صلاح حسن من لاهاي: للتعرف على الطقوس التي يمارسها الأوربيون والهولنديون من بين هؤلاء الناس في عيد الميلاد المجيد قررنا أن نتصل بمعارفنا الهولنديين في مدينة لاهاي من اجل معرفة أدق التفاصيل حول هذه الطقوس التي تحولت بمرور الوقت إلى مناسبات للفرح ولم الشمل والاحتفاء بالعائلة التي لا تجتمع ألا مرة في السنة في عيد الميلاد والسنة الجديدة. قلنا لأصدقائنا هؤلاء إننا نريد أن نعرف الاستعدادات التي تسبق الاحتفال ومن ثم سيكون لدينا الوقت الكافي لرؤية التفاصيل لكن قبل ذلك نود معرفة المدعوين وكم سيكون عددهم. تتألف العائلة من الأم والابن والابنة وأولاد الابن وهم ثلاثة بالإضافة إلى أمهم وبذلك يكون العدد سبعة وهو أمر معقول بالنسبة للعوائل الأوربية التي لا تنجب الكثير من الأطفال في العادة.


اقترحت الابنة وهي بداية الأربعين خصوصا وان الحفلة ستكون في بيتها أن تطلعنا على الخطة التي تم إعدادها قبل أسبوع أو عشرة أيام من اجل التحضير لهذه المناسبة وقالت أنها اتفقت مع الجميع على أن يكون الاحتفال في بيتها وستقوم هي بأكثر التفاصيل وأهمها الطبخ الذي يحتاج جهدا ووقتا طويلا، وقبل ذلك كله شجرة عيد الميلاد الزاهية وبطاقات التهنئة التي ينبغي ان ترسل للجميع قبل بدء المناسبة. ولان هذه العائلة غير متدينة ولا يذهب أفرادها الى الكنيسة مع أنهم يحبون السيد المسيح ومن طبقة متوسطة الحال فأنهم في ما يتعلق بالهدايا التي سوف تقدم في هذه المناسبة يسأل بعضهم البعض عن الأشياء التي يحبون الحصول عليها او إن صح القول الأشياء التي يحتاجونها. لذلك قامت بالاتصال بأفراد العائلة وطلبت منهم ان يحدد كل شخص الحاجة التي يريدها، بالمقابل طلبت هي منهم ان يحضروا لها بعض الأشياء التي ترغب في الحصول عليها مع الأخذ بنظر الاعتبار أسعار هذه الحاجيات التي لا ينبغي أن تكون غالية الثمن.


بين السادسة والسادسة والنصف وصل أفراد العائلة وهم يحملون الهدايا المغلفة بأوراق براقة وبعض الأكياس التي احتوت على طعام ومشروبات وقد تبادلوا القبل والتهنئة ثم تناولوا القهوة، أما الأطفال الثلاثة فقد تناولوا العصير وبعض قطع الكيك. وكما هي العادة جرت الأحاديث عن الطقس البارد أولا وهو مفتتح كل حديث عند الهولنديين ثم الصحة والعمل والوضع الاقتصادي المنهار. بعد تناول القهوة تسأل الفتاة اذا كان الآخرون يريدون تناول الطعام فتنهض الأم الى المطبخ لتساعد ابنتها على تحضير الوجبة والصحون والملاعق دلالة على البدء بتناول الطعام. كل شيء جاهز ألان والكؤوس ملئت بالبيرة والنبيذ الأحمر والأبيض وعلى الجميع ان يتناولوا جرعة قبل البدء بتناول الطعام مع تمنيات بعام جديد مليء بالمحبة والصحة والسلام.


يستمر تناول الطعام نصف ساعة او اقل تدور خلاله أحاديث عن كل شيء بما فيها كما قلنا في البداية عن الطقس في الأيام القادمة، ثم استذكار السنة الماضية التي لم تتساقط فيها الثلوج ولم تكن باردة الى هذه الدرجة كما هو حال هذه السنة الموشكة على الرحيل. الأطفال الذين تناولوا طعامهم بسرعة يحثون الجدة والعمة على إخراج الهدايا والمفاجآت الجميلة رغم ان الجميع يعرفون ما يختفي تحت هذه الأغلفة البراقة من أشياء يريدون الحصول عليها في أسرع وقت. في هذه اللحظة وبعد الانتهاء من العشاء لابد لهم أولا من تناول القهوة وهو تقليد لا يتنازل عنه الهولنديون مع قطع الحلوى والشوكولاته وفي هذه الأثناء تظهر الهدايا مغلفة ومعها بطاقات جميلة وكلام جميل وينتشر الفرح على الوجوه ثم تبادل القبل دلالة على العرفان بالجميل والمحبة.


دورة أخرى من المشروبات مع تقليب الهدايا أكثر من مرة للتأكد من أنها الهدايا التي كانوا يريدون الحصول عليها بالفعل، الملابس تلبس لكي تقاس حجومها ومدى ملاءمتها للجسد مع أسئلة كثيرة ان كانت بالفعل ملائمة، الأطفال يطلعون أمهم على الهدايا التي حصلوا عليها وينتظرون منها ان تقول لهم أنها حقا هدايا خاصة وجميلة لإرضاء غرورهم الصغير.


الساعة تقترب من العاشرة والجو أصبح باردا جدا والعائلة استمتعت بكل شيء وعليهم الرحيل ألان خصوصا الأطفال الذي ينبغي عليهم ان يكون في الفراش عند الثامنة مساء، ولكن لان هذه الأيام أيام أعياد فيتاح لهم البقاء حتى هذا الوقت المتأخر. الام التي تجاوزت الستين تركب دراجتها الهوائية وتعود الى بيتها والابن الأكبر يجمع أطفاله في سيارته المتواضعة وهو يحضن زوجته ويقبلها في الطريق الى البيت، اما الابنة التي استضافت الحفل فقد بدأت بجمع الصحون في المطبخ دون ان تقوم بغسلها لأنها تريد بعد كل هذا العناء ان تسترخي وتشاهد فيلما سيعرض بعد قليل. وعيد ميلاد سعيد للجميع.