بدأ الشارع المصري يتذمر ويتخوف من عودة زمرة الحكم السابق نفسها، بعدما رشح عدد من الأحزاب أعضاء من الحزب الوطني المنحل على قوائمه في الانتخابات البرلمانية المقبلة، تزامنًا مع صدور حكم قضائي يتيح لأعضاء "الوطني" بالترشح.
أحمد حسن من القاهرة: سادت حالة من الاستهجان داخل الشارع المصري ولدى المتابعين للمشهد الانتخابي جراء قيام عدد من الأحزاب، وعلى رأسهم حزبا النور السلفي والوفد وتحالف عمرو موسى الانتخابي، بترشيح عدد من أعضاء الحزب الوطني المنحل على قوائم الحزب في الانتخابات المقبلة، خاصة بعد صدور حكم قضائي من محكمة الأمور المستعجلة يقضي بالسماح لأعضاء الحزب الوطني المنحل بالترشح في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
يتزامن ذلك مع إعلان الفريق أحمد شفيق المرشح السابق لرئاسة الجمهورية العودة إلى مصر استعدادًا لخوض حزب الحركة الوطنية المصرية الانتخابات البرلمانية.
في الوقت نفسه، أعلن عدد من قيادات الحزب الوطني المنحل في مختلف المحافظات خوض الانتخابات البرلمانية على المقاعد الفردية.
هذا وقد اختلفت الأحزاب السياسية حول شكل البرلمان المقبل ما بين مؤكد على أن البرلمان سيشهد تنوعًا كبيرًا، وآخر يقول إن البرلمان سيسيطر عليه المستقلون، وسيكون دور الأحزاب ضعيفًا للغاية، مؤكدين أن الأحزاب لم تحدد موقفها من التحالفات الانتخابية.
أزمة سياسية
من جانبه، اعتبر الدكتور محمد منصور، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أسيوط، أن السماح بترشح أعضاء الحزب الوطني المنحل في الانتخابات البرلمانية المقبلة سوف يسبب أزمة سياسية كبيرة داخل الأحزاب والشارع المصري نظرًا إلى وجود حالة من الاحتقان لدى الحركات الثورية وأسر شهداء 25 يناير من النظام السابق بكامله.
وأكد ﻠ"إيلاف" أن البرلمان المقبل سوف يشهد حصول قيادات وأعضاء الحزب الوطني المنحل على عدد من المقاعد ليست بالقليلة& لكونهم مازالوا يلقون شعبية لدى الشارع المصري في بعض المناطق والمحافظات، وما ساعد على ذلك فشل ثورة يناير في تحقيق أهدافها حتى الآن.
وأشار إلى سعي عدد من الأحزاب والتحالفات الانتخابية إلى استقطاب أعضاء الحزب الوطني المنحل للانضمام إليه في الانتخابات المقبلة، وقد اتضح ذلك في تحركات حزب النور السلفي، الذي يبحث عن تحقيق عدد من المقاعد البرلمانية بطرق مشروعة أو غير، والأمر نفسه سوف يسلكه حزب الوفد وتحالف عمرو موسى.
خيانة للثورة
في السياق عينه، اعتبر الدكتور محمد حمزة، عضو ائتلاف شباب الثورة، السماح لأعضاء الوطني المنحل وقيادات النظام السابق بالترشح بمثابة خيانة عظمى لثورتي 25 يناير و30 يونيو.
وأضاف "نحن نطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل فورًا لإصدار إعلان دستوري لمنع ترشح أعضاء الوطني المنحل في الانتخابات المقبلة إلى حين إصدار أحكام نهائية بحق الشهداء، ما دون ذلك فسيخلق احتقان في الشارع المصري، وقد تتحول الانتخابات المقبلة إلى ساحة قتال بين المرشحين والمواطنين، الأمر الآخر أن البرلمان المقبل لا بد أن يتضمن أعضاء ممثلين حقيقيين عن ثورتي يناير و30 يونيو، وليس أصحاب المصالح وقتلة الشعب.
وقال حمزة ﻠ"إيلاف": "إن البرلمان المقبل لن يستطيع أن يسيطر عليه أحد، سواء أكانت أحزاباً سياسية أو تيارات، مشيرًا إلى أن البرلمان المقبل سيكون متنوعًا، ولن تكون فيه غالبية لأحد".
ذكاء الناخب
على الجانب الآخر، أوضح سعد عبود، النائب البرلماني السابق، أن الناخب المصري ذكي، ولن يرضى بتواجد أعضاء الوطني المنحل في مجلس النواب المقبل، والحزب الذي سيضم نوابًا من الوطني سوف يفشل في حصد أي مقعد برلماني، لافتًا إلى أن الشعب المصري خاض معركتين ضد نظام مبارك ونظام الإخوان، وسيمنع هذين التيارين من الدخول الى البرلمان.
وقال ﻠ"إيلاف": "إن البرلمان القادم سوف يشهد تفوقًا كبيرًا للمستقلين، وهو ما سوف يمثل عقبة كبيرة نحو تشكيل الحكومة المقبلة أمام رئيس الجمهورية، ولهذا فإن الأحزاب السياسية مطالبة ببذل الجهد للحصول على عدد من المقاعد يحقق لهم الغالبية بعيدًا عن السعي إلى التحالف مع أعضاء الوطني المنحل أو جماعة الإخوان المسلمين.
خارج الدستور
من جانبه، أوضح الدكتور رجب عبد المنعم، أستاذ القانون الدستوري، أن الرئيس لا يستطيع منع نواب الوطني المنحل من الترشح في الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث إن الدستور الحالي نصّ على حق المصريين في مباشرة حقوقهم السياسية طالما لا يوجد مانع قانوني أو صدور أحكام قضائية نهائية ضدهم، كما إن الدستور الحالي سمح لنواب الوطني المنحل من ممارسة حقوقهم السياسية.
وأكد ﻠ"إيلاف" أن الرئيس السيسي لا يحق له إصدار إعلان دستوري بمنع ترشح نواب الوطني طالما أن ذلك يخالف الدستور الحالي، الأمر الآخر أن أي تعديل في مواد الدستور يتطلب إجراء استفتاء شعبي، وهذه أمور يصعب تحقيقها، والحال في يد الناخب المصري بمنع دخول قيادات الوطني المنحل للبرلمان المقبل.
وأبدى الدكتور عبد المنعم انزعاجه من إقبال الأحزاب على التحالف مع قيادات الوطني المنحل، وبعضهم قد يلجأ إلى مرشحين إخوان، بهدف تحقيق مصالح سياسية فقط من دون مراعاة لمصالح الشعب وبناء مصر الجديدة.
&
التعليقات