلهن في هذا المجتمع الإسلامي التقليدي، الذي يحرّم المخدرات، ويفرض أشد العقوبات على من يستخدمها.
علامات تغيير
التهميش والترهيب الذي يخضع له المدمن في المجتمع الإيراني جعل الكثير من هؤلاء الفتيات يعتقدن أنهن يستحقن الموت، إلى أن أبصرن بريق أمل في مركز متواضع لإعادة التأهيل في طهران.
هذا المركز البسيط، الذي يستقبل المدمنات الإيرانيات، بهدف علاجهن وإعادة دمجهن في المجتمع، هو إحدى العلامات على تغيير المزاج في إيران والتقدم البطيء الذي بدأت تسلكه الجمهورية الإسلامية لمواجهة هذه المشكلة التي تم تجاهلها لمدة طويلة.
الجزء الأكبر من الأفيون الأفغاني يمر عبر إيران قبل أن يصل إلى السوق العالمية، الأمر الذي ساهم في ارتفاع معدلات الإدمان في البلاد التي تعد من بين أعلى المعدلات في العالم، وهي أرقام آخذة في الارتفاع بشكل مخيف، لاسيما في صفوف النساء.
700 ألف مدمنة
تقدم الوكالات الحكومية والهيئات الدولية إحصاءات متضاربة، لكن مركز مكافحة المخدرات في إيران يشير إلى أن 3 ملايين من 76 مليون مواطن إيراني هم من المدمنين على المخدرات، وأكثر من 700.00 منهم من النساء - أي ضعف العدد قبل عامين.
في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ "واشنطن بوست" عن معصومة، مديرة مركز التأهيل الصغير الذي يدار من قبل النساء، قولها إن "البداية تكون بالاعتراف بأن الإدمان هو مرض، وليس جريمة. لكن تغيير العقول يستغرق وقتًا".
وأشارت معصومة - التي رفضت الكشف عن اسمها الكامل أو اسم المركز نظرًا إلى حساسية المسألة - إلى أن جزءًا كبيرًا من العقلية التي تعتبر أن الإدمان جريمة يعود إلى "وصمة العار" التي تلحق بالمدمن، فضلًا عن الإنكار وتقاذف المسؤولية.
مؤامرة غربية
في مؤتمر حول المخدرات في مدينة أورميا هذا الشهر، اتهم مسؤول حكومي "التدخل الأجنبي" بأنه المسبب الرئيس للإدمان في إيران. وقال رازي خودادوست، المدير العام لمنظمة رعاية الدولة الإيرانية في محافظة أذربيجان الغربية، إن إدمان المرأة على المخدرات هو "خدعة من قبل أعدائنا لمهاجمة القيم الإسلامية للعائلات الإيرانية".
أضاف: "أعداء الجمهورية الإسلامية يخططون على نطاق واسع لنشر المخدرات بين النساء الإيرانيات، ويستثمرون بكثافة في هذا المشروع".
بهدف الريجيم!
العثور على المخدرات في إيران أمر سهل للغاية، والغالبية العظمى من المدمنين تستخدم الميثام فيتامين والكريستال المنتج محليًا أوالهيرويين وغيرها من مشتقات الأفيون.
"يمكنك العثور على المخدرات في أي مكان وفي أي وقت في المدن الإيرانية. مهما كان ما تبحث عنه، سوف تتمكن من الحصول عليه في غضون بضع دقائق" تقول ناهد (27 عامًا)، التي تتعالج من إدمان الهيرويين والكريستال في مركز إعادة التأهيل في طهران.
وبسبب الطابع التقليدي للمجتمع الإيراني، تلجأ الإيرانيات إلى الأماكن المخصصة للنساء فقط، حيث يسهل عليهن تعاطي المخدرات من دون رقيب، مثل صالونات التجميل. يشار إلى أن الكثير من النساء اللواتي يتعالجن في مركز إعادة التأهيل، سمعن عن تعاطي المخدرات من أصدقائهن، وقصدن صالونات التجميل، التي تقام في البيوت الخاصة عادة، لتجربتها، لا سيما بعدما قيل لهن إن المخدرات تساعد على إنقاص الوزن!.
تأهيل وإدماج
في مركز إعادة التأهيل القريب من العاصمة طهران، تعمل معصومة ومجموعة صغيرة من النساء بجهد وهدوء لمساعدة مدمنات المخدرات على بدء حياة جديدة.
عندما بدأت معصومة العمل في هذا المجال قبل 13 عامًا، كانت الخطورة أكبر بكثير، إذ كانت تستعين بمجموعة من المتطوعين لنصب الخيام في الغابات لعلاج النساء، في ظل عدم وجود حماية قانونية أو دعم حكومي لهذا النشاط.
وتقول إنها لا تريد أن تغامر بالكشف عن اسم المركز حتى لا تعرّض المدمنات للخطر، لأنهن يواجهن ما يكفي من التحديات للإقلاع عن تعاطي المخدرات، إلى جانب تحدي إعادة دمجهن في المجتمعات التي نبذتهن وعائلاتهن اللواتي تخلت عنهن.
التعليقات