الكوت: النقوش المغربية واحدة من الفنون المعمارية التي دخلت في تصميمات البيوت في محافظة واسط، 180 كم جنوب شرق بغداد، منذ عقد التسعينات. وساعد تحسن الظروف المعيشية في السنوات الاخيرة على زيادة الاقبال عليها، واخذت تزين سقوف المنازل والمحال التجارية الكبيرة، حتى اصبحت اشبه بالموضة الشائعة وجزءا من ديكور قد يصل سعر المتر الواحد منها الى عشرين مليون دينار عراقي.

وفي الوقت الذي زاد فيه عدد العاملين في هذا الفن، يرى أسطوات المهنة من النقاشين أن التجار والمقاولين وارباب العمل وكبار الضباط ومدراء الدوائر هم اكثر الفئات إقبالا على ادخال هذا النوع من الزخارف والنقوش إلى بيوتهم.

في قصور النظام السابق

يقول أحد النقاشين في واسط في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; إن الديكور أو النقش المغربي دخل العراق خلال عقد الثمانينيات وتحديدا في القصور الرئاسية التي بدأ النظام السابق بتشييدها في ذلك الوقت. وكان الاعتماد يتم على بعض العاملين من الاقطار العربية بسبب ندرة العاملين فيه من العراقيينquot; ويضيف quot;اتيحت لي فرصة العمل مع أحد المختصين من العرب في أحد القصور الرئاسية التي كانت تشيد حينها في مدينة تكريت ومنذ ذلك الوقت اتقنت الصنعة ورجعت للعمل في مدينة الكوتquot;.

ويوضح النقاش (ج ، ج ، ك) أن quot;العمل سابقا كان يتم من خلال الاعتماد على ورق يسمى، تريس بيبر، تطبع من خلاله النقشة على الجدران ومن ثم يقوم النقاش بنقش الرسومات أو الزخارف الموجودة فيها مستخدما ادوات خاصةquot;.

ويضيف أن quot;عمل النقاش يشبه الى حد كبير عمل النحات، وكانت عملية النقش تتم بطريقة الازالة المتتالية لبعض الاجزاء في النقشة وترك اجزاء اخرى منها في الغالب تكون في محيطها دون ازالة وبالتالي تظهر نقشتها الاولى لتكون بمستوى مرتفع عن النقشة الاصلية وتتكرر هذه العملية على طول الجدران، ويعتمد النقاش على اظهار جمالية النقشة بصورة أكثر وضوحا من خلال استخدامه الالوان التي تجعلها واضحة للعيان وتكون معالمها مغايرة الى الجدران فتعطي منظرا جميلاquot;.

تحسن الظروف اقتصادية وراء الاقبال على الديكور المغربي

يقول حاكم النقاش وهو أحد المختصين في هذا المجال في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; إن quot;الاقبال على النقوش المغربية أصبح الان أكثر انتشارا، فأصحاب المحال التجارية الكبيرة وخاصة محال الازياء والملابس سواء أكانت رجالية أم نسائية ومحال الصاغة والمطاعم الحديثة والشركات، يجددون ديكوراتها السابقة، فالديكور من شأنه أن يجلب الزبائن أكثر ويدعو أصحاب الذوق الرفيع والمستوى العالي معيشيا إلى الاقبال على تلك المحال لاقتناء احتياجاتهم منهاquot;.

ويوضح أن quot;هذه الظاهرة أصبحت سائدة في المنازل الحديثة في وقت لجأ الكثير من أصحاب المنازل القديمة الى اضفاء الديكور المغربي عليها ولو بشكل بسيط، وبالقدر الذي تسمح به امكاناتهم الماديةquot;.

وعزا النقاش ( وهي صفة اطلقت عليه لممارسته عمل النقش والديكور المغربي ) اسباب الاقبال على النقش المغربي إلى quot;تحسن الظروف المعيشية والامكانات المادية، خاصة عند التجار والمقاولين وارباب العمل وكبار الضباط ومدراء الدوائر فهذه المكونات الاجتماعية أكثر من غيرها اقبالا على عمل الديكور لمنازلهمquot;.

نقوش للارتفاعات الشاهقة واخرى للاعتيادية

يقول المهندس نبراس خير الله مصمم ديكور مغربي إن quot;فن النقش المغربي يعتمد على كفاءة النقاش وقدرته في اختيار نقشات أو ديكورات يختلف بعضها عن البعض الاخر تبعا للمكان أو رغبة صاحب المنزل أو المكتب أو المحل التجاري الذي يطلب عمل الديكور وفي كل الاحوال فإن المصمم أو النقاش يعتمد على تخيلاته للمكان وما يناسبه من نقوش فالارتفاعات الشاهقة والفضاءات الواسعة لايمكن أن يكون ديكورها بنفس السقوف الواطئة ولايمكن عمل نقشة لمحل صغير، كما يتم عملها لقاعة كبيرة أو مبنى بارتفاع عال، فلكل مساحة ديكور مناسبquot;.

ويضيف أن quot;العمل في الاماكن الواسعة وذات الارتفاعات العالية والفضاءات المتداخلة مع السقوف بقدر ما فيه من جهد فإنه في النهاية يكون أكثر متعة للنقاش أو للمصمم نفسه لان المكان يتيح حرية الابداع، والنقش يحتاج الى مساحة واسعة ورؤية من عدة اتجاهات لكي تظهر معالمه وجمالياته على نحو واضح للعيانquot;.

ويشير إلى أن quot;مسألة اختيار الديكور أو النقش المغربي تخضع أيضا لذوق الشخص صاحب المنزل نفسه، وقد تشترك زوجته في الاختيار أو يكون لها رأي مغاير له فالديكور لم يعد كما في السابق مجرد نقشات ترصف على السقف أو الجدران بل اصبح وحدة متكاملة تبدأ من ديكور الجدران ثم السقف وتوزيعات الانارة والستائر والألوان، كما أن صالة الضيوف تختلف عن غرفة الطعام وغرف النوم لها ديكورات وتوزيعات في الانارة تختلف عن غيرها مثلما يختلف ديكور غرفة الاطفال عن الحمامات والمجموعة الصحية، والى ذلك من التفاصيل التي في الغالب يضعها النقاش أو مصمم الديكور بنفسه حين يترك له الخيارquot;.

جبس وفسيفساء واسعار باهظة

يقول النقاش ماجد ابو مصطفى في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; إن quot;عقد التسعينيات شهد البدايات الاولى للديكور المغربي في محافظة واسط وكان عدد العاملين في هذا المجال قليل جدا ولا يتجاوز اصابع اليد الواحدة في حين كان الاقبال عليه ضعيفا، لكن الحالة تغيرت الان واصبح الاقبال لا يتناسب مع عدد الاسطوات بل أن الديكور المغربي صار جزءا مكملا لاي منزل جديد لاغنى عنه أبداquot;.

ويشير إلى أن quot;مادة البورك ( الجبس ) تعد أهم المواد التي يستخدمها النقاش وتستخدم معها الالياف الزجاجية وبالاستعانة بقوالب تصنع من مواد مختلفة بضمنها البلاستك الخفيف وهناك قوالب خشبية ايطالية أو المانية المنشأ ويعتمد على طرائق عملية مختلفة في اخراج النقشات المغربية التي تتم من خلال القالب وتكون بطول متر واحد وعرض 30 سم ويتم لصقها وتثبيتها واحدة بجانب الاخرى في زوايا الغرف وعلى امتداد الجدران بارتفاع اقل من السقف بمسافة قليلة. وقد تؤطر بسحبة ذات ابعاد مختلفة تصنع من الجبس ايضا ويختار النقاش الالوان المناسبة لاجل اظهار النقشةquot;.

ويوضح أبو مصطفى إن quot;النقش المغربي تطور كثيرا واصبحت الديكورات تتم من خلال استخدام المرايا والزجاج والاصواف المزججة، فالديكور تحول من الجبس الى الفسيفساء وقد يعتمد النقاش كتابة الآيات القرأنية أو الادعية أو اي كتابات يطلبها صاحب المنزل وكل نوع من تلك الانواع له اسعارهquot; ويبين أن quot;تكاليف الديكور حاليا مرتفعة وفي بعض المنازل يصل مبلغ الديكور وحدة نحو عشرين مليون دينار أو اكثر، وقد لايتعدى المليون دينار احياناquot;.