موسيقى عربية وإمرأة تقود ركب الشعراء نحو دربند
مصايف شمال طهران وجهة الأدباء والعشاق

عبد الرحمن الماجدي من طهران: لا يعير الإيرانيون شأناً كبيراً للعامل الخارجي وهم يتحدثون عمن سيرشحونه للفوز بانتخابات الرئاسة القادمة بعد نحو شهرين. فالتركيز ينصب حول ما سيقدمه أو قدمه خاصة أن عجلة التنافس باتت تتركز حول الرئيسين السابق محمد خاتمي والحالي محمود أحمدي نجاد. بل ربما أجّل بعضهم الحديث الى ما بعد أعياد السنة الفارسية التي يجري الاستعداد لها على قدم وساق لدى الايرانيين وتصادف في الحادي والعشرين من شهر آذار القادم وتستمر لأربعة أيام رسميا وشعبيا 13 يوماً حيث تقرأ بهجة العيد وهي تلوح في عيون معظم سكان طهران من الرجال والنساء مثل سميرا التي تعمل سائقة باص صغير أقلت به ضيوف مهرجان الفجر للشعر القادمين من خارج إيران للمشاركة في فعاليات اختتامه التي تقيمها وزارة الثقافة الإيرانية.

فهي تفضل قيادة باصها الذي شغله اليوم في عصر الجمعة عدد من ضيوف المهرجان المتجهين صعودا نحو مرتفعات دربند شمال طهران وسط موسيقى عربية حيناً أو اسبانية ثم إيرانية أطربت الركاب، وهكذا حتى وصلنا بعد اجتياز الاختناقات المرورية في طهران بقيادتها السريعة والماهرة إلى مصيف دربند التي تعني البوابة الموصدة بالفارسية.

قال أحد الشعراء إننا في قصيدة حية فنحن في جمهورية إيران الاسلامية جمع من الرجال تقودنا امرأة بسيارتها لنقضي وقتاً ترفيهياً بين العوائل والعشاق في الأعالي حيث بنى الامراء القاجاريون قصورهم فوق مرتفعاتها التي تحولت الآن إلى مطاعم ومقاه سياحية.

لكن أبيات الجواهري في دربند ضمن قصيدته التي تحمل الاسم نفسه كانت حاضرة بيننا حيث يقول فيها:

نزلنا ففرَّقنا هموماً تجمَّعتْ أبى صفو ' شمرانات ' أن تتجمَّعا
أحتىّ لدى الجنَّاتِ أهفو إليكمُ ويسمعني داعي الصبابة أنْ دعا
رعى الله أُم الحُسن ' دَرْبندَ ' إنَّنا وجدنا بها روضاً من الصفو مُمرِعا

حين وصلنا لوجهتنا التي كانت خارج سياق برنامج المهرجان وجاءت بمبادرة من أحد الشعراء، كانت المقاهي والمطاعم التي تقدم المشويات والفاكهة والجوز المقشر مع الشيشة أو النارجيلة التي هي أحد أساسيات الضيافة في المقاهي والمطاعم هنا، بالمعسل البحريني الذي يفضله معظم الايرانيين.

الجلوس في مقاهي دربند ليس على الكراسي بل يحوي كل مقهى مربعات مفروشة بالسجاد الايراني والوسائد ليجلس رواد المقهى ممدين أرجلهم بلا احذية وسط أحاديث ونظرات تعلو وتهبط بين مربع وآخر، حيث احتل بعض المربعات عاشقان غرقا في احاديث الهمس والنظرات الحالمة.

حين جن الليل جلب معه جيوش برد الجبال الذي زادنا التصاقا بالنراجيل والمشروبات الساخنة وسط خرير المياه التي تمر من تحت الجالسين نازلة من الاعالي محملة بذكريات تأريخية فرحة باحتلال العشاق لقصر صاحبها.

في طريق العودة كانت موسيقى سيارة سميرا وهي تقود ركبنا نحو الفندق هادئة وقد اعارت لاحدنا معطفها حين رأته يرتجف من برد جبال البرز الذي لايرحم القادمين من البلدان الحارة.

شوارع طهران التي لم تعطل حركة التسوق فيها عطلة الجمعة بدت ارصفتها مزدحمة حتى ساعات الليل بالمتسوقين فعيد نوروز على الابواب وعلى الجميع ان يستعد له بما استطاع له سبيلا من زينة وترميم منازل وحفلات زواج وخطوبة، حيث كل شيء مؤجل لما بعد العيد الفارسي بما فيها فورة التنافس الانتخابي بين فريقي الاصلاحيين والمحافظين.

حين سلمنا على سميرا شاكرين لها مرافقتها لنا اتضح أنها شاعرة حينما ودعتنا قائلة يسرني أن استمع لقصائدكم في المهرجان مع انكم لم تسألوني ان كنت شاعرة حيث اكتب الشعر واستلهم من الموسيقى العربية التي اسمعتكم اياها الكثير من قصائدي.

الصور خاصة بـ quot;إيلافquot;