مثلما يمكن أن تنمو الأزهار على كومة من الروث، كذلك واحدة من معظم قصص كرة القدم الحماسية لهذا العام التي بدأت مع اكتئاب أساسي للعبة في أميركا الجنوبية: مشاجرة جماعية التي حدثت في المحطة الأولى من نهائي بطولة بيرو.
__________________________________________________________________________
تم تأسيس نادي سان مارتن، الذي جاء إلى هوانوكو لمواجهة ليون، من قبل جامعة ليما قبل أقل من سبع سنوات، ولديه عدد قليل من المشجعين، إذ أحضر معه في العام الماضي ما مجموعه الكلي 33 من أنصاره لمباراة القمة في ليما ضد سبورتنج كريستال، بالإضافة إلى نميمة الرقص ترتدي ملابس باعتبارها أسنان.
لماذا اسنان؟ لأن معظم المشجعين المفعمين بالحيوية للقاعدة الصغيرة التي تدعم النادي تتكون من طلاب الجامعة الذين يدرسون طب الأسنان!
وعلى رغم عدم وجود الدعم، إلا أن النادي الوليد حديثاً توج بطلاً للدوري في بيرو في عامي 2007 و2008. والآن في عام 2010 اقترب من حصوله على لقبه الثالث عندما واجه ليون، الذي يقع في المرتفعات خلف ليما، والذي لديه أنصار غفيرة، ولكنه من دون ألقاب.
وكانت بطولة بيرو قد مددت في منتصف ستينات القرن الماضي لتشمل أندية من خارج العاصمة.
وشارك ليون في دوري الدرجة الأولى للمرة الأولى عام 1972. ومثل العديد من الأندية المحلية، فإنه كافح من أجل إثبات وجوده.
وبعد غيابه لمدة طويلة عاد إلى الدرجة الأولى مرة أخرى هذا العام، حيث استطاع مدربه المهاجم الدولي السابق فرانكو نافارو من جمع تشكيلة من اللاعبين ذوي الخبرة للمرة الأولى في تاريخ النادي، وكاد أن يصبح بطلاً وطنياً.
وكانت أعصاب الناديين متوترة عندما استضاف ليون المباراة النهائية الأولى.
وعندما اشتبك كريستيان راموس ظهير وسط سان مارتن المتألق مع البرازيلي رونيالي كالهيرا مهاجم ليون، فقد كان حافزاً لمواجهة ضخمة، وأصبح الميدان تصفية لحسابات بين أعضاء الفريقين وحتى اللاعبين على مقاعد البدلاء دخلوا إلى الملعب وشاركوا في الاشتباكات. واحتاج الحكم مانويل غاراي إلى بعض الوقت لإستعادة النظام وطرد أربعة لاعبين.
وكان واحداً من اللاعبين المطرودين غوستافو روداس (24 عاماً) المهاجم الأرجنتين وصانع ألعاب ليون الذي كان نجماً رائعاً لمنتخب بلاده تحت الـ17 عاماً، وبرز مع نادي نيولز أولد بويز للمرة الأولى وهو في السادسة عشر.
وربما مر كل ذلك على وتيرة متسارعة، فبعد مرور سنوات عدة لم ينجح روداس من أن يكون له تأثيراً الذي كان متوقعاً منه على اللعبة، فرحل إلى كولومبيا ثم إلى بيرو. وأخيراً استطاع أن يتألق مع ليون في هذا العام.
وللمرة الأولى في حياته كانت لروداس طول الباع في بطولة كبرى، حتى أن بعضهم صنفه على أنه أفضل لاعب في الدوري في بيرو. مسجلاً أهدافاً ومساعداً في تسجيل أخرى، فيما ناديه يتمتع بأفضل حملة له في الدوري من أي وقت مضى.
وكان من شأن البطاقة الحمراء أن تحكم على صانع الألعاب المهاجم ان يكون بعيداً عن المباراة النهائية الثانية والحاسمة، إلا أنه من الغريب جداً ارجئ تنفيذ عقوبة التعليق.
إذ قررت رابطة الأندية المحترفة، التي تنظم دوري بيرو، تبرئة روداس من العقوبة ndash; فقط روداس ndash; وقيل للاعبين الثلاث الذين تم طردهم في المباراة الأولى، ان عليهم أن ينفذوا عقوبة التوقيف. وكان هذا القرار غير عادياً مع عدم وجود مبرر له، خصوصاً أن الحكم ذكر في تقريره الرسمي أن روداس كان يوجه اللكمات تلو الأخرى ضد خصومه لذا قرر طرده.
ومع ذلك، فإنه بالكاد لدى سان مارتن أي أنصار، فحتى في مباراة الاياب كان لدى ليون مشجعين أكثر بكثير منه في الملعب والذين نزلوا من الجبال لنصرة فريقهم في يومه الكبير. وكانت لديهم الآن فرصة لمشاهدة مواهب لاعب خط الوسط المتميز.
وبما أن المباراة الأولى انتهت بالتعادل 1-1 فكان على روداس أن يقدم مساهمة حيوية في المباراة الثانية. ففي البداية كان المدرب فرانكو نافارو سعيداً من قرارالرابطة كونه سيكون قادراً على الاعتماد على صانع الألعاب. ولكن كلما كانت الساعة تقترب من موعد انطلاق المباراة الكبرى، كان عدم استقراره يتزايد أكثر فأكثر. فقد سُمح لروداس أن يشارك في هذه المباراة، ولكن هل كان القرار صحيحاً من الناحية الأخلاقية؟ بالتأكيد لا. تم طرده من المباراة وعليه ان يخدم فترة ايقافه
جمع نافارو لاعبيه وأقنعهم أن نهج عمله يجب أن يكون صائباً، وقال لهم إن روداس سوف لن يلعب في مباراة الاياب وحتى لا يمكن أن يكون على مقاعد البدلاء، وعليهم أن يفوزوا بأول لقب لهم من دونه. ولكنهم فشلوا. وفاز سان مارتن في المباراة 2-1 ليؤمن اللقب للمرة الثالثة.
ولكن المدرب المنتصر انيبال رويز وضع النتيجة في المنظور، فهو واحد من الرجال القدماء الكبيرين في اللعبة، إذ قاد المدرب من أوروغواي منتخب باراغواي إلى نهائيات كأس العالم 2006.
ولا يوجد أي شيء في كرة القدم الأميركية الجنوبية لم يشارك فيه. ولكنه كان متأثراً حقاً بسبب ما حدث في المباراة النهائية الثانية إذ قال: quot;كنت أريد أن ألفت الانتباه إلى شيء الذي هو أكثر أهمية من نتيجة المباراة. كان عليّ أن أسلط الأضواء على لفتة فرانكو نافارو الذي رفع سمعة كرة القدم في بيرو واعطى الشهامة لمهنتناquot;.
وبالتأكيد كانت لنافارو المقدرة لتذّكر بواحدة من الحقائق الكبيرة في كرة القدم، وهو أمر أساسي في جوهر اللعبة الذي تم نسيانه بسهولة مثيرة للقلق. فكرة القدم ليست فقط حول ما تفعله، ولكن حول كيفية القيام بذلك.
ليون دي هوانوكو خسر نهائي بطولة بيرو، ولكنه فاز بالكثير من المعجبين. وفي وقت مبكر من العام المقبل سيشارك للمرة الأولى في كأس ليبرتادوريس ndash; دوري أبطال أندية أميركا الجنوبية ndash; وهناك الكثير ممن يتمنون له حظاً سعيداً.
التعليقات